تمد الجزائر منذ ربع قرن اسبانيا بمليارات مكعبة من الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب يعبر المغرب، لكن هذا العقد مهدد بسبب التوترات بين الجارتين.
لمّحت الجزائر إلى امكانية وقف عمليات الضخ مع انتهاء صلاحية العقد في 31 تشرين الأول/أكتوبر ما يهدد بقطع الامدادات إلى إسبانيا مع حلول فصل الشتاء وارتفاع أسعار هذه المادة في أنحاء أوروبا، حسب خبراء.
وبالرغم من تواتر الازمات بين البلدين فان خط الأنابيب التابع للشركة المغاربية الأوروبية الممتد على طول 1400 كلم والذي يربط حقول الجزائر أول دولة مصدرة للغاز في افريقيا بشبه الجزيرة الإيبيرية، تمكن من ضخ 12 ملياراً من الأمتار المكعبة سنويا.
تم تدشين العقد بين الطرفين في العام 1996 ورُسم مسار الأنابيب على الأراضي المغربية بقرار من الرئيس الجزائري الأسبق الشاذلي بن جديد ليكون ذلك حجر الأساس لمستقبل اتحاد المغرب العربي.
ويعتبر الخبير الجيوسياسي في منطقة المغرب العربي جوزف بورتر أنه “من غير المتوقع ان يتم تمديد العقد إلى ما بعد 31 تشرين الأول/أكتوبر. من الصعب تصوّر منهج للمفاوضات مع غياب القنوات الدبلوماسية بين الرباط والجزائر”.
وقطعت الجزائر في 24 آب/أغسطس الفائت العلاقات الدبلوماسية مع المغرب متهمة المملكة بارتكاب “أعمال عدائية” واعتبرت الرباط القرار “غير مبرر”.
– “الخاسرون الكبار” –
بدأت الأزمة اثر تطبيع العلاقات بين المغرب واسرائيل في مقابل اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية. بينما تردد الجزائر التي تدعم الصحراويين في جبهة بوليساريو، باستمرار دعمها المتواصل “للقضية الفلسطينية”.
ويقدر خبراء أن خط الأنابيب للشركة المغاربية الأوروبية يصب في صالح الجارتين.
تتمكن الجزائر من نقل حوالي نصف صادراتها نحو اسبانيا والبرتغال مقابل تعرفة منخفضة.
وفي المقابل، تأخذ الرباط حصة من الغاز الطبيعي تقدر بمليار متر مكعب ما يمثل 97% من احتياجاتها وفقا لبورتر.
وقرّرت الجزائر اختيار الطريق التي تعتبرها الأكثر ايلاما للمغرب وهي العائدات المالية.
لكن “للجزائر التزامات (تجاه إسبانيا والبرتغال) ولا يمكنها التخلي هذه المداخيل الدولية لعقودها”، حسب المحلل روبرت كارفالو.
لو تخلت الجزائر عن خط الأنابيب هذا “ستكون الخاسر الأكبر”، حسب خبير مغربي في الطاقة فضل عدم الكشف عن هويته واعتبر أن الجزائر “مهددة بخسارة مليارات الدولارات”.
ومكن هذا الخط المغرب في العام الفائت من جمع 50 مليون دولار حسب الخبير المغربي.
ولو تخلت الجزائر عن هذا المشروع أمام الجزائر خياران لكل منها سلبيات.
يتمثل الخيار الأول في أن يربط خط الأنابيب البحري مدغاز منذ العام 2011 الغاز الجزائري باسبانيا، لكن طاقته القصوى تبلغ 8 مليارات متر مكعب في السنة ما يمثل نصف الصادرات الجزائرية السنوية نحو إسبانيا والبرتغال.
وقرّرت كل من الشركة الجزائري “سوناطراك” التابعة للدولة وشريكها الاسباني “ناتورجي” رفع طاقة الانتاج إلى 10 مليارات متر مكعب في العام لكن يبقى ذلك غير كاف.
– “سلاح اقتصادي” –
أما الخيار الثاني، فيتمثل في تكثيف ارسال الغاز السائل عبر القنوات البحرية لكن “هذا غير مجد اقتصاديا”، وفقا لبورتر.
ويتابع “لحرمان المغرب من مصدره الأساسي للتزود بالغاز، ستخسر الجزائر مستقبلا جزءا كبيرا من عائداتها المالية من تصدير الغاز”.
كما يرى الخبير أن المغرب التي تستفيد من الغاز العابر لأراضيها لتشغيل مولدات حرارية لانتاج 10 في المئة على الأقل من الطاقة الكهربائية، يمكن ان تشهد وارداتها من الفحم ارتفاعا.
وقد يتسبب توقف الأنابيب باضطرابات في إمدادات إسبانيا.
منحت الجزائر “ضمانات” للاسبان حسب مدريد من أجل “أن لا تتأثر عمليات التزويد من الجزائر” بسبب الأزمة مع الرباط.
ويرى الخبير كارفالو أنه “على المدى الطويل، فإن توظيف الغاز كسلاح اقتصادي ليس بالمعادلة الجيدة بالنسبة للجزائر” لأن إسبانيا قد تحاول خفض اعتمادها على الجزائر وتنويع مصادرها