إصلاح النظام الضريبي على رأس التحديات أمام حكومة أخنوش

ماموني

يرجح الخبراء أن تواجه الحكومة المغربية الجديدة معركة مفصلية مهمة في طريق تجسيد خطط الإصلاح الاقتصادي واقعيا والتي تتمثل في مسألة الإسراع في تعديل أوتار المنظومة الضريبية، التي باتت أحد الملفات المستعجلة الموضوعة على الطاولة لكي يتم تعزيز الإيرادات وفي نفس الوقت إحلال العدالة الجبائية ودون التأثير على المستثمرين.

يبرز اتجاه رسمي مع قرب الإعلان عن تشكيلة الحكومة المغربية الجديدة برئاسة عزيز أخنوش لإعادة النظر في النظام الضريبي القديم بناء على توصيات قدمتها استشارة وطنية أجريت في مايو 2019.

وناقشت تلك الاستشارة التأكيد على حيادية ضريبة القيمة المضافة والتدرج الضريبي، إضافة إلى تجميع الضرائب المحلية والرسوم شبه الضريبية في قانون واحد.

ويشمل الإصلاح مراجعة ضريبة الدخل وتوسيع قاعدة ضرائب الدخول المهنية، من أجل دعم ذوي الدخول المنخفضة والطبقات المتوسطة.

ويشكل هذا الباب من الملفات الهامة التي ستعالجها حكومة أخنوش مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية، للوصول إلى نظام ضريبي أكثر تماسكا وفعالية وتنافسية وشفافية، لتحقيق التنمية الشاملة.

وعلى اعتبار أن البرنامج الانتخابي للأحزاب المشاركة في الحكومة جعل من تحقيق أهداف النموذج التنموي الجديد أولوية الحكومة، فهذا يعني حسب خبراء الاقتصاد أن الإصلاح الضريبي سيكون منسجما مع تعزيز الإمكانات الجبائية الكاملة للاقتصاد المحلي.

إدريس الفينة: المغرب يحتاج إلى رؤية ضريبية متكاملة تكون مستقرة ومستدامة

ويعتقد إدريس الفينة الأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي أن المغرب يحتاج لرؤية ضريبية متكاملة “سواء أردنا أن تقوم الدولة بكل شيء عوض القطاع الخاص، أو أردنا تحفيز المستثمرين المحليين والأجانب لكي يستثمروا في مجالات اقتصادية متعددة”.

وكل هذا يتطلب، حسب المحلل الاقتصادي توفير سياسة ضريبية مستقرة ودائمة ومنتجة تسمح بخلق دينامية تنموية مستمرة ومن جعل القطاع الخاص الفاعل الأساسي في هذه التنمية.

والمطلوب من الحكومة الجديدة النظر في إخضاع كل قطاع أو نشاط لنظام الضرائب لأن المبدأ يستوجب على جميع دافعي الضرائب تقديم تصريحاتهم، حتى وإن كانوا معفيين أو خاضعين لمستوى صفر من الضريبة.

وتراجع إجمالي عائدات الضرائب للعام الماضي بواقع 5.4 في المئة لتبلغ نحو 144.8 مليار درهم (16.2 مليار دولار) رغم الأزمة الصحية.

وحسب خبراء في الاقتصاد، يشكل مشروع قانون الإصلاح الضريبي الذي تمت المصادقة عليه أداة لإرساء علاقة جيدة بين الإدارة الضريبية ودافعي الضرائب والمساهمة في تعزيز القدرة التمويلية للدولة للقطاعات ذات الأولوية.

ويحتاج مشروع الحماية الاجتماعية والنموذج التنموي الجديد إلى تمويلات كبرى سيتم توفير قسط مهم منها بواسطة العائدات الضريبية.

ومن المفترض أن تعكف الحكومة الجديدة على التعامل مع سلبيات الاقتصاد غير المهيكل الذي ظل يستفيد بطريقة غير مباشرة من التهرب الضريبي ولا يؤدي دورا فعالا في الاقتصاد المحلي.

وسيمكن مبدأ الحياد والعدالة الضريبيين من تعزيز إمكانيات الدولة بنسبة تناهز 20 في المئة، مما سيتيح التوفر على قدرات لتمويل القطاعات الاجتماعية كالصحة والتعليم.

وقدمت الحكومة مشروع قانون يحدد المبادئ الأساسية للإصلاح الجبائي والأهداف التي يراد بلوغها، علما أنّ مشروع القانون سيعرض على البرلمان من أجل المصادقة عليه.

وأكد وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة في الحكومة المنتهية ولايتها محمد بنشعون أنّ الإصلاح يراد منه تقوية الحقوق الأساسية، من خلال اعتماد نظام جبائي يقوم على احترام مساواة الجميع أمام الضريبة، وعلى الإنصاف الجبائي، والحق في المعلومة، وضمان حقوق الخاضعين للضرائب والإدارة.

وتعرف الوضعية المالية الحالية بالمغرب صعوبات كبيرة بسبب أثر الجائحة على جل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، مبينا أن الموارد العمومية لم تعد تكفي لمواجهة التكاليف العمومية المتزايدة.

وتبحث الدولة في إمكانية الرفع من إيراداتها الضريبية للتخفيف من اللجوء للاستدانة من السوقين المحلية والخارجية، والتي ارتفعت مع تمدد جائحة كورونا وتأثيراتها على الاقتصاد.

وأكد الخبير الاقتصادي عبداللطيف بروحو أن المالية العمومية تحتاج إلى جيل جديد من الإصلاحات ولمنظومة ضريبية جديدة، يتم إرسائها تدريجيا على خمس سنوات أو أكثر، والتي من شأنها توسيع القاعدة الضريبية وتخفيف الضغط على الشركات لتحقيق مردودية اقتصادية للضريبة، ومردودية مالية خلال المدى المتوسط لمنع انهيار المالية العمومية.

وكانت الاستشارة الوطنية الثالثة حول الجبايات في المغرب قبل عامين تهدف لإصلاح النظام الضريبي ليصبح أداة تدعم تحقيق العدالة الجبائية والوصول إلى نظام يترجم تطلعات الدولة والمواطنين.

عبداللطيف بروحو: لتحقيق الهدف يمكن تغيير المنظومة وفق خطة تمتد على 5 سنوات

وذهب المشاركون في المناظرة إلى أن الضغط يقع على فئات معينة من الملزمين عبر الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة، ما دفع إلى الاتفاق خلال المناظرة على أنّه يجب أن يساهم الجميع في المجهود الجبائي للدولة، مؤكدين على ضرورة تعويض التحفيزات الجبائية بمُنح موازنة.

ولهذا أكد بنشعبون قبل شهرين على حماية الخاضعين للضريبة من أيّ شطط في تأويل النصوص القانونية من طرف الإدارة الجبائية، وتعزيز علاقة الثقة بين هذه الأخيرة ودافعي الضرائب، وتمكين الطرفين من حق الطعن، وضمان استقلال الهيئات الجبائية المخصصة لذلك، بالإضافة إلى تأسيس مرصد وطني للجبايات.

واعتبر الفينة أن كل سنة يتم اقتحام عدد من الإجراءات الضريبية الجديدة بمناسبة تقديم القوانين المالية من أجل الرفع من المداخيل الضريبية لمواجهة كلفة الادارة المتزايدة والتدخلات غير المبررة في عدد من القطاعات عوض تركها للمبادرة الخاصة أو وضع شروط تسريع خلق المزيد من الثروة.

وأوضح أن كل الدراسات والتحليلات تؤكد أن رفع الضغط الضريبي لن يعمل على تبطيء الوتيرة الاقتصادية على المدى البعيد.

ويشدد المسؤولون في وزارة المالية على التوجه نحو إقامة نظام جبائي يكون في خدمة التنافسية والابتكار وتوفير فرص عمل وتعبئة كلّ الإمكانات الضريبية قصد ضمان تمويل أفضل للسياسات العمومية.

وأفاد هؤلاء بتوجيه النظام الضريبي نحو تعزيز التضامن، لاسيما تمويل شبكات الحماية الاجتماعية، كالتغطية الصحية والتعويضات العائلية، وكذلك الحد من الفوارق الاجتماعية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: