معارضة قوية في انتظار الحكومة المغربية الجديدة

ماموني

اختار حزب الاتحاد الاشتراكي في المغرب الانضمام إلى صفوف المعارضة برفضه المشاركة في الحكومة الجديدة، فيما يؤكد المتابعون أن حكومة عزيز أخنوش ستواجه معارضة قوية ستراقبها وتختبر مدى التزامها بوعودها الانتخابية تجاه المواطن.

حسم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية موقفه باختياره عدم الانضمام إلى الأغلبية الحكومية، ليتحول بذلك الحزب (35 مقعدا) إلى القوة المعارضة الأولى بمجلس النواب المغربي.

وأعلن الاتحاد الاشتراكي أنه سيمارس معارضة سياسية واقتصادية واجتماعية إزاء الحكومة الجديدة برئاسة عزيز أخنوش، وأنه سيختبر مدى وفائها بالتزاماتها ووعودها تجاه المواطن المغربي الذي يتطلع إلى تحسين أوضاعه المعيشية.

وأوضح الحزب أن “مسار مشاورات تشكيل الحكومة لم يكن يعني توقيع شيك على بياض، ولا القبول بأي عرض كما اتفق، ولا أن يسكت على ما قد يعتبره خروجا عن الروح الديمقراطية وعن الأفق التشاركي الذي تقتضيه المرحلة”.

حمزة أندلوسي: المعارضة ستكون قوية، كما أن جل أحزابها لها تجربة

وبخصوص موقع الحزب في المرحلة المقبلة أكد قياديون بالاتحاد الاشتراكي أن حزبهم ستكون له خطة منهجية في الدفاع عن المواطن المغربي سواء الطبقات المحرومة والتي تضررت من قرارات الحكومات السابقة، أو الطبقة الوسطى التي تضررت هي الأخرى.

واعتبر هؤلاء أن حزب الاتحاد الاشتراكي سيكون على مقربة من نبض المواطن وسيتتبع قرارات الحكومة وعملها بالمراقبة والنقد، ومتابعة كافة الالتزامات التي جاءت في برامج أحزاب التحالف الثلاثة أو تلك المسطرة في البرنامج الحكومي.

ويعتبر الاتحاد الاشتراكي النواة الأساسية للمعارضة المنظمة داخل مجلس النواب. ويشير الباحث في القانون العام والعلوم السياسية حمزة أندلوسي إلى “أن الحزب في حاجة ماسة للرجوع إلى المعارضة من أجل إعادة قوته والحصول على مقاعد إضافية في الاستحقاقات المقبلة تمكنه بكل أريحية من التموقع في الأغلبية”.

وتوقع مراقبون أن يكون هناك تحالف ظرفي بين الأحزاب التي رأت أن تصطف في المعارضة منها حزب التقدم والاشتراكي (21 مقعدا) في وقت سيكون كل من الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري في مقاعد الدعم غير المباشر للحكومة رغم عدم مشاركتهما فيها.

ويتحدث الفصل 60 من الدستور المغربي على أن المعارضة مكون أساسي في البرلمان وتشارك في وظيفة التشريع والمراقبة، ولها الحق في رئاسة اللجنة الدائمة المكلفة بالتشريع بمجلس النواب ولا يحق للأغلبية أن تترأس هذه اللجنة، وأيضا لها امتياز رئاسة اللجان المؤقتة من بينها لجان تقصي الحقائق واللجان الاستطلاعية إضافة إلى رئاسة لجنة مراقبة صرف الميزانية.

وبالرجوع إلى نتائج الانتخابات الأخيرة، نجد أن الناخب بوّأ ثلاثة أحزاب سياسية المراكز الأولى بفارق يتجاوز 40 مقعدا عن المرتّب في الصف الرابع أي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وما تلاه من أحزاب وعند احتساب مقاعد الأحزاب الثلاثة الأولى نجدها حصلت على 270 مقعدا.

وكبداية لعمله بالمعارضة اعتبر رئيس الاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر أن المصلحة الوطنية والحزبية وحماية آمال الناخبات والناخبين الذين منحوا ثقتهم للحزب، تقتضيان أن يكون الاتحاد الاشتراكي في معارضة الحكومة التي سيتم تشكيلها، باعتبار المقدمات التي تفصح عن اتجاه نحو الهيمنة القسرية وفرض الأمر الواقع.

وفي ما يتعلق بالجمع ما بين المال والسلطة أوضح لشكر “فليجتمع المال والسلطة لكن يجب أن نكون جميعنا تحت سيادة القانون التي هي وحدها يمكن أن توقف كل شخص اعتدى على القانون”.

وأضاف لشكر “اليوم اخترنا المعارضة، وسنبدأ من الحرص على سيادة القانون، وأي تجاوز للقانون سنعتبره من الملفات الأساسية وسنتصدى له بقوة كحزب ديمقراطي وحداثي”.

إدريس لشكر: اليوم اخترنا المعارضة، وسنبدأ من الحرص على سيادة القانون

وبالرجوع إلى دستور 2011 ولاسيما في فصله العاشر، نجده مكّن المعارضة من صلاحيات مهمة في العمل البرلماني تؤهلها للمساهمة في التشريع ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية بما أوتيت من قوة سياسية في الميدان السياسي.

وكلما كان موقع المعارضة قويا عدديا ونوعيا، كلما أعطت حيوية للعمل التشريعي والرقابي داخل البرلمان، وهذا ما يجعل المؤسسة التشريعية لها مكانتها داخل النسيج السياسي المغربي، وهنا يرى مراقبون أن وجود كل من حزب الاستقلال والأصالة والمعاصرة في التحالف الحكومي الذي يقوده التجمع الوطني للأحرار ستكون نتيجته معارضة هزيلة وضعيفة ولا تحقق المطلوب منها دستوريا وسياسيا.

وبرأي أندلوسي فإن الأمر يقتضي اصطفاف باقي الأحزاب الممثلة في البرلمان في المعارضة لضمان التوازن بين الأغلبية والمعارضة ومواصلة النقاش الساخن داخل القبة البرلمانية، مستدركا أن “مستجد الساحة السياسية لهذه السنة هو رغبة الجميع في الانضمام إلى الأغلبية باستثناء أحزاب التقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية والاشتراكي الموحد وتحالف اليسار الفيدرالي”.

وعبّر أندلوسي عن اعتقاده أن المعارضة ستكون قوية خصوصا وأن جل أحزابها لها تجربة حكومية وخبرة إدارية واسعة مما لاشك فيه ستمكنها من الحصول على معطيات من شأنها تعزيز مكانة المعارضة البرلمانية، وإعادة هيكلة أحزابها لتتبوأ مراكز متقدمة بمقاعد مهمة في الانتخابات التشريعية لسنة 2026.

ويبدو أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سيكون مركزا على عمل وزراء الأصالة والمعاصرة بشكل خاص، إذ سبق للحزب أن رفض المشاركة مع الأصالة والمعاصرة في أي تحالف حكومي.

وبعد حصول الأصالة والمعاصرة على امتياز المشاركة في الحكومة تساءل لشكر “مع من سنتصارع اليوم، هل مع من ليس له برنامج واضح أو ثابث؟ هل نتصارع مع هذا المتحول والمتحور؟”.

وخلص الباحث المغربي إلى أن مسألة رفض  حزب الاتحاد الاشتراكي مشاركة حزب الأصالة والمعاصرة هي مسألة مرتبطة فقط بالمناصب والمكاسب السياسية، لأنه في حال اصطف الحزب مع المعارضة سيتمكن الاتحاد من نيل مناصب مهمة في الحكومة كما في مجلس النواب، أي رئاسة المجلس مجددا على غرار الولاية السابقة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: