اسبانيا تؤكد في الأمم المتحدة موقفها من الصحراء واللقاء بين وزيري خارجية مدريد والرباط لم يحصل

مجدوبي

أكد رئيس حكومة إسبانيا بيدرو سانتيش على دعم مساعي الأمم المتحدة في إيجاد حل لنزاع الصحراء المغربية، وتفادى تأكيد هل هو الذي رخص بدخول زعيم البوليساريو إبراهيم غالي إلى إسبانيا للعلاج من كوفيد-19 وهو القرار الذي خلف أزمة عميقة مع المغرب مازالت مستمرة حتى الآن. ولم يحدث اللقاء الذي كان مرتقباً بين وزيري خارجيتي البلدين وكان الرهان كبيراً عليه لبدء صفحة جديدة.

اسبانيا تؤيد الأمم المتحدة

يعد نزاع الصحراء المغربية الملف الشائك بين الرباط ومدريد منذ عقود، وتسبب في عدد من الأزمات آخرها الأزمة الحالية التي اندلعت خلال دجنبر الماضي في صمت وانفجرت بداية الصيف. وكانت البداية مع قرار مدريد معارضة موقف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الاعتراف بالسيادة المغربية ونسقت مع ألمانيا للحيلولة دون صدور موقف أوروبي إيجابي لصالح الرباط. ثم تفاقمت الأزمة مع استقبال مدريد زعيم البوليساريو إبراهيم غالي خلال أبريل الماضي للعلاج، وكان الرد المغربي بسحب السفيرة كريمة بنعيش، وجعل العلاقات الثنائية تدخل مرحلة من الجمود السياسي والدبلوماسي، حيث توقفت الزيارات الثنائية.
وكان المغرب قد اشترط على إسبانيا ضرورة تفهم مواقفه والميل إلى الحكم الذاتي حلاً لنزاع الصحراء. وترفض إسبانيا الشرط المغربي وتؤكد كلما سنحت لها الفرصة، دعم مساعي الأمم المتحدة. في هذا الصدد، تناول رئيس حكومة مدريد الاشتراكي بيدرو سانتيش، مساء الأربعاء من الأسبوع الماضي، أمام أشغال الدورة 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة، ليجدد موقف إسبانيا من هذا النزاع، حيث جاء في خطابه: “من الضروري التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين حول الصحراء الغربية كما تنص على ذلك قرارات الأمم المتحدة”. وكان موقف سانتيش منتظراً بحكم تأكيد مدريد في مناسبات متعددة خلال الشهور الأخيرة أنها لم تحِد عن مساعي الأمم المتحدة.
وتفيد مصادر إسبانية بأن بيدرو سانتيش تناول موضوع الصحراء ضمن المباحثات التي أجراها مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وتعد إسبانيا مرجعاً رئيسياً للأمم المتحدة في نزاع الصحراء بحكم أنها كانت قوة استعمارية في المنطقة التي غادرتها سنة 1975، كما أنها تتولى الدعم اللوجيستي مثل طائرة التنقل للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في ملف الصحراء.
وتستمر ملابسات دخول زعيم البوليساريو إبراهيم غالي إلى إسبانيا للعلاج من كوفيد-19 خلال أبريل الماضي موضوع توتر سياسي خاصة بعد قرار القضاء الإسباني استنطاق وزيرة الخارجية السابقة أرانشا غونثالث لايا لمعرفة دورها في الملف، ثم عزم المعارضة اليمينية تحميل المسؤولية إلى رئيس الحكومة سانتيش مباشرة.
وخلال الندوة التي عقدها في مقر الأمم المتحدة بعد خطابه أمام الجمعية العامة، حاصره الصحافيون الإسبان بأسئلة هل هو الذي أصدر قرار الترخيص لزعيم البوليساريو إبراهيم غالي بالدخول إلى إسبانيا دون مراقبة في الحدود”.
وتجنب الحديث عن نفسه أو أي مسؤول حكومي آخر، قائلاً: “لقد توصلنا بطلب إنساني لإنقاذ حياة شخص كان على وشك الموت… لقد قامت حكومة إسبانيا بما كان عليها القيام به، وهو الرد على الطلب الإنساني، واتخذت القرار وفق القانون”.
وتستعرض حكومة مدريد أسباباً قانونية واستراتيجية لمصالح إسبانيا في اتخاذ قرار استقبال زعيم البوليساريو، فمن جهة تؤكد على الطابع الإنساني ولاسيما أن زعيم البوليساريو يحمل الجنسية الإسبانية، ومن جهة أخرى تشدد على أنه تم تلبية طلب الجزائر التي تعد المزود الرئيسي لإسبانيا بالغاز.
وتستمر المعارضة اليمينية الممثلة في الحزب الشعبي في استغلال ملف إبراهيم غالي، حيث طلب الحزب منذ يومين بضرورة مثول وزير الرئاسة فليكس بولانيوس ووزير الخارجية خوسي مانويل ألفاريس في البرلمان لتقديم توضيحات حول الشخصية الحقيقية التي اتخذت قرار دخول زعيم البوليساريو بطريقة غير قانونية للعلاج. وتؤكد الناطقة باسم المعارضة: “نعلم جميعاً أن وزيرة الخارجية السابقة لم تتخذ القرار بنفسها بل توصلت بأوامر، وبالتالي يجب الوصول إلى من صدر عنه القرار”. وهي بهذا تشير إلى مسؤولية رئيس الحكومة بيدرو سانتيش.

قمة ثنائية دون تاريخ

وفي تعليقه على بدء صفحة جديدة من العلاقات بين المغرب وإسبانيا، أوضح بيدرو سانتيش في التصريحات التي نقلتها أوروبا برس: “هناك فرصة كبرى لإرساء العلاقات الطيبة بين إسبانيا والمغرب، ويمكن فعل ذلك بطريقة متينة”. ولم يغامر بإعطاء تاريخ محدد لعقد القمة على مستوى رئيسي حكومتي البلدين، وهي القمة المؤجلة منذ ديسمبر الماضي، وقال: “ننتظر تأسيس الحكومة الجديدة في المغرب”.
وكان مرتقباً حدوث لقاء بين وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة والإسباني خوسي مانويل ألفاريس في نيويورك الأربعاء الماضي على هامش أشغال الجمعية العامة، لكن اللقاء لم يحدث لأن الوزير المغربي لم ينتقل بعد إلى الولايات المتحدة، واقتصرا على مكالمة هاتفية الثلاثاء الماضي دون نتائج تذكر باستثناء الاتفاق على اللقاء مستقبلاً، وفق مصادر دبلوماسية في مدريد. ويعد اللقاء بين الوزيرين مهماً للغاية لأنه سيكون مؤشراً على تسطير أجندة للتفاهم لبدء صفحة جديدة في العلاقات الثنائية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: