هل حان وقت تحرك دولي لتصنيف البوليساريو منظمة إرهابية بعد إنكشاف علاقتها بتنظيم “داعش” والقاعدة

الشايب

من عضو في جبهة البوليساريو إلى صفوف الجماعات الإسلامية التي تشكلت انطلاقا من الجزائر ثم قياديا في حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا التي شارك في إنشاء نواتها الأولى مع الجزائري مختار بلمختار وصولا إلى معاقل القاعدة في غرب إفريقيا كانت سطر عدنان أبو وليد الصحراوي لذي أعلنت باريس اليوم مقتله في غارة فرنسية، مسيرة حافلة بالتطرف بلغت ذروتها في العام الماضي.

وكان الصحراوي يشكل منذ أكثر من سنة ونصف السنة الهدف الرئيسي لباريس وحلفائها في الساحل باعتباره أعتى قادة الجهاديين في المنطقة.

لكن اللافت أكثر أن هذا القيادي الخطير في تنظيم داعش في غرب افريقيا كان من أعضاء جبهة البوليساريو الانفصالية، ما يحيل صلة الجبهة بالإرهاب وهو أمر سبق أن عرضت له تقارير غربية كانت قد أشارت إلى خطر يتشكل في المنطقة بعيد عن الأنظار بينما ترفع الحركة شعارات تقرير المصير وتداري أنشطة مريبة تحت ستار المظلومية لاستقطاب التعاطف الدولي ولتشويه صورة المغرب وتقديمه على أنه بلد ينتهك حقوق الصحراويين.

وقد نجحت الدبلوماسية المغربية الهادئة التي أرساها العاهل المغربي الملك محمد السادس، في تفكيك ادعاءات الجبهة وعزلها إقليميا ودوليا باستثناء اعتراف ودعم جزائري أصبحت أهدافه معلومة.

ويأتي مقتل الصحراوي بينما قبلت الرباط بتعيين ستيفان دي ميستورا المبعوث الأممي السابق إلى سوريا، مبعوثا أمميا خاصا بالصحراء الغربية بعد حالة جمود في ملف النزاع بين الرباط والجبهة الانفصالية على اثر استقالة المبعوث السابق هورست كوهلر في 2019.

وليس ثمة إشارات في الإعلان الفرنسي إلى سجل هذا القيادي السابق في البوليساريو وارتباطاته داخل الجبهة الانفصالية أو معسكراتها التي يصفها خصومها بأنها حاضنة للتطرف أو بيئة خصبة لنشأة التطرف الديني وهي البيئة التي انتجت أمثال أبو وليد الصحراوي.

ويبدو الأمر مفهوما في سياقاته ففرنسا تركز على خلق هالة إعلامية حول مقتل زعيم داعش في الصحراء الكبرى كإنجاز ميداني يعوض باريس عن نكسات أمنية وعسكرية في المنطقة.

وقد سرت منذ اغسطس معلومات حول مقتل زعيم “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” بين ميناكا في شمال شرق مالي والجانب الآخر من الحدود في النيجر وهو ميدان تحركه الرئيسي.

وولد الصحراوي الأربعيني الذي كان يضع عمامة سوداء على ما تظهر الصور القليلة له، في الصحراء المغربية وكان عضوا في جبهة بوليساريو التي تطالب باستقلال تلك المنطقة.

وأمضى جزء من شبابه في الجزائر حيث انضم إلى صفوف الجماعات الإسلامية المسلحة على ما يفيد عدة خبراء وشارك في العام 2011 بتشكيل حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا.

وبرزت هذه الحركة خصوصا من خلال خطف إسبانيين اثنين وإيطالية في أكتوبر 2011 في مخيم للاجئين الصحراويين قرب تندوف في جنوب غرب الجزائر.

وقد طالب عندنان أبو وليد الصحراوي شخصيا يومها بدفع “فدية كبيرة” قدرها 15 مليون يورو لحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا ليفرج عنهم في يوليو 2012.

وكانت حركة التوحيد والجهاد يومها ضمن ائتلاف مرتبط بتنظيم “الدولة الإسلامية في المغرب الإسلامي” الذي سيطر بين مارس وأبريل 2012 على شمال مالي. وكان يومها الناطق باسمه ومقره في غاو المدينة الرئيسية في المنطقة حيث عرف بتمسكه بالتطبيق الصارم للشريعة ولا سيما العقاب الجسدي.

وقال أحد مسؤولي هذه المدينة طالبا عدم الكشف عن اسمه “قُطعت أيادي أشخاص متهمين بالسرقة في غاو أكثر من أي مكان آخر بسبب تعليمات أبو وليد”.

وبعد انطلاق عملية سيرفال الفرنسية في 2013 وطردها الجهاديين من المدن والبلدات في شمال مالي اندمجت حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا المهزومة مع جماعة الجزائري مختار بلمختار لتشكيل جماعة المرابطون.

إلا أن عدنان أبو وليد الصحراوي المعروف عنه أنه أكثر تأييدا لعولمة الجهاد من نظرائه في منطقة الساحل، انشق عن جماعة بلمختار المرتبطة بتنظيم القاعدة وأعلن ولاءه لتنظيم الدولة الإسلامية.

وفي 2017 وفيما اندمجت الجماعات المنضوية تحت لواء تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ضمن ما عرف بـ”جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” بقيادة الزعيم المالي من الطوارق إياد اغ غالي، وجه ضربة قوية مع نصب كمين في تونغو تونغو في النيجر قتل فيه أربعة جنود أميركيين وأربعة عسكريين من النيجر.

وتعززت قوة هذه الجماعة في المنطقة المعروفة بـ”المثلث الحدودي” بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو. ونسبت الكثير من الهجمات القاتلة ضد الطوارق إلى تنظيم “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” الذي كان يجند الكثيرين في صفوف شعب الفولاني واتهم بالتدخل عمدا في توترات اتنية.

ويفيد خبراء ومصادر أمنية بأن عدنان أبو وليد الصحراوي كان لديه ميل كبير للتفرد بالقيادة كما كان يظهر لا مبالاة لمقتل مدنيين.

ووصفه مصدر أمني مالي بأنه “القائد المطلق” لتنظيم “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” و”لم يكن يتردد في شن هجمات شخصيا على القوات الأجنبية وقوات النيجر عند الحدود مع مالي”.

وبين نهاية 2019 ويناير 2020 أسفرت سلسلة من الهجمات التي نسبت خصوصا إلى جماعته واستهدفت ثكنات لجنود من النيجر ومالي وبوركينا فاسو في المثلث الحدودي، عن مقتل مئات الأشخاص.

ودفع هذا التصعيد فرنسا ودول الساحل الخمس (موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد) إلى اعتبار تنظيم “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى العدو الأول” الذي ينبغي تركيز الجهود عليه.

ورغم الخسائر التي تكبدها تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، واصل عزمه على فرض تطبيق الشريعة بشكل صارم متهما أحيانا منافسيه بالميوعة في تطبيقها.

وفي مايو خلال السوق الأسبوعية في تين هاما قرب انسونغو (شمال) قطع عناصر من التنظيم في العلن يد وقدم ثلاثة أشخاص اتهموا بأنهم “قطاع طرق”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: