الإمارات تسعى لتحالف بديل لسد فراغ الانسحاب الأميركي من الخليج

مجدي فاطمة الزهراء

أضافت الإمارات بريطانيا إلى حزمة إقليمية ودولية تستهدف سد الفراغ الأمني والاستراتيجي الذي تخلفه الولايات المتحدة في الخليج بعد أن خطت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن خطوات إضافية لتغيير تركيزها عالميا بعيدا عن منطقة الشرق الأوسط وقريبا من الصين. والتقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي برئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون وترافق اللقاء مع إعلانات سياسية واقتصادية إماراتية – بريطانية مشتركة تضمنت تعهدات باستثمارات كبرى.

وذكرت وكالة أنباء الإمارات أن الشيخ محمد بن زايد بحث مع جونسون “علاقات الصداقة والتعاون الاستراتيجي بين دولة الإمارات وبريطانيا، إضافة إلى عدد من القضايا والمستجدات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط”.

خلدون خليفة المبارك: توسعة الشراكة بين لندن وأبوظبي تساهم في دفع عمليات التمويل والابتكار

وجاء لقاء الشيخ محمد بن زايد بجونسون بعد يوم واحد من لقائه بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وأعلن الطرفان التزامهما بتحالف استراتيجي من الواضح أنه من معالم المرحلة القادمة. وعلى عكس الموقف الفرنسي من تحالف المحيطين الهادي والهندي، الذي أعلن عنه الخميس ويضم الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا ويستهدف الصين، تبدو باريس ولندن على وفاق واضح في مسعاهما لضمان أمن الخليج كحليفين موثوقين لدول المنطقة المعتدلة في مواجهة الخطر الإيراني ومخاطر انتشار الصواريخ والمسيرات التي أصبحت تحت سيطرة ميليشيات تدين بالولاء لطهران.

وتمثل الإمارات كقوة سياسية متوازنة وقوة عسكرية ضاربة محور تجميع الحلفاء في منطقة تشهد تصاعدا متزايدا للنفوذ الإيراني من جهة ولحضور قوى متشددة مؤثرة سمحت لها الولايات المتحدة بالتوسع وبأن تصبح قادرة على استعادة المبادرة والتمكن من السيطرة على أفغانستان كما في حالة طالبان.

وتبدو السعودية عضوا طبيعيا في التحالف الصاعد بعمقها الجغرافي وإمكانياتها العسكرية ونفوذها المعنوي، بالإضافة إلى غضب الرياض الكامن من استخفاف إدارة بايدن بمقدرات ومصير المنطقة كما صار واضحا من إلغاء زيارة وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إلى الرياض الأسبوع الماضي وتصريحات لمسؤولين سعوديين من الأسرة المالكة ومن خارجها تعبر عن الامتعاض من سحب صواريخ أميركية مضادة للصواريخ ومن انسحاب أميركي فوضوي من أفغانستان.

ويستفيد التحالف الصاعد من “هدنة” مع قطر أعقبت قمة العلا، ومن رسائل تهدئة تتبادلها الإمارات والسعودية مع تركيا، ستمنعان الدوحة وأنقرة من التصعيد الإعلامي ضد التحالف الذي لا بد أن يستثيرهما سياسيا وعمليا.

ولعل أبرز ما يميز التحرك الإماراتي السريع ربط الاقتصادي بالاستراتيجي والأمني مما يضع الدول الغربية الكبرى المعنية أمام التزام متين وطويل الأمد بأمن المنطقة.

عبدالخالق عبدالله: لقاء إماراتي – فرنسي يعمق الشراكة الاستراتيجية

ويجد البريطانيون في زيارة ولي عهد أبوظبي إلى لندن فرصة لبناء علاقات اقتصادية متينة مع الإمارات. ويقول المراقبون إن بريطانيا تستثمر الفجوة بين إدارة بايدن والخليجيين لحل أزمتها ما بعد بريكست، وهو ما يجعل تحمّسها للتحالف الصاعد أمرا مفهوما.

وأعلن صندوق الثروة السيادية لأبوظبي مبادلة أن الإمارات تعتزم استثمار عشرة مليارات جنيه إسترليني (13.8 مليار دولار) في بريطانيا على مدى السنوات الخمس المقبلة في ضوء العلاقات التجارية طويلة الأمد بين البلدين.

وذكر الصندوق أن الاستثمار في صناعات نقل الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا وعلوم الحياة في بريطانيا يمثل توسعا في شراكة الاستثمار السيادي مع مكتب الاستثمار في المملكة المتحدة.

وقال خلدون خليفة المبارك، العضو المنتدب لمبادلة، في بيان “سوف تساهم توسعة شراكة الاستثمار السيادي بين البلدين في دفع عمليات التمويل والابتكار في عدد من القطاعات الحيوية التي تعتبر من أهم ركائز النمو الاقتصادي بالنسبة إلى كلا البلدين”.

ووافق الصندوق في مارس على استثمار 800 مليون جنيه إسترليني في علوم الحياة مع مكتب الاستثمار البريطاني الذي قال إنه يساهم بمبلغ 200 مليون جنيه إسترليني إضافية.

ونقل البيان عن وزير الاستثمار البريطاني جيري غريمستون تأكيده أن الشراكة ستساهم “في إثراء تبادل المعرفة والمهارات والأفكار التي من شأنها تعزيز الرفاهية في البلدين”.

ولا يبحث الإماراتيون عن تدعيم التعاون الثنائي فقط، سواء مع باريس أو مع لندن، وإنما يسعون لأن يكون لهذا التعاون تأثير إيجابي على القضايا الإقليمية، وهو ما عكسه البيان المشترك في ختام الزيارة التي أداها الشيخ محمد بن زايد إلى باريس.

وأكد الجانبان التزامهما القوي بالتغلب على التحديات الإقليمية، وتصميمهما المشترك على مكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب وتعزيز تعاونهما في المجالات الأمنية والدفاعية. كما أعلنا عن إنشاء مجلس أعمال إماراتي – فرنسي لزيادة تنشيط ودعم العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

ووصف المحلل السياسي الإماراتي عبدالخالق عبدالله لقاء الشيخ محمد بن زايد بالرئيس الفرنسي بأنه “لقاء إماراتي – فرنسي مشرق في باريس يعمق شراكة استراتيجية تعمل على امتداد المسافة بين باريس وأبوظبي مرورًا بشرق وغرب البحر المتوسط وأفريقيا شمالًا وجنوبًا”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: