المغرب: مشاورات بين ثلاثة أحزاب لتشكيل مكاتب مجالس الأقاليم… ومرشحو الانتخابات مطالبون بتقديم كشف عن مصاريف حملاتهم الانتخابية
حنان الفاتحي
موازاة مع المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة المقبلة في المغرب، تنسّق الأحزاب الثلاثة متصدرة نتائج الانتخابات المحلية في ما بينها من أجل تشكيل أغلبية في مكاتب المجالس التي تسير المدن والجهات (الأقاليم).
في هذا السياق، يكثف “التجمع الوطني للأحرار” و”الأصالة والمعاصرة” و”الاستقلال” المفاوضات من أجل تقاسم رئاسة المجالس الجهوية الاثني عشر فيما بينها. وأفادت صحيفة “لوماتان” (الصباح، الصادرة باللغة الفرنسية) أمس أن تلك الأحزاب اتفقت على فوز حزب “الأصالة والمعاصرة” برئاسة خمسة أقاليم، مقابل أربعة يرأسها “التجمع” وثلاثة لـ”الاستقلال”.
وخلافاً لما جرى تداوله في الأيام الأخيرة عن الرؤساء الجدد للمجالس الإقليمية، فإنه لم يتحدد شيء بعد، وفق المصدر نفسه، مفسراً ذلك أولاً بأن العملية المؤدية إلى رئاسة هذه المجالس الإقليمية طويلة وتتطلب الامتثال للإجراءات المنصوص عليها في القانون الأساسي المتعلق بالجهات؛ وثانياً لأنه يجب انتظار نتيجة المشاورات بين التشكيلات السياسية التي يعنى ممثلوها المنتخبون بتشكيل الأغلبية داخل المجالس الإقليمية.
وكانت فروع الأحزاب الثلاثة المذكورة في بعض المدن أصدرت بيانات مشتركة تشير إلى الاتفاق على منح رئاسة أقاليم بعينها لأسماء معينة. وفي حالات أخرى، جرى التأكيد على إنشاء آليات للتنسيق من أجل اختيار المرشحين للرئاسة. وهكذا، على سبيل المثال، من خلال بيان مشترك للأحزاب الثلاثة في جهة فاس ـ مكناس، تقرر منح رئاسة الإقليم لمرشح حزب “الاستقلال” مما وضع حداً للشائعات التي تحدثت عن إسنادها إلى امحند العنصر، أمين عام حزب “الحركة الشعبية” علماً بأنه كان رئيساً لمجلس الإقليم نفسه.
وحسب مذكرة وجهتها وزارة الداخلية إلى الولاة والمحافظين، بدأ تقديم الترشيحات لرئاسة مجالس الأقاليم والبلديات السبت المنصرم، ويستمر حتى اليوم الأربعاء. ومن المتوقع أن تنعقد أولى اجتماعات مجالس الأقاليم في 25 سبتمبر. وينص القانون الأساسي المتعلق بالأقاليم على أنه يُنتخب رئيس المجلس ونوابه في جلسة واحدة مقررة لهذا الغرض، خلال خمسة عشر يوماً من انتخاب أعضاء المجلس.
بالإضافة إلى ذلك، يُشترط أن يكون المرشحون لرئاسة مجلس الأقاليم من بين رؤساء القائمة، وأن يكونوا بين أعضاء الأحزاب المصنفة في المراتب الخمس الأولى.
وأفرزت الانتخابات المحلية المتعلقة بالأقاليم تصدر حزب “التجمع الوطني للأحرار” بـ 196 مقعداً، يليه حزب “الاستقلال” بـ144 مقعداً، فيما نال حزب “الأصالة والمعاصرة” 143 مقعداً.
على صعيد انتخابات 8 سبتمبر، أصدرت “فدرالية اليسار الديمقراطي” في المغرب بياناً عبرت فيه عن استيائها من الأجواء التي طبعت الاستحقاقات التشريعية والبلدية والإقليمية. ووصف البيان الذي اطلعت عليه “القدس العربي” تلك الانتخابات بـ”أسوأ انتخابات عرفها المغرب خلال العقدين الأخيرين”، مشيرة إلى أنها “أعادت إلى الأذهان انتخابات نهاية السبعينيات من القرن الماضي، التي شهدت إنشاء الدولة للحزب الإداري الذي مُنحت له حالياً الرتبة الأولى في مجلس النواب والجماعات الترابية (البلديات) بشكل فج ومفضوح”.
وسجل أن “المخزن لم يستوعب الدرس من الحراكات الإقليمية وبالخصوص حركة 20 فبراير، أخذاً بعين الاعتبار هشاشة الوضع الاجتماعي والاستقرار في المغرب، ويكرر الأساليب السلطوية نفسها بإعادة إنتاج استراتيجيات التحكم نفسها في كل المجالات والتي لا تخدم إلا مصالح لوبيات السلطة والمال المتوحشة، والتي لا يهمها إلا الربح على حساب الحاجيات الاجتماعية لأغلبية المواطنين والمواطنات”.
وأعربت الفدرالية عن استنكارها وإدانتها ما وصفته بـ”الخروقات السافرة التي طبعت العملية الانتخابية” مما أفرغها ـ حسب البيان ـ من أي محتوى ديمقراطي في ظل مناخ مأزوم ومحبط بتداعيات جائحة كورونا وضغوط العام الدراسي الجديد على الأغلبية الساحقة من الأسر المغربية. وأضافت الفدرالية أن ذلك الوضع “أتاح للأعيان والفاسدين وناهبي الأموال العمومية تحويل الانتخابات إلى سوق نخاسة، بشراء المرشحين والمصوتين ورؤساء مكاتب التصويت”. وهو ما يؤدي إلى “قتل العمل السياسي المستقل والنزيه وتسييج الحقل السياسي بجدار تداخل السلطة والمال، وجعله حكراً على لوبيات الفساد والاستبداد المستظلة بأحزاب من نفس المرجعية الليبرالية المتوحشة مهما تعددت وتنوعت أسماؤها وشعاراتها الخادعة والمضللة، بهدف نشر الخلط والغموض والتفاهة والتضييق على المعارضة الحقيقية للاختيارات اللاشعبية واللاديمقراطية المفروضة على الشعب المغربي”.
وجددت الفدرالية التأكيد على إرادتها في العمل الجدي والمسؤول لإعادة بناء حركة اليسار والتحضير للمؤتمر الاندماجي بين مكوناتها، وفق قرارات الهيئة التقريرية الأخيرة، بانفتاح على كل قوى اليسار المناضل من أجل تغيير إيجابي لميزان القوى في أفق تحقيق انتقال ديمقراطي حقيقي ووضع حد للاستبداد والفساد وتطهير الحياة السياسية من اللوبيات والمافيات المعرقلة لأي تحول ديمقراطي ولأية تنمية حقيقية. وحصلت “فدرالية اليسار الديمقراطي” على مقعد واحد في الانتخابات التشريعية الأخيرة.
وبعدما جرى الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات بكل أصنافها، التشريعية وانتخابات الجهات وانتخابات البلديات والمقاطعات، سيكون على وكلاء اللوائح المرشحين خلال هذه الانتخابات التصريح بحسابات الحملة الانتخابية التي قاموا بها.
ويتعين على وكلاء اللوائح التصريح بهذه الحسابات خلال ستين يوماً الموالية ليوم إعلان نتائج الانتخابات الرسمية، طبقاً للدستور وقانون مجلس النواب والقانون التعلق بانتخاب أعضاء المجالس المحلي.
وذكّر “المجلس الأعلى للحسابات” وكلاء اللوائح بضرورة تقديم حسابات حملاتهم الانتخابية لدى المجلس نفس داخل الآجال المذكورة، والمحددة بقانون، وفق ما جاء في موقعه الرسمي.
وسيصدر الوكلاء بيانات عن مصادر تمويل الحملة الانتخابية مع جرد جميع المصاريف الانتخابية، وتقديمها للمجلس الأعلى للحسابات.
ولفت المجلس الذي ترأسه زينب العدوي، إلى أنه يتعين على المعنيين بالأمر التسجيل المسبق عبر المنصة الرقمية، التي وضعها المجلس لهذا الغرض، وإدخال المعطيات المتعلقة بمداخيل الحملة الانتخابية ونفقاتها، مع طبع نسخة من حساب الحملة الانتخابية وتوقيعها.
كما يتعين على المعنيين بالأمر حجز موعد عبر الرابط المخصص لذلك، قصد إيداع الحساب المذكور، مرفقاً بالوثائق المثبتة للمصاريف الانتخابية، بكتابة الضبط في المجلس الأعلى للحسابات أو بكتابة الضبط بأحد المجالس الجهوية للحسابات.