النهوض بالاقتصاد أولوية المغرب بعد تجاوز كورونا

حنان الفاتحي

ينظر خبراء بإيجابية إلى الوضع العام في المغرب ويتوقعون أفقا اقتصاديا مشرقا للبلاد خلال السنوات القادمة، مستندين في ذلك إلى عدة مؤشرات في مقدمتها النجاح في السيطرة على فايروس كورونا ما سيسمح باستئناف الاستثمارات سريعا.

لفت تحسن الأوضاع السريع في المغرب انتباه الخبراء الذين يتوقعون أن ينعكس النجاح في محاصرة انتشار فايروس كورونا إيجابا على الوضع الاقتصادي، حيث منحت منظمة “كابيتال إيكونوميكس” التي تتخذ من لندن مقرا لها، درجة أفضل من النجاح التي تأتي مع التأكيد المتفائل على أن الناتج المحلي الإجمالي سينمو بنسبة 9 في المئة هذا العام وبنسبة 3.8 إلى 4 في المئة في 2022 – 2023.

واستندت المنظمة في تقييمها الإيجابي إلى عدد من العوامل بما في ذلك تعامل الدولة مع أزمة كوفيد، والنمو في القطاع الزراعي وقطاع السيارات الضعيف ولكن لا يزال يتمتع بصحة جيدة.

وتحسن وضع الوباء في البلاد بعد ارتفاع حاد في منتصف أغسطس شهد وصول الحالات النشطة إلى ما يقرب من 82 ألف حالة في التاسع عشر من أغسطس كما بلغت الوفيات 127.

وبحلول الأحد، انخفضت هذه الأرقام إلى 33500 و58 على التوالي، في عدد سكان يبلغ 37.4 مليون نسمة.

وسجل المغرب خلال فترة الوباء ما مجموعه 905 ألف حالة إصابة و13500 حالة وفاة. ولوضع هذه الأرقام في إطار مقارنة، سجلت المملكة المتحدة التي يبلغ عدد سكانها 68 مليون نسمة ما مجموعه 7.23 مليون حالة و134000 حالة وفاة.

واستجابت الحكومة للوباء بشكل أقوى من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأخرى (باستثناء دول الخليج) حيث تلقى 50 في المئة من السكان جرعة واحدة على الأقل من سينوفارم أو أسترازينيكا/أكسفورد، وهو عدد يجعلها متقدمة على معظم البلدان الأفريقية. كما تلاحظ كابيتال إيكونوميكس خططا لإنتاج اللقاحات محليا وتم التوصل إلى اتفاقية توريد مع شركة فايزر بيونتيك. وقد بدأ تطعيم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عاما.

عزيز أخنوش ​​​​​​الشخص المناسب لتنفيذ خطط تقوية الاقتصاد المغربي

ومع ذلك، فإن صناعة السياحة في المملكة، والتي ولدت قبل الوباء ما يقرب من 11 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي ووظفت بشكل مباشر نصف مليون عامل، تعرضت لضربة كبيرة. ووفقا لدراسة أجراها صندوق النقد الدولي في أغسطس 2020، كان قطاع السياحة في المملكة رابع أسوأ القطاعات تأثرا على مستوى العالم. ويقال إن الخسائر التي لحقت بالاقتصاد، سواء المباشرة أو غير المباشرة، بلغت 7.2 مليار دولار. لكن الوضع تحسن هذا العام.

وتدخل العاهل المغربي الملك محمد السادس في يونيو وأمر بتخفيض أسعار تذاكر الطيران للمواطنين المغاربة المقيمين بالخارج. كما أشرف على تخفيض أسعار النقل الأخرى، بما في ذلك تأجير السيارات.

ورغم انخفاض أسعار الفنادق في المتوسط ​​بنسبة 30 في المئة، لا تزال قيود السفر التي فرضتها المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي عائقا أمام تزايد أعداد السياح.

كما تشير الأخبار على الصعيد الزراعي إلى تحسن بعد أن عانى المغرب من جفاف حاد في عام 2020. وذكر تقرير لكابيتال إيكونوميكس أنه “بينما اتخذ المغرب خطوات في السنوات الأخيرة لتحويل الزراعة إلى زراعة محاصيل أكثر ملاءمة لمناخه، لا يزال القمح أكبر محصوله. وانخفض إنتاج الحبوب بنسبة 36 في المئة العام الماضي إلى أدنى مستوى له منذ 2007. وتحسنت الظروف الجوية والمفوضية العليا لتخطيط المشاريع التي سترتفع القيمة المضافة الزراعية فيها بنسبة 19.1 في المئة هذا العام. وهذا من شأنه أن يضيف حوالي 2.2 في المئة إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الرئيسي”.

ودُعمت الصناعة من خلال استراتيجيات حكومية مبتكرة تشمل الحوافز المالية، والتركيز على التدريب المحلي والتطوير المهني وهو ما أعطى دفعة كبيرة في سوق السيارات الكهربائية. هذا بالإضافة إلى قرب المملكة من أوروبا حيث يمكنها توصيل السيارات إلى إسبانيا في يوم واحد وإلى بقية أوروبا في يومين والذي يعني أن هدف الوصول إلى 160 ألف وظيفة، من 150 ألفا حاليا، ومليون سيارة سنويا بحلول سنة 2025 أصبح قريبا.

وتدفع إلى الحدّ من التفاؤل بعض العلامات الدالة على أن السياسة المالية ستشهد مصاعب جزئية للمساعدة في إدارة عجز الميزانية الذي قفز إلى 7.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو رقم لم تشهده البلاد منذ أواخر الثمانينات. وجاء جزء كبير من العجز نتيجة مباشرة لقرار الملك محمد السادس ضخ 1.6 مليار دولار في الاقتصاد لتخفيف تأثير فايروس كورونا.

تطوير السياحة من دعائم تقوية الاقتصاد المغربي

وتتابع الحكومة التزامها بتوسيع القاعدة الضريبية، بينما تطارد المحتالين والمتهربين من ضرائب الشركات. ووفقا لتقرير منظمة أوكسفام الذي نُشر في 2019 بعنوان “مغرب متساو، جباية عادلة”، تخسر الحكومة 2.5 مليار دولار من الضرائب سنويا بسبب تهرب للشركات متعددة الجنسيات ضريبيا.

وأشار التقرير إلى أنه “في 2018، كان لدى أغنى ثلاثة مليارديرات مغاربة وحدهم ثروة تقدر بنحو 4.5 مليار دولار”. وافترض موقع موروكو وورلد نيوز أن الثلاثة هم وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش، والرئيس التنفيذي للبنك المغربي للتجارة الخارجية عثمان بنجلون، ورجل الأعمال أنس الصفريوي.

ويُرجح أن يكون أخنوش رئيس الوزراء المغربي مع تعيين العاهل المغربي له رئيسا للحكومة وطلب منه تشكيل حكومة بعد أن حصل حزبه التجمع الوطني للأحرار على أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات في الثامن من سبتمبر.

وقد يكون رجل الأعمال الثري من نوع القادة الذين يفضلهم الملك محمد السادس وهو يمضي قدما في خططه لتقوية الاقتصاد باستخدام قطاعات السياحة والزراعة والسيارات باعتبارها لبنات أساسية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: