أقدم كهل تونسي على إضرام النار في جسده في الشارع الرئيسي الحبيب بورقيبة وسط العاصمة السبت، ما أحدث حالة من الهلع والفوضى.
وقال شهود لوسائل إعلام إن الرجل أقدم على إشعال النيران في جسده وسط الشارع الذي يضم مقر وزارة الداخلية، وعلى مقربة من دورية أمنية كانت ترابط على بعد أمتار.
وتناقل شهود صور الضحية على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية، وقد نالت النيران من جسده، بينما أحاطت به قوات الأمن في محاولة لنجدته.
ونقل الضحية، الذي ظل واقفا أمام صدمة الجميع، إلى المستشفى فيما لم تتضح على الفور أسباب إقدامه على إضرام النيران في جسده.
وأصبح محمد البوعزيزي مفجر الثورة في تونس عام 2010 ملهما لليائسين عندما انتحر حرقا أمام مقر الولاية في سيدي بوزيد ليشعل انتفاضة سرعان ما عمت أنحاء البلاد وأطاحت بحكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي بعد 23 عاما من الحكم.
وتشهد تونس، التي تتفشى فيها البطالة، احتجاجات اجتماعية متواترة منذ 2011 كما تصاعدت فيها نسب الانتحار حرقا بشكل لافت.
وتواجه البلاد أزمة اقتصادية من المرجع أن تتفاقم بفعل عدم الاستقرار السياسي. ويقدر عجز الموازنة العامة لهذا العام بنحو 6.7 مليار دولار، وهو مرشح للزيادة بسبب اعتماد الموازنة متوسط سعر يبلغ 45 دولارا لبرميل النفط، وهو رقم بعيد عن الأسعار السائدة في الأسواق العالمية (قاربت 80 دولارا لمزيج برنت).
كما تواجه المالية العامة عبئا آخر، إذ عليها توفير حوالي 15.5 مليار دينار (5.6 مليار دولار) لخدمة الدين، منها 10 مليارات دينار (3.6 مليار دولار) بالنقد الأجنبي.
ودخلت تونس أزمة سياسية منذ قرر الرئيس قيس سعيّد في الخامس والعشرين من يوليو الماضي تجميد البرلمان لمدة 30 يوما (تم تمديدها حتى إشعار آخر)، ورفع الحصانة عن النُّواب، وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي بانتظار تعيين رئيس حكومة جديد.
وكشف المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تقرير صدر مؤخرا حول الاحتجاجات الاجتماعية أنّ عدد التحركات الاحتجاجية المرصودة خلال شهر مايو الماضي تضاعف ليبلغ 1155 تحركا مقابل 516 تحركا فقط خلال شهر مايو 2020 و841 تحركا في أبريل 2020.
وأكّد التقرير أن مطالب أكثر من نصف التحركات الاحتجاجية التي شهدها شهر مايو بنسبة 55 في المئة، اجتماعية أو اقتصادية، وأنها شملت بالأساس قطاعات عمومية بنسبة 45 في المئة، مقابل 15 في المئة فقط للقطاع الخاص، وأن بقية المطالب تتوزع بطريقة متقاربة بين القطاع البيئي والقطاع القانوني بنسبة 10 في المئة، ثمّ القطاع التربوي 7 في المئة والقطاع الصحي 8 في المئة والحق في الماء 6 في المئة.
ويعزّز تنوّع أشكال الاحتجاجات وارتفاع وتيرتها سيناريو العدوى الاجتماعية بين المدن والمحافظات، في ظل تردي الوضع الذي أصبح واقعا معيشيا “مؤلما” في كل جهات البلاد، ما ينذر بحالة من الانفلات الاجتماعي.