الناخب المغربي يُغلق نهائيا قوس عشرية حكم الإسلام السياسي

قاسمي السبت، 11 سبتمبر، 2021

أنهت الانتخابات التشريعية المغربية التي جرت الأربعاء نهائيا حكم الإسلاميين، الذي استمر لعشر سنوات يبدو من الواضح أن المغاربة لم يكونوا راضين عنها.

الرباط – دفعت الهزيمة المُدوية والقاسية التي مُني بها حزب العدالة والتنمية المغربي ذي المرجعية الإسلامية، في الانتخابات البرلمانية، برسائل سياسية لافتة تُؤشر إلى بداية رسم معادلات جديدة سيكون ناتجها الآني والمستقبلي إنهاء عشرية هيمنة الإسلام السياسي على المشهد العام في المغرب.

وتأخذ هذه الرسائل بعناوينها المُتعددة بُعدا إضافيا اختلطت فيه الحسابات السياسية والحزبية مع رغبة شعبية واضحة في التغيير، لتُشكل جملة من الاعتبارات التي تُؤسس لمرحلة جديدة مُنفصلة تماما عن ظروف الأوضاع التي مكنت حزب العدالة والتنمية من الحكم خلال السنوات العشر الماضية.

ولم تحجب الرسائل المحمولة في نتائج هذه الانتخابات الواقع السياسي الجديد الذي أصبح يتحرك على وقع تلك الاعتبارات التي لا يمكن تجاهلها أو التغافل عن معطياتها، التي تشي بتحول سيُعيد تشكيل المشهد بتوازناته المُتحركة على أساس المعايير التي فرضها الناخب المغربي.

وتُبرز نتائج هذه الانتخابات باستدلالاتها الفارقة، أن الناخب المغربي قرر معاقبة حزب العدالة والتنمية الذي تواترت خيباته في انهيار سياسي، عكسته الأرقام التي أعلنها وزير الداخلية المغربي عبدالوافي لفتيت خلال مؤتمر صحافي عقده ليل الأربعاء-الخميس.

ووفقا لتلك الأرقام، فإن حزب العدالة والتنمية الذي يتولى أمانته العامة سعدالدين العثماني، فشل بعد عشر سنوات قضاها في رئاسة الحكومة المغربية، في نيل ثقة الناخب المغربي للحفاظ على موقعه، حيث انهارت الأوراق التي كان يُعول عليها لكسب رهان هذا الاستحقاق الانتخابي.

ولم يحصد هذا الحزب الذي وصل إلى رئاسة الحكومة في العام 2011، خلال هذه الانتخابات، سوى 12 مقعدا برلمانيا، مُسجلا بذلك تقهقرا حادا، حيث خسر خلال هذه الانتخابات 113 مقعدا من مقاعده البرلمانية في البرلمان المُنتهية ولايته الذي كان يستحوذ فيه على 125 مقعدا.

ويعكس هذا التقهقر أن الدور السياسي الذي لعبه هذا الحزب المحسوب على تنظيمات الإسلام السياسي، خلال العشرية الماضية، انتهى، أو هو قيد التلاشي، مع الإضافات التي تقتضيها طبيعة المرحلة بتجلياتها التي رسمتها الرسائل الواضحة المُنبثقة عن نتائج هذا الاستحقاق الانتخابي.

أمينة ماء العينين: هزيمة العدالة والتنمية صادمة وقاسية وغير منتظرة

ولعل الخيبة المُرتسمة في تصريحات مسؤولي حزب العدالة والتنمية التي كانت الأبرز في سياق ردود الفعل المختلفة، هي نتاج هذه الهزيمة بأبعادها المُتنوعة، التي بدأت تُحدث خطوطا مُتعرجة في جسم هذا الحزب ذي المرجعية الإسلامية من شأنها تعميق عزلته السياسية.

وتسببت هذه الخطوط المُتعرجة في موجة من الانتقادات تُؤشر إلى بداية شرخ داخلي، عمقه عبدالإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق والأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، بدعوة سعدالدين العثماني إلى تقديم استقالته وهو ما استجاب له العثماني الذي أعلن استقالته الخميس.

وبعد النتائج الهزيلة التي حصل عليها الحزب أعلنت أمانته العامة مساء الخميس، تقديم استقالتها الجماعية، كما دعت إلى انعقاد مجلس وطني في 18 سبتمبر ومؤتمر استثنائي. بينما حسمت أمر تموقعها في المعارضة.

وأدلت أمينة ماء العينين، عضو حزب العدالة والتنمية، بتصريحات وصفت فيها هزيمة حزبها في هذه الانتخابات بأنها “صادمة وقاسية وغير منتظرة حتى من أكثر المتشائمين”، وذلك في الوقت الذي تُشير فيه تسريبات بأن لحسن الداودي القيادي في الحزب، قرر تقديم استقالته على خلفية النتائج التي حققها حزبه في هذا الانتخابات.

وفي تفاصيل هذه النتائج التي أعلنها وزير الداخلية المغربي عبدالوافي لفتيت، استطاع حزب التجمع الوطني للأحرار برئاسة رجل الأعمال عزيز أخنوش، انتزاع 97 مقعدا برلمانيا من أصل 395 مقعدا، ليتصدر بذلك المشهد البرلماني، وكذلك أيضا الحزبي والسياسي في البلاد.

وجاء حزب الأصالة والمعاصرة برئاسة عبداللطيف وهبي في المرتبة الثانية بـ82 مقعدا، وحزب الاستقلال برئاسة نزار بركة، في المرتبة الثالثة بـ78 مقعدا، ثم حزب الاتحاد الاشتراكي برئاسة إدريس لشكر بـ37 مقعدا، وحزب الحركة الشعبية برئاسة امحند العنصر بـ26 مقعدا.

أما حزب التقدم والاشتراكية برئاسة نبيل بن عبدالله، فقد جاء في المرتبة السادسة بـ20 مقعدا، وحزب الاتحاد الدستوري برئاسة محمد ساجد في المرتبة السابعة بـ18 مقعدا، وحزب العدالة والتنمية برئاسة سعدالدين العثماني في المرتبة الثامنة بـ12 مقعدا، وبقية الأحزاب الأخرى حصلت أيضا على 12 مقعدا.

وبلغت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات 50.35 في المئة بحسب ما أعلن وزير الداخلية المغربي، علما وأنها المرة الأولى في تاريخ المغرب التي تُنظم فيها في يوم واحد انتخابات برلمانية ومحلية وجهوية.

وتنافست في هذه الانتخابات التي شارك فيها 31 حزبا، 1704 لائحة، محلية وجهوية شملت 6815 مُرشحا بينهم 225 نائبا في البرلمان المُنتهية ولايته (206 نواب في مجلس النواب)، و19 عضوا في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)،أي بمعدل يفوق 17 مُرشحا لكل مقعد.

وتابع أكثر من 100 مراقب أجنبي ينتمون إلى 19 منظمة إقليمية ودولية من أفريقيا وأوروبا وآسيا هذه الانتخابات التي جرت في ظل استمرار تفشي فايروس كوفيد – 19 الذي دفع السلطات الرسمية إلى اتخاذ إجراءات وتدابير خاصة خلال يوم الاقتراع لضمان إتمام عملية الانتخاب في أحسن الظروف.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: