حين أغلق المغاربة القوس على الربيع الإخواني

فاروق

وجدت تنظيمات الإخوان المسلمين بمسمياتها المختلفة في الانتصار المريب والملتبس الذي حققته حركة طالبان مناسبة للأمل.

ومهما بلغ حجم ذلك الأمل الذي تقف وراءه خزائن مالية ضخمة هي منجم كل هذا الضجيج الإخواني فإنه لا يعوض الخسارة العظمى التي تمثلها نجاة مصر وخروجها من القفص الإخواني.

بفقدان مصر خسر الإخوان التاريخ والجغرافيا معا.

مصر بالنسبة إليهم هي القاعدة التي من دونها يظل كل إنجاز ناقصا بل ومعرضا للانهيار. بدأ تاريخهم هناك واعتقدوا يوم قطفوا ثمار الحراك الشعبي الذي أطاح بنظام حسني مبارك أن مسيرة اجتياح العالم العربي قد بدأت من المكان المناسب. وكانوا محقين في ذلك.

فمصر هي قلب العالم العربي. مَن يسيطر على ذلك القلب يتمكن من التوسع بيسر إذا كان لديه في الخارج مَن هو على استعداد لتلبية ندائه. كان الربيع العربي في أوج ازدهاره يوم حكم الإخوان مصر. لذلك ظنت القوى التي ساندت الإخوان ومولتهم ورعت خلاياهم أنها مسألة وقت. وهو ما جعل الإخوان يفقدون حذرهم التقليدي وينزعون الأقنعة ليعلنوا عن برامجهم الحقيقية في إخضاع المجتمع وإعادة تهذيبه والحد من الحريات الشخصية التي هي من وجهة نظرهم مصدر الفساد الأخلاقي وإعادة النظر في المفاهيم الوطنية.

يومها قطع الإخوان شعرة الخديعة التي كانت تصل بينهم وبين المجتمع وظهروا على حقيقتهم، دعاة تجهيل وإفقار مادي وروحي وعقلي وجمالي ومعادين لأبسط حقوق الإنسان ومناهضين للدولة الوطنية.

يوم تحرر المصريون منهم كان واضحا أن الزلزال الذي ضربهم سيتسع تأثيره المدمر وهو ما دفع دولا في الشرق وفي الغرب إلى تعبئة وتجنيد وسائل إعلامها للدفاع عمّا سُمي بشرعية محمد مرسي والتنديد بما سُمي بانقلاب عبدالفتاح السيسي. لقد جُندت في سبيل ذلك الهدف قنوات فضائية وصحف عالمية لم يخفت ضجيجها حتى اللحظة، بالرغم من أن الواقع فرض حقائقه الراسخة التي تؤكد أن مرسي لم يكن رئيسا بل هو يد إخوانية تحكم مصر بقوة إرادات أجنبية تعود إلى الدول التي ينعم الإخوان بأموالها.

نجت مصر فصار الربيع العربي عاريا.

Thumbnail

اليوم حين هُزم حزب العدالة والتنمية المغربي في الانتخابات التشريعية بطريقة تنطوي على قدر من الإذلال الذي مارسه الشعب في حق الحزب الحاكم فإن القوس الذي فتحته مصر أغلقه المغرب. لقد انتهى ربيع الإسلاميين أو ما سُمي بالربيع العربي. هُزمت التنظيمات الإرهابية في سوريا وانتهى الليبيون إلى أن يتوافقوا مضطرين بعد أن اكتشفوا أن الاتكاء على الجماعات الإسلامية معناه الاستمرار في الحرب إلى ما لا نهاية. أما راشد الغنوشي وجماعته في حركة النهضة بتونس فقد أزالهم من الخارطة السياسية قرار واحد من الرئيس قيس سعيد. كذلك فإن السودان اهتدى إلى الطريق التي لا يُسمح لإخواني واحد في ارتيادها.

كان هناك مَن يحلم في أن يكون وارثا للربيع العربي في المغرب. ولم يكن ذلك الحلم ليشكل خطرا على الحياة الديمقراطية هناك مادام الحالمون ملتزمين بالقانون وبإطار الحريات السياسية المتاحة. من هذا المنطلق وجد الإخوان في المغرب فرصة نادرة في تصريف شؤون دولة يحكمها القانون ولها وزنها في العلاقات الدولية. غير أن نزعتهم الإخوانية ظلت تعتمل في أعماقهم وهو ما عبروا عنه من خلال استقبال إسماعيل هنية زعيم حماس السياسي كما لو أنه زعيم دولة.

كانت تجربة الإخوان في حكم المغرب فاشلة على جميع الأصعدة ولولا أن الدستور كان صارما في مراقبة الصلاحيات ولولا أن الدولة المغربية كانت أكثر صلابة من أن تُخترق لكانت نتائج حكم الإخوان كارثية. فهي المرحلة التي هي أكثر فسادا في تاريخ المغرب السياسي.

الأخبار السعيدة أتت من المغرب. لقد أغلق المغاربة القوس على الربيع الإخواني. يقول إعلام الإخوان وهو إعلام عالمي متمكن ومهيمن إن الثورة المضادة للربيع العربي قد انتصرت في محاولة للإيحاء بأن نضالات الشعوب قد تم القضاء عليها. فـ”شعوب هذه المنطقة لا يمكن أن تحكم إلا من خلال العقائد الدينية” ذلك ما تقوم عليه فكرة المستعمر البريطاني التي أورثها للولايات المتحدة باعتبارها رأس حربة الغرب.

لو أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يملك حرية القول لاعترف أن الولايات المتحدة تقف مع هيمنة حزب الله على لبنان. وفي اليمن كان مبعوثو الأمين العام للأمم المتحدة يصطدمون بالجدار الأميركي الذي يحتمي به الحوثيون، أما في العراق فإن المعادلة هي الأكثر مأساوية. لقد وهبت الولايات المتحدة البلد بكل ما فيه إلى إيران من غير شرط.

ألا يعني ما جرى أن هزيمة الإخوان هي هزيمة لمشروع غربي قديم؟

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: