الانتخابات المغربية: أخنوش يطيح بالإسلاميين و ينافسهم على الصدارة

Belbazi

نجح حزب الأحرار في إبعاد حزب الأصالة والمعاصرة المنافس التقليدي للإسلاميين في البلاد ليظهر كقوة صاعدة تنافسهم وسط توقعات بإمكانية إزاحته لحزب العدالة والتنمية الذي ينظر إليه على أنه فشل في النهوض بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية طيلة الدورتين الانتخابيتين السابقتين.

الرباط- توجه الناخبون في المغرب الأربعاء إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في انتخابات عامة يراهن حزب العدالة والتنمية الإسلامي على تصدرها للاستمرار في رئاسة الحكومة التي يقودها منذ عشرة أعوام، وينافسه خصوصا حزب التجمع الوطني للأحرار بقيادة رجل الأعمال عزيز أخنوش.

وسيتم اختيار أعضاء مجلس النواب (395) وأعضاء مجالس المحافظات والجهات (أكثر من 31 ألفا). وهي المرة الأولى التي تجرى فيها انتخابات عامة في يوم واحد.

ويعين العاهل المغربي الملك محمد السادس بعد الانتخابات رئيس وزراء من الحزب الذي يحصل على الكتلة الأكبر في البرلمان، ويفترض أن يشكل رئيس الحكومة المكلف حكومة جديدة لخمسة أعوام.

ويمنح الدستور الذي تم تبنيه في سياق الربيع العربي عام 2011 صلاحيات واسعة للحكومة والبرلمان. لكن العاهل المغربي يحتفظ بمركزية القرار في القضايا الاستراتيجية والمشاريع الكبرى التي لا تتغير بالضرورة بتغيّر الحكومات.

وكان الحزب الإسلامي المعتدل وصل إلى رئاسة حكومة ائتلافية في أعقاب احتجاجات حركة 20 فبراير 2011 المطالبة “بإسقاط الفساد والاستبداد”. ويعد المغرب البلد الوحيد في المنطقة الذي استمر فيه وجود الإسلاميين في السلطة عشرة أعوام بعد الربيع العربي.

وبعد حملة انتخابية باردة غابت عنها التجمعات الكبرى بسبب جائحة كوفيد – 19، تصاعدت حدة المواجهة في الأيام الأخيرة بين الإسلاميين وحزب التجمع الوطني للأحرار.

واهتمت وسائل الإعلام المحلية في هذا الصدد بدخول رئيس الحكومة السابق عبدالإله بنكيران (العدالة والتنمية) يومين قبل موعد الاقتراع على خط الجدال؛ إذ وجه انتقادات لاذعة لعزيز أخنوش الذي يوصف بالمقرب من القصر.

وخاطب بنكيران أخنوش قائلا “ليس لك إلا المال”، مضيفا في منشور على حسابه في فيسبوك “رئاسة الحكومة تحتاج شخصية سياسية نزيهة نظيفة ليست حولها شبهات”.

في المقابل وصف أخنوش، الذي يتولى وزارة الزراعة منذ 2007، في حوار مع موقع إخباري محلي الاثنين هذه التصريحات بأنها “إقرار بالهزيمة”. وقال “لا نرد على هذه الهجمات التي تستهدف فقط التشويش. ما يهمنا هو المواطن”.

وقبل خمسة أعوام لعب أخنوش دورا رئيسيا في تشكيل الحكومة المنتهية ولايتها فارضا شروطا رفضها رئيس الحكومة المكلف آنذاك عبدالإله بنكيران لأشهر.

وانتهت الأزمة بإعفاء بنكيران من طرف الملك محمد السادس وتعيين الرجل الثاني في الحزب سعدالدين العثماني مكانه. وقبل العثماني بشروط أخنوش، ما أضعف الإسلاميين.

وفي غياب استطلاعات للرأي حول توجهات الناخبين تشير تقديرات وسائل إعلام محلية إلى تركز المنافسة حول رئاسة الحكومة المقبلة بين الإسلاميين وحزبي التجمع الوطني للأحرار والأصالة المعاصرة المحسوبين على الليبراليين. كما يخوض المنافسة حزب الاستقلال (يمين وسط).

توقعات بأن يفقد حزب العدالة والتنمية ما بين 30 و40 مقعدا بسبب تعديل القاسم الانتخابي

وشهدت الحملة الانتخابية التي انتهت عند منتصف ليل الثلاثاء – الأربعاء توجيه اتهامات باستعمال المال لشراء أًصوات الناخبين ولاستقطاب مرشحين. وأدان حزب العدالة والتنمية ذلك في مناسبات عدة، لكن دون تسمية أي طرف.

وقال القيادي فيه سليمان العمراني لإذاعة محلية الاثنين إن الحزب “طلب من الجهات الرسمية التحقيق في الأمر، لكن لم نتلق جوابا”.

وفي حين اتهم الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة عبداللطيف وهبي مباشرة حزبَ التجمع بالمسؤولية عن “إغراق” الساحة بالمال ردّ عليه الأخير مدينا “ضرْب مصداقية الانتخابات”.

وكان حزب الأصالة والمعاصرة الخصم الرئيسي للإسلاميين منذ أن أسسه مستشار العاهل المغربي فؤاد عالي الهمة عام 2008، قبل أن يغادره في 2011. لكنه فشل في هزْمهم عام 2016.

وشهدت علاقات الحزب، الذي له ثاني كتلة في البرلمان (معارضة)، مع الإسلاميين تحسنا في الفترة الأخيرة.

بعد حملة انتخابية باردة غابت عنها التجمعات الكبرى بسبب جائحة كوفيد – 19، تصاعدت حدة المواجهة في الأيام الأخيرة بين الإسلاميين وحزب التجمع الوطني للأحرار

وعموما يرتقب أن يتراجع عدد مقاعد الأحزاب الكبرى في البرلمان المقبل بسبب نمط جديد لاحتساب الأصوات قياسا على مجموع المسجلين في القوائم الانتخابية، سواء شاركوا في الاقتراع أم لم يشاركوا. بينما ظل هذا الحساب يستند فقط على عدد المقترعين منذ أول انتخابات أجريت في المغرب عام 1960.

وكان حزب العدالة والتنمية الوحيد الذي عارض هذا “القاسم الانتخابي” الجديد كما سمّي. ويرتقب أن يفقد بسببه -وفق تقديرات مختلفة- ما بين 30 و40 مقعدا حتى في حال حصوله على عدد الأصوات التي حصدها قبل خمسة أعوام ومنحته 125 مقعدا، وهو أمر مستبعد نظرا إلى مؤشرات تراجع شعبيته نتيجة فشله خلال الدورتين السابقتين، ما من شأنه أن يعقّد مهمته في تشكيل حكومة إذا تصدّر النتائج.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: