طالبت شخصيات حقوقية ونشطاء بالمجتمع المدني المغرب والجزائر بضرورة تجاوز الأزمة الدبلوماسية الراهنة، عبر إعمال العقل وضبط النفس.
ودعا أكثر من مئتي مثقف وحقوقي وناشط في المجتمع المدني من بلدان المغرب العربي، الجزائر والمغرب إلى إعمال العقل والحكمة وضبط النفس من أجل تجاوز الأزمة بين البلدين بعيدا عن التصعيد.
وسجل المثقفون والحقوقيون والمنتمون إلى هيئات المجتمع المدني من المغرب والجزائر وتونس “ببالغ القلق، التصعيد الحاصل في العلاقات بين المغرب والجزائر” وأعلنوا في بيان أنهم يرفضون “هذه الوضعية المؤدية إلى مواجهة غير طبيعية، لا يمكن أن تكون إلا إنكارا للتاريخ العميق لمنطقتنا ولجوهره، والتي تتنافى مع مصالح الشعبين ومصالح المنطقة”.
وتشهد العلاقات بين المغرب والجزائر حالة من المد والجزر منذ ستينات القرن الماضي، بدءا بخلاف على الحدود بين البلدين عام 1963، وصولا إلى نزاع في السبعينات أطلق شرارته دعم الجزائر لجبهة البوليساريو التي تسعى إلى انفصال إقليم الصحراء الغربية عن المغرب، ثم اتهام المغرب عام 1994 جزائريين بتفجير فندق سياحي في مراكش مما دفع الجزائر إلى إغلاق الحدود مع المغرب حتى اليوم.
وطالب المغرب أكثر من مرة بإعادة فتح الحدود بين البلدين، لكن دائما ما ترفض الجزائر وتتشبث بإغلاقها “لأسباب أمنية”.
كما قررت الجزائر الشهر الماضي قطع علاقاتها مع المغرب، إذ اتهم رمطان لعمامرة وزير الخارجية الجزائري المغرب “باستخدام برنامج بيغاسوس للتجسس على مسؤولين جزائريين ودعم حركة انفصالية” والتقاعس عن التزاماته الثنائية ومنها ما يتعلق بقضية الصحراء الغربية.
وقال لعمامرة “لقد ثبت تاريخيا أن المغرب لم يتوقف عن القيام بأعمال غير ودية وعدائية ضد الجزائر”.
المثقفون والحقوقيون سجلوا ببالغ القلق التصعيد الحاصل في العلاقات بين البلدين، وأعلنوا في بيان أنهم يرفضون هذه الوضعية
واتهم الأجهزة الأمنية ووسائل الإعلام المغربية بـ”شن حرب ضد الجزائر بخلق إشاعات”، لافتا إلى أن “التحقيقات الأمنية كشفت تعرض مواطنين ومسؤولين جزائريين للتجسس ببرنامج بيغاسوس الإسرائيلي”.
وأشارت الخارجية الجزائرية في بيان إلى أنها ستكثف المراقبة الأمنية على حدودها الغربية.
وأعربت وزارة الخارجية المغربية عن أسفها للقرار الذي اتخذته السلطات الجزائرية، واصفة إياه بـ”غير المبرر والمتوقع في ظل التصعيد الذي لوحظ خلال الأسابيع الأخيرة”.
وطالب المغرب أكثر من مرة بإعادة فتح الحدود بين البلدين، لكن دائما ما ترفض الجزائر وتتشبث بإغلاقها “لأسباب أمنية”.
وقال الموقعون على النداء، “نؤمن بأن شعبينا لا يكنان لبعضهما إلاّ الود، وأنه ليس بعزيز عليهما تجاوز هذه اللحظات العصيبة بأقل الأضرار وبأجمل الآفاق، بتعبئة طاقاتهما الخلاقة من أجل تحصين جسور الإخاء وتكثيفها”.
ودعوا “كافة الإرادات الحسنة في البلدين وفي جوارهما إلى الضغط من أجل وقف التصعيد والعودة إلى جادة الصواب”.
وعبروا عن قناعتهم “أن رجال الدولة ونساءها الحقيقيين هم وهن من يبنون العيش المشترك والأمن والتعاون، وليس أولئك الذين ينهمكون في التسابق نحو التسلح والتصعيد ودق طبول الحرب”.
وأضافوا أنهم يقرون “أن فعل مجتمعنا المدني لم يكن دائما في المستوى المطلوب، لكن الوضع الراهن لم يعد يسمح لنا بأي تردد أو تهاون، وإلا سيكون ذلك تنكرا لهويتنا ورسالتنا”.
وتلقي الجزائر باللوم على المغرب قائلة إنه يدعم “الحركة من أجل تقرير المصير في منطقة القبائل”، وهي حركة انفصالية في منطقة القبائل شمال شرقي البلاد تصنفها الجزائر على أنها “إرهابية”.
واتهمت الحكومة الجزائرية الحركة وجماعة “رشاد” المعارضة بإشعال حرائق الغابات المدمرة في وقت سابق من شهر أغسطس.
وفي يوليو الماضي، أعرب العاهل المغربي الملك محمد السادس عن أسفه للتوترات، ودعا نظيره الجزائري الرئيس عبدالمجيد تبون إلى “تغليب الحكمة والعمل بشكل متناسق من أجل تطوير العلاقات” بين الدولتين الجارتين.
وعبّر رئيس الحكومة سعدالدين العثماني عن أسفه لإعلان الجزائر قطع علاقاتها مع الرباط، معتبرا في تصريح صحافي أن المغرب يعتبر استقرار الجزائر وأمنها من استقرار المغرب وأمنه، وأن المملكة المغربية يجب أن تسير دائما في هذا الأفق الاستراتيجي وتتشبث دوما بهذا الأمل.