الجزائر تحاول التوسط في الملف الليبي برصيد دبلوماسي خاو

حنان الفاتحي

وصفت أوساط سياسية عربية احتضان الجزائر اجتماعَ دول جوار ليبيا بأنه خطوة سياسية استعراضية لا تأثير لها على مسار الحل السياسي الذي رسمه مؤتمر برلين2 بتوافق دولي واسع، متسائلة عن مدى قدرة الجزائر على أن تكون وسيطا في ملف لا تخفي فيه انحيازها إلى الإسلاميين الذين يسيطرون على الغرب الليبي على حساب قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر.

وقالت هذه الأوساط إن الجزائر لا تخفي أنها جزء من تحالف إقليمي يدعم الميليشيات المتمركزة في العاصمة الليبية طرابلس ويضغط لأجل أن تحافظ تلك الميليشيات على مكاسبها بالسيطرة على القرار السياسي وعلى موارد النفط، كما يدعم بقاء الوجود العسكري التركي في ليبيا، وهو ما يجعل حديث الجزائريين عن الوساطة أمرا غير منطقي.

وتساءلت هذه الأوساط: ما سجلّ الجزائر في الوساطات حتى تتحدث عن وساطة في ملف معقد مثل الملف الليبي؟

نجلاء المنقوش: استقرار ليبيا يتطلب سحب المرتزقة وتأمين الحدود

وتعيش الجزائر في الفترة الأخيرة أزمة داخلية حادة قادتها إلى توترات خارجية من خلال قطع علاقتها بالمغرب من جانب واحد، فضلا عن توتر علاقتها بفرنسا وارتباكها في التعامل مع التغيير الحاصل في تونس.

ومنذ ستينات القرن الماضي تسيطر على الموقف الجزائري حالة من التوتر والعدائية تجاه المحيط الإقليمي، وهو ما يجعل من الصعب أن يجد تحركها تجاه ليبيا أي تفاعل حقيقي على الأرض بعيدا عن التصريحات التي يمكن أن تطلق من باب المجاملة كما حصل الاثنين أثناء مداخلات مسؤولين إقليميين حضروا اجتماع الجزائر.

ولم يسبق أن نجحت الجزائر في حل أي ملف دولي وإقليمي لكن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون يبدو مصرا على تفعيل الدبلوماسية التي عانت من شلل شبه تام خلال السنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة من خلال الدخول على خط الأزمات الإقليمية وفي مقدمتها أزمة ليبيا بالإضافة إلى أزمة سد النهضة، وهي أزمات معقدة لا تملك الجزائر أي أوراق للتأثير فيها.

وفي الوقت الذي استقبلت فيه الجزائر خلال سنوات الحرب في ليبيا قياديين للميليشيات المسلحة في ليبيا، وخاصة من المحسوبين على الإسلام السياسي والمرتبطين بأجندات إقليمية، استمرت في استعداء حفتر رغم اللقاءات المحدودة التي جمعته بكبار المسؤولين الجزائريين، لاسيما بعد ما نسب إليه من تهديدات باجتياح المنطقة الحدودية، وامتعاضه في أكثر من مرة مما أسماه بـ”انحياز الجزائر لصالح خصومه في الصراع القائم بليبيا”.

واعتبر مراقبون أن حديث المسؤولين الجزائريين عن الدعوة إلى سحب المرتزقة من التراب الليبي والذهاب إلى مسار سياسي يبني المؤسسات المحلية ويكرس الحوار الليبي – الليبي كلام استعراضي لا معنى له على أرض الواقع، خاصة أن الجزائر هي عمليا خارج المعادلة على الأرض ولا تستطيع أن تغيرها بسبب وجود أطراف أكثر نفوذا وتأثيرا.

وشدد وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة في كلمته الافتتاحية على ضرورة “سحب المرتزقة من ليبيا، بغية السماح ببلورة حل سياسي للأزمة الليبية بين جميع الأطراف الليبية، وبعيدا عن التدخلات الأجنبية وفرضيات التدخل العسكري الذي يطيل عمر الأزمة ويهدد استقرار المنطقة”.

رمطان لعمامرة: ضرورة بلورة حل سياسي ليبي بعيدا عن التدخلات الأجنبية

وأوضح في كلمته أن الاجتماع الذي استضافته بلاده جاء من أجل “دعم ليبيا والشعب الليبي للخروج من الأزمة التي يعيشها، وأن الوضع الراهن يفرض تضامنا كاملا مع الشعب الليبي، وأن المساعي مستمرة لحلحلة الأزمة الليبية ومنع التدخلات الأجنبية في الشأن الليبي”، مؤكدا على ضرورة “سحب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا في أقرب وقت”.

وشارك في الندوة إلى جانب الجزائر وزراء خارجية كل من ليبيا وتونس ومصر والسودان والنيجر وتشاد والكونغو، إلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط ومفوض الاتحاد الأفريقي للشؤون السياسية والسلم والأمن بانكولي أديوي والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا يان كوبيش.

وفيما ظهر أن الوفود المشاركة تتفق بشأن الكثير من المسائل المتعلقة بالوضع الليبي خلال الجلسة الافتتاحية للندوة إلا أن الجلسات المغلقة التي تواصلت بعيدة عن عيون وسائل الإعلام لا يستبعد أن تتخللها خلافات بين الأعضاء بسبب الامتدادات الإقليمية، خاصة تأثير تركيا وروسيا في الأزمة المذكورة.

وتحدثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش عن معاناة ليبيا من التدخلات الخارجية، وقالت”إن أكثر ما ينهك الدول التي تشهد أزمات هو التدخلات الهدامة من طرف دول أخرى تذكي الصراع وتعمق الخلافات”.

وذكرت أن “ليبيا تجاوزت مرحلة توحيد كافة المؤسسات المدنية، لكنها مازالت في عمل دؤوب لاستكمال توحيد المؤسسة العسكرية، وأن المسار العسكري لمبادرة استقرار ليبيا يتطلب توحيد المؤسسة العسكرية وسحب المرتزقة والقوات الأجنبية وتأمين الحدود”.

وأضافت “لا بد من توحيد رؤى دول الجوار والتنسيق لمراقبة الحدود ومعالجة ظاهرة الهجرة واعتماد مناهج تعليم وتبادل الخبرات ودعم مبادرة الحكومة الليبية لاستقرار ليبيا”.

من جهته كشف المبعوث الأممي إلى ليبيا عن أن “الهيئة الأممية ستنشر الفريق الأول لمراقبي وقف إطلاق النار في ليبيا قريبا”.

Thumbnail

وانتقد استمرار تواجد المرتزقة والقوات الأجنبية في ليبيا، وهو ما يشكل مدعاة للقلق في ليبيا ودول الجوار، وأن جميع الأطراف الليبية تؤكد تمسكها بموعد الانتخابات في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل، و”لكننا بحاجة إلى إطار قانوني وقاعدة دستورية من أجل ذلك، وعليه نأمل إقرار القاعدة الدستورية في الأيام المقبلة لنتمكن من إجراء الانتخابات المذكورة “.

وقال وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي “نحن هنا في الجزائر للنظر في إمكانية مساعدة الإخوة الليبيين للتوجه نحو تطبيق هذه الخارطة والتحاور معهم حول أنجع السبل للوصول إلى الاستحقاقات، وأنّ كل دول الجوار تود أن ترجع ليبيا إلى مكانتها وأن تلعب دورها في استقرار المنطقة، لاسيما وأن هناك محيطا جيوسياسيّا كبيرا جدا وعلينا أن نتحاور بشأنه”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: