المسار السياسي بشأن الصحراء المغربية معلق إلى حين الاعتراف بدور الجزائر

ماموني

عرفت أشغال اللجنة الرابعة والعشرين التي نظمتها الأمم المتحدة في جمهورية الدومينيكان، مواجهة بين عمر هلال سفير المملكة المغربية وسفيان ميموني سفير الجمهورية الجزائرية، حيث قدم الدبلوماسي المغربي شرطا رئيسا لعودة ملف الصحراء إلى المسار السياسي يتمثل في عدم تنصل الجزائر من مسؤوليتها كأحد أطراف النزاع.

اشترط المغرب عدم تنصل الجزائر من مسؤوليتها كأحد أطراف نزاع الصحراء المفتعل، وذلك لعودة الملف إلى المسار السياسي بعد أن حضر مسؤولوها مائدتي جنيف لأول مرة بهذه الصفة إلى جانب موريتانيا والبوليساريو.

وذكّر عمر هلال سفير المملكة بالأمم المتحدة في مداخلته خلال أشغال اللجنة الرابعة والعشرين التي نظمتها الأمم المتحدة في جمهورية الدومينيكان، بأن وزراء خارجية الجزائر شاركوا بشكل شخصي وكامل في المائدتين المستديرتين بجنيف في ديسمبر 2018 ومارس 2019.

وقال السفير الجزائري سفيان ميموني إن “الجزائر شأنها شأن موريتانيا بلد مراقب لمسار تسوية النزاع في الصحراء الغربية على النحو الذي تنص عليه الأحكام السديدة للوائح مجلس الأمن والوثائق الأممية ذات الصلة”، نقلا عن قصاصة لوكالة الأنباء الجزائرية.

واتهم ميموني المغرب بالتشكيك في “الديناميكية الأممية من خلال الطعن في صدق ونزاهة المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي، ثم من خلال استبعاد خيار الاستفتاء بشكل نهائي مخلا بذلك بالنداء المكرر لمجلس الأمن حول استئناف المفاوضات بحسن نية ودون شروط بين المغرب وجبهة البوليساريو”.

محمد لكريني: مسؤولية الجزائر في النزاع تعود إلى دعمها للبوليساريو

وحذّر سفير المملكة بالأمم المتحدة عمر هلال، ميموني بشكل مباشر من أنه “إذا استمرت الجزائر في إنكارها، وتخلفها عن استئناف المسار السياسي، الذي نأمل أن يتم في الأسابيع المقبلة، وإذا لم تعد الجزائر إلى مقعدها في المائدة المستديرة، فلن يكون هناك مسار سياسي”.

وأكد محمد لكريني أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي أن “اشتراط عمر هلال الممثل الدائم للمغرب في منظمة الأمم المتحدة بضرورة اعتراف الجزائر بمسؤوليتها كطرف في النزاع يعود إلى الدعم الحقيقي الذي تقدمه الجزائر لجبهة البوليساريو، كما يرجع أيضا للتغييرات التي طرأت على مستوى الأمم المتحدة باختيار المبعوث الخاص واقتراب اختيار المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة”.

وأوضح لكريني في تصريح لـه، أن “الحل السياسي لن يأتي إلا بحسن النية وإرادة حقيقية لطي هذا النزاع الذي طال أمده وكانت تكلفته كبيرة على شعوب المنطقة المغاربية”، مشيرا إلى أن “هروب الجزائر نحو الأمام وتنصلها من مسؤوليتها كطرف أساسي في النزاع سيطيلان أمد هذا النزاع، إضافة إلى القرار الجزائري الأخير غير محسوب العواقب، كلها عوامل ستكون تداعياتها وخيمة على المنطقة في مجالات عدة”.

ويبدو أنّ هناك تحركا أمميا لاستعادة ملف الصحراء المغربية إلى دائرة الضوء، خصوصا بعد إعلان أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة الجمعة في بيان له، تعيين ألكسندر إيفانكو ممثلا خاصا جديدا له ورئيس بعثة المينورسو في الصحراء، خلفا للكندي كولين ستيوارت، الذي يشعر الأمين العام بالامتنان له على خدمته المتفانية وقيادته الفعالة لبعثة الأمم المتحدة في الصحراء.

وقال صبري الحو الخبير في القانون الدولي ونزاع الصحراء، إن “المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء، والذي هو في نفس الوقت رئيس بعثة المينورسو يتولى المهام الإدارية والعسكرية، وله مهام سياسية رغم استنفاذ هذه المهمة”.

وأوضح في تصريح لـه، أن “الأمم المتحدة ورغم معارضة المغرب بقيت محافظة عليها بذريعة أن مهامها السياسية تسهل الوصول إلى الحل”.

ولا يزال منصب المبعوث الأممي للصحراء الغربية شاغرا منذ عامين، إثر استقالة الألماني هورست كوهلر لأسباب قال إنها صحية، رغم أن الأمين العام للأمم المتحدة، صرح في مايو الماضي، أنه اقترح خلال هذه الفترة أسماء اثني عشر مرشحًا لتولّي هذه المهمة لكنها جميعها قوبلت بالرفض، سواء من أحد طرفي النزاع أو من واحد أو أكثر من أعضاء مجلس الأمن الدولي.

عمر هلال الممثل الدائم للمغرب في منظمة الأمم المتحدة اشتراط بضرورة اعتراف الجزائر بمسؤوليتها كطرف في النزاع

ونبّه السفير هلال إلى أنه “إذا لم يشارك الوزير الجزائري في مسار الموائد المستديرة وفقا للصيغة التي حددتها قرارات مجلس الأمن، بذريعة أن بلاده ليست طرفا في النزاع، فعليه تحمل مسؤولية ذلك”.

وأشار إلى أنه بالنسبة إلى المغرب وكذلك بالنسبة إلى مجلس الأمن، فإن “الجزائر هي بالفعل طرف فاعل في النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، وسوف تبقى كذلك، ومع الجزائر سيتم حل المشكل، فالجماعة الانفصالية المسلحة، البوليساريو، ليست سوى أداة في خدمة الأجندة
الجزائرية”.

وأكد المغرب في عدد من المناسبات الرسمية أن الحل في الصحراء مرتبط بجلوس كلا الطرفين الحقيقيين لإيجاد حل، وهذا ما قاله وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، عقب افتتاح القنصلية العامة للسنغال في مدينة الداخلة (بمنطقة الصحراء) في أبريل الماضي، بقوله إن الجزائر طرف حقيقي في النزاع وفي خلقه واستمراره، وينبغي أن تتحمّل المسؤولية عن حله على قدر مسؤوليتها في إحداثه.

ويعتقد لكريني، أن “تنكر الجزائر للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن والتي توضح حسن نية المغرب في إيجاد حل لهذا النزاع من خلال دعم مقترح الحكم الذاتي المقدّم سنة 2007 من جهة، ومن جهة أخرى ذكر اسم الجزائر في كل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن وتقارير الأمين العام الأممي ما هو إلا اعتراف بمسؤوليتها كطرف في هذا النزاع”.

وتدعم العديد من الدول العملية السياسية لتسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية تحت رعاية الأمم المتحدة، وذلك خلال الندوة الإقليمية للجنة الرابعة والعشرين لمنطقة الكاريبي المنعقدة في سان جون بالدومينيكان، حيث جدد ممثل الشيلي، موقف بلاده المؤيد لحل “سلمي، من خلال آليات التسوية الدبلوماسية التي وضعتها الأمم المتحدة” بهدف وضع حد لهذا النزاع الذي طال أمده.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: