لماذا لجأت بعض دول منها الجزائر لـ “نظرية المؤامرة” في أزمات الحرائق؟

La rédaction

شهدت العديد من دول العالم خلال الفترة الأخيرة، موجات غير مسبوقة من الحرائق الهائلة التي اجتاحت آلاف الهكتارات من الغابات، وامتدت من سيبيريا إلى بوليفيا وولاية كاليفورنيا الأمريكية، مروراً بالجزائر وتونس والمغرب في شمال أفريقيا، ولبنان وتركيا واليونان وإيطاليا في منطقة شرق البحر المتوسط. وقد أسفرت هذه الحرائق عن خسائر مادية وبشرية فادحة؛ بسبب تمددها وتجددها لفترات زمنية طويلة في بعض هذه الدول.

وعلى الرغم من أن المنظمات الدولية المعنية تربط بين هذه الحرائق والتأثيرات المدمرة للتغيرات المناخية على كوكب الأرض، فقد تبنت بعض الدول في المنطقة “نظرية المؤامرة” في تفسيرها لاندلاع هذه الحرائق.

التفسير الأممي:

تُرجِع الأمم المتحدة الأسباب العلمية لاندلاع الحرائق، إلى ارتفاع درجات الحرارة والجفاف على المستوى العالمي، وذلك على نحو ما جاء في التقرير الذي نشرته المنظمة الأممية عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، يوم 9 أغسطس 2021، تحت عنوان: “النشاط البشري يحرك الاحتراز العالمي على نحو لا لبس فيه، وبمعدل غير مسبوق”. وأوضح التقرير، الذي أعدّه 234 عالماً من 66 دولة، أن التأثير البشري أدى إلى تدفئة المناخ بمعدل غير مسبوق، حيث تجاوزت درجات الحرارة خلال العقد الأخير فقط (2011-2020) تلك التي امتدت قروناً متعددة. وحذَّر التقرير من زيادة درجة الحرارة العالمية على مدى الأعوام الـ 20 المقبلة، إلى أكثر من 1.5 درجة مئوية.

فيما ذكرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)، في يونيو الماضي، أن العالم قد يصل إلى هذه الزيادة في غضون 5 سنوات فقط، علماً بأن زيادة درجة الحرارة العالمية بمقدار درجة مئوية واحدة فقط قد تؤدي إلى زيادة في المساحات المحترقة في الغابات إلى 6 أضعاف مما هي عليه الآن، وفق بعض التقديرات.

تسييس متكرر:

لم تكن تقديرات المنظمات الدولية بشأن تأثيرات التغيرات المناخية والاحتباس الحراري، سبباً كافياً بالنسبة لدول المنطقة في تفسير اندلاع هذه الموجات الهائلة والمتتالية من الحرائق خلال الأسابيع الماضية، وإنما لجأ بعضها لتبني ما يُسمى بـ “نظرية المؤامرة”، وإلقاء اللوم على جهات أخرى اتهمها بإشعال هذه الحرائق. وقد ظهر ذلك في الحالات التالية:

1- ربط الحرائق بـ “تنظيمات إرهابية” في تركيا: أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في كلمة أمام حشد من المواطنين في إحدى الولايات المتضررة من الحرائق، في مطلع أغسطس الجاري، عن بدء التحقيق في مؤشرات حول صلة الإرهاب بحرائق الغابات في تركيا. وفي 11 أغسطس الجاري، ذكر أردوغان في حديث تليفزيوني أن “المخابرات التركية قد علمت بوجود بعض المتسببين في الحرائق والذين لهم صلة ببعض المنظمات الإرهابية، كما كانت الحال في حرائق غابات هطاي العام الماضي 2020”.

2- الإشارة إلى “أياد إجرامية” في حرائق الجزائر: اتهم رئيس الوزراء الجزائري، أيمن بن عبدالرحمن، في 10 أغسطس الجاري، ما سماها بـ “أياد إجرامية” بالتسبب في إشعال الحرائق في بلاده، مضيفاً أنه بالرغم من أن الظروف الطبيعية تساعد على انتشار الحرائق فإن الأيادي الإجرامية ليست ببعيدة عنها، وأن التحقيقات الأولية أثبتت أن أماكن انطلاق هذه الحرائق كانت مُختارة بشكل دقيق لصعوبة وصول الإسعافات والنجدة إليها.

3- تحميل “أطراف مجهولة” مسؤولية حرائق تونس: اتهم الرئيس التونسي، قيس سعيد، “أطرافاً” لم يُسمِها بافتعال الحرائق في مرتفعات تونس وغاباتها شمال البلاد ووسطها، قائلاً إن “القوات المسلحة سوف تتصدى لهم وتحاسبهم”. كما قال الناطق باسم الحماية المدنية، معز بو تريعة، في تصريحات صحفية، يوم 13 أغسطس الجاري، إن التحقيقات ما زالت مستمرة للكشف عن أسباب هذه الحرائق، لافتاً إلى أنه غير مستبعد أن تكون الحرائق مفتعلة نظراً لتوقيت اندلاعها وللمناطق التي اندلعت فيها وتقاربها زمنياً وحدوثها في توقيت متأخر من الليل.

4- اتهام “جهات” بافتعال حرائق لبنان: مُنيت غابات عكار في لبنان وتحديداً غابات القبيات وعندقت وأكروم، بخسائر فادحة جراء الحريق الهائل الذي اندلع في 5 أماكن بها. وفي هذا الصدد، اعتبر رئيس بلدية عندقت، عمر سعود، في 28 يوليو الماضي، أن “الحريق مفتعل وهناك جهات عملت على إضرام النيران في أكثر من مكان، وفي الوقت الذي كنا نعمل على إخمادها”، من دون أن يحدد تلك الجهات، وطالب بفتح تحقيق فوري حول هذا الأمر.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: