المغرب يكشف ملامح استراتيجية تطوير صناعة الغاز

ماموني

كشف المغرب عن بوادر تحوّل كبير في مجال صناعة الغاز بعد أن أعلن عن تفاصيل استراتيجية طويلة المدى لتطوير هذا القطاع بعد أن تنامى اهتمام السلطات بتعزيز قدرات البلاد في هذا المضمار طيلة العشرية الماضية بفضل الإمكانات الهائلة التي تؤهله بأن يجعل من تلك الموارد مساهما رئيسيا في التنمية الشاملة.

وضع المغرب أسس تطوير صناعة الغاز الطبيعي لتلبية الاحتياجات الصناعية وتعزيز دورها في الاقتصاد في مرحلة لاحقة لتلبية الطلب المحلي في توليد الكهرباء، ضمن خارطة طريق وطنية تمتد حتى العام 2050، بما ينسجم مع خطط تنويع مزيج الطاقة.

وحددت وزارة الطاقة والمعادن والبيئة خطة تتضمن ثلاث مراحل والتي “ينبغي اتباعها لتحديد بنية السوق والفاعلين وتحفيز التطور التدريجي للطلب وتطوير البنية التحتية والوصول إلى طاقة تنافسية وتحسين القدرة التنافسية للمصدرين الصناعيين وتنمية أنشطة المناولة الأخرى للقطاع”.

ويرى خبراء أن هذا الإعلان يعكس اهتمام الدولة بهذا المجال الحيوي، خاصة مع نمو الاستثمارات في القطاع طيلة السنوات العشر الأخيرة والجنوح إلى اعتماد البصمة الكربونية في سلاسل الإمدادات.

وقال إدريس الفينة المحلل الاقتصادي المغربي في تصريح لـه إن “المغرب يسعى بالفعل لتطوير الغاز المسال ووضع بهذا الصدد استراتيجية خاصة تسمع من تحديد الواردات وموانئ التخزين كميناء الناضور وأسفي”.

والهدف كما يرى إدريس، الأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، هو تقليص التكاليف وخفض غازات الكربون الملوثة، وهو ما سوف يسمح للربط مستقبلا من جلب استثمارات خضراء من الحجم الكبير.

وتتمثل المرحلة الأولى من الاستراتيجية وضع إطار تنظيمي لقطاع الغاز الطبيعي عبر استصدار القانون المتعلق بالقطاع، وتوسيع صلاحيات الهيئة المختصة بتنظيم الكهرباء حتى تشرف على هذا المجال مع إنشاء آلية تدير شبكة نقل الإنتاج وتنظيم أنشطة الاستيراد الحرّ للغاز الطبيعي للنقل والتخزين والتوزيع.

إدريس الفينة: الهدف هو تقليص التكاليف وخفض غازات الكربون الملوثة

أما المرحلة الثانية، فتستهدف تقييم الطلب من خلال تطور الاستهلاك الحالي وعلى مدى السنوات الأخيرة، وكذلك إمكانية الطلب في المستقبل.

وتقول وزارة الطاقة إن تسارع وتيرة الطلب يمكن أن يحدث بعد انتقال الشركات المصنعة نحو العمل بهذا الوقود الجديد، النظيف والتنافسي.

وأشارت المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن أمينة بنخضرة، إلى أن القانون المستقبلي للغاز، الذي يتضمن الأسس المطبقة في أوروبا، ينص على الفصل بين أنشطة الإنتاج والتوزيع والنقل، معلنة، في هذا السياق، عن إنشاء إدارة شبكة للنقل الوطني في المغرب مستقبلا.

وقالت إنه “طلب منا إنشاء شركة فرعية تكون مسؤولة عن تطوير شبكة النقل والتخزين الاستراتيجي للغاز الطبيعي”.

وخلصت بنخضرة إلى أنه بمجرد إنشائه سينصب الهيكل الجديد على تطوير شبكة الغاز الوطنية وتأمين الإمدادات للبلاد، وسيتم وضع الترتيبات الخاصة بإنشاء إدارة شبكة النقل.

وبالنسبة للمرحلة الثالثة، تقييم خيارات توريد الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال المختلفة، لاسيما عن طريق خطوط أنابيب الغاز، عن طريق وحدات التخزين وإعادة التحويل إلى غاز سائل، عن طريق المحطات البرية، والتدفقات متعددة الاتجاهات.

ومن المتوقع أن يضمن تنويع نقاط الدخول للمنتج ومصادره مرونة العرض وضمان انتظامه واستمراريته.

وإلى جانب ذلك سيتم اعتماد شبكة نقل جديدة لربط جميع مكونات مخطط الغاز من خلال عملية الربط التي تتكون من خط أنابيب الغاز المغاربي – أوروبا وخط أنابيب الغاز النيجيري المستقبلي السنغال – موريتانيا والذي يسمح بتطور تدريجي يمتد على مدى عدة سنوات حسب تنامي الحاجات المحلية.

وبالإضافة إلى تطوير القدرات الذاتية لاستقبال وتخزين الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال لأسباب أمن الإمدادات، يمكن أن يتخذ هذا المخزون شكل تخزين سائل أو تخزين تحت الأرض للغاز الطبيعي المضغوط في شكل غازي.

وينصب التركيز على التخزين الاستراتيجي تحت الأرض من خلال تحديد أنسب المواقع لاستقبال البنية التحتية للتخزين، بهذا المعنى، فإن التكوينات الجيولوجية التي تسمح بتكوين تجاويف ملحية، لاسيما في منطقة المحمدية، هي الأكثر امتيازا.

ولذلك، فإن أهداف هذه الخارطة تتمحور حول التوجهات الاستراتيجية من قبيل إنشاء سوق غاز طبيعي منظم، وتطوير مشروع بنية تحتية غازية، وولوج الصناعيين والمستهلكين لطاقة تنافسية أو تحسين القدرة التنافسية للصناعيين المغاربة المصدرين.

3 مليارات متر مكعب حجم الطلب السنوي المتوقع بحلول 2040 وفق مديرية الطاقة والمعادن

وفتحت الرباط طيلة السنوات الأخيرة المجال لشراكات مع مجموعات استثمار دولية متخصصة في عملية التنقيب عن الغاز والبترول من أجل استكشاف ما قد تكتنزه البلاد من ثروات باطنية، أملا في أن تسهم تلك الاكتشافات في إحداث ثروة اقتصادية في البلاد.

وذكرت مديرية الطاقة والمعادن أن الدراسات المنجزة وتحليل الوضعية الراهنة للعرض والطلب على الغاز على المستويين المحلي والدولي، أبانت أن السوق سينجذب في المرحلة الأولى إلى الطلب في قطاع إنتاج الكهرباء ومن قبل الصناعة.

وتشير تقديرات المديرية إلى أنه من المتوقع أن يصل إجمالي الطلب على الغاز الطبيعي في المغرب إلى أكثر من 3 مليارات متر مكعب سنويا في العام 2040، وهو سبب كاف لأن تتجه السلطات إلى تنمية هذا القطاع.

وتبدي بنخضرة ثقتها في إمكانيات النفط والغاز بالبلاد، وتقول إن عدة مناطق قبالة سواحل الرباط – سلا والصويرة وأغادير وطرفاية وبوجدور تتوفر على هذه الإمكانيات وأظهرت أنظمة بترولية نشطة، داعية إلى تضافر المزيد من الجهود في ما يخص حفر الآبار.

وعلى مستوى التعاون الإقليمي أكدت المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، أن خط أنبوب الغاز المغاربي – الأوروبي، الذي دخل الخدمة منذ ربع قرن “يمثل أداة رائعة للتعاون رابح – رابح ونموذجا لمشروع إقليمي مهيكل ومفيد للجانبين”.

وقالت إن “إرادة المغرب حاسمة في الحفاظ على هذا الخط لتصدير الغاز تم دائما تأكيدها بوضوح وعلى جميع المستويات منذ أكثر من ثلاث سنوات”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: