المغرب يرفض مبررات الجزائر لقطع العلاقات الثنائية بين البلدين

ماموني

إثر إعلان وزير خارجية الجزائر رمطان لعمامرة قطع العلاقات مع المملكة المغربية بسبب ما وصفه بـ”الأعمال العدائية” يُرتقب أن تعقب القرار خطوات أخرى قد تكون عنوان المرحلة المقبلة في العلاقات بين البلدين، منها اعتزام السلطات تعزيز وجودها العسكري على الحدود مع المملكة ودراسة تعليق الخط الجوي بين الجزائر والدار البيضاء ووقف جميع الرحلات.

أعربت المملكة المغربية عن أسفها لقرار الجزائر الثلاثاء قطع العلاقات معها، وسط ترجيح المراقبين أن تدخل الروابط مرحلة جديدة قد تتعزز بالوجود العسكري الجزائري على الحدود مع المغرب، في ظل وجود ما يسمى بترسيم الحدود بين الجزائر وجبهة البوليساريو، فضلا عن إمكانية تعليق الخط الجوي بين البلدين.

وقال بيان لوزارة الخارجية إن “المملكة المغربية أخذت علما بالقرار الأحادي للسلطات الجزائرية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب”.

وأكدت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج مساء الثلاثاء أن “المغرب إذ يعرب عن أسفه لهذا القرار غير المبرر تماما ولكنه متوقع، بالنظر إلى منطق التصعيد الذي تم رصده خلال الأسابيع الأخيرة، وكذا تأثيره على الشعب الجزائري، فإنه يرفض بشكل قاطع المبررات الزائفة بل العبثية التي انبنى عليها”.

وبالموازاة مع التصعيد الجزائري تجاه المغرب والذي أخذ عدة أشكال في الآونة الأخيرة رجحت أوساط سياسية إمكانية دفع جبهة البوليساريو الانفصالية إلى استفزاز القوات المسلحة الملكية المرابطة عند الجدار الدفاعي جنوب المغرب لجرها نحو مواجهة مسلحة، كما كان عليه الأمر في منطقة الكركرات قبل أشهر، خصوصا بعد دعوة المجلس الأعلى للأمن في الجزائر إلى تكثيف التواجد العسكري عند الحدود مع المغرب.

الشرقاوي الروداني: الجزائر قطعت العلاقات مع المغرب لاحتواء عزلتها الدولية المتزايدة

وأعلن وزير خارجية الجزائر رمطان لعمامرة الثلاثاء قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، متهما الرباط بالقيام بـ”أعمال عدائية”. وحمّل لعمامرة “قادة المملكة مسؤولية تعاقب الأزمات التي تزايدت خطورتها”، معتبرا أن “التصرف المغربي يجر إلى الخلاف والمواجهة بدل التكامل في المنطقة” المغاربية.

وأكد القيادي السابق بجبهة البوليساريو مصطفى سلمى ولد سيدي مولود “أنه إلى حد الساعة الأمور على الحدود عادية والبوليساريو بشكلها الحالي لا تستطيع الدخول في مغامرة مسلحة ضد المغرب حتى لو سلحتها الجزائر تسليحا جيدا”.

وقال، في تصريح صحفي ، أن أي حرب قادمة ستدخل فيها الجزائر مباشرة لأن موازين القوى اليوم متباعدة بين البوليساريو والمغرب عكس ما كان عليه الحال زمن السبعينات من القرن الماضي لما كانت الجبهة تتلقى الدعم من كل الحلف الشرقي”.

واستدرك مصطفى سلمى ولد سيدي مولود قائلا إن “الوقت الآن غير مناسب للجزائر للدخول في مغامرة غير محسوبة العواقب، فوضع المغرب أحسن من وضعها بكثير، إذا كانت هناك تطورات فستكون مع نهاية هذا العام أو مطلع العام القادم”.

وتشهد العلاقات الجزائرية المغربية توترا منذ عقود، بسبب قضية الصحراء المغربية على وجه الخصوص، والحدود بين الجارتين مغلقة منذ عام 1994.

ويقول الخبير في الدراسات الجيواستراتيجية والأمنية الشرقاوي الروداني “ليس هناك شيء يقلق المغرب أكثر من انهيار النظام في الجزائر على اعتبار وجود مشاكل يعيشها هذا البلد”، لكنه يستبعد السيناريو الدراماتيكي.

وأوضح  أن “حركة الطيران مضبوطة بقوانين ومعاهدات دولية ولا يمكن أن يكون هناك انقطاع في هذا الصدد”، مشيرا إلى أن الجزائر قامت بخطوة قطع العلاقات من أجل احتواء عزلتها الدولية المتزايدة. وهي بذلك تراهن على دخول أطراف وقوى عظمى حتى تتمكن، كما تظن، من فرض تصوراتها، في الوقت الذي أصبح فيه المغرب قوة إقليمية وقارية تستطيع أن تلعب أدوارا طلائعية في هندسة محاور كبرى في المتوسط وأفريقيا والجنوب الأطلسي”.

ويأتي قرار الجزائر قطع العلاقات مع المغرب بالتزامن مع اقتراب انتهاء اتفاقية أنبوب الغاز المغاربي – الأوروبي الذي يمر عبر الأراضي المغربية في اتجاه أوروبا وإسبانيا، حيث لوحت جهات رسمية في الجزائر باحتمال عدم تجديد الاتفاقية التي أعلنت الرباط أنها ترغب في تجديدها وفي استمرار عمل الأنبوب.

وقال الروداني “المغرب يدعم مواصلة عمل الأنبوب الذي ينقل الغاز من الجزائر نحو إسبانيا عبر التراب المغربي، وهذه مشكلة بين الجزائر وإسبانيا لأن الاتفاق ثلاثي، والرابح الأكبر فيه هو الجزائر باعتبار أن تسويق الغاز في أوروبا الغربية هو ساحة جديدة للمنافسة الدولية”.

ويعتقد أن التقارب الاستراتيجي المغربي – الأميركي والمغربي – الإسباني مؤخرا كان سببا سرّع صدور هذا البيان باعتبار أن الجزائر كانت تراهن على خلق أساليب توتر جديدة بين الرباط ومدريد، وأن الاتهامات التي تضمنها بيان الرئاسة الجزائرية واهية وهروب إلى الأمام لأنها تعتبر محاولة لتصدير المشاكل الداخلية التي يعرفها هذا البلد.

العلاقات الجزائرية المغربية تشهد توترا منذ عقود، بسبب قضية الصحراء المغربية على وجه الخصوص، والحدود بين الجارتين مغلقة منذ عام 1994

وعبّر رئيس الحكومة سعدالدين العثماني عن أسفه لإعلان الجزائر قطع علاقاتها مع الرباط، معتبرا في تصريح صحافي أن المغرب يعتبر استقرار الجزائر وأمنها من استقرار المغرب وأمنه، وأن المملكة المغربية يجب أن تسير دائما في هذا الأفق الاستراتيجي وتتشبث دوما بهذا الأمل.

وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس دعا الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في خطاب العرش، في يوليو الماضي، إلى “تغليب منطق الحكمة” و”العمل سويا، في أقرب وقت يراه مناسبا، على تطوير العلاقات الأخوية التي بناها شعبانا عبر سنوات من الكفاح المشترك”، مجددا أيضا الدعوة إلى فتح الحدود المغلقة بين البلدين منذ أكثر من ستّة وعشرين عاما.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: