ترشيح أقارب قيادات للانتخابات المغربية: توريث كفاءات أم انتهازية سياسية؟

الماموني

مهّد اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والمحلية في المغرب لتزكية بعض الأحزاب عددا من الوجوه المحسوبة على قياداتها وأبناء رموز سياسية كثيرة، ما يطرح حسب مراقبين تساؤلات بشأن ما إذا كانت الخطوة توريثا حزبيا أم انتهازية سياسية تمارسها الأحزاب؟

وترشّح حسن لشكر (ابن الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي) عن دائرة الرباط اليوسفية، ونوفل شباط (ابن حميد شباط الأمين العام السابق لحزب الاستقلال) عن دائرة تازة، وهو المرشح الجديد لحزب جبهة القوى الديمقراطية بمنطقة فاس الشمالية.

وترشّح ياسين الراضي (ابن المستشار البرلماني والقيادي السابق في حزب الاتحاد الدستوري إدريس الراضي) عن دائرة سيدي قاسم، كما ترشح عبدالصمد عرشان (ابن محمود عرشان، الرئيس السابق لحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية) للفوز بولاية جديدة على رأس جماعة تيفلت، بالوسط الشمالي للمغرب.

وزكّت اللجنة التنفيذية لخوض الانتخابات التشريعية في دائرة فاس الشمالية عبدالمجيد الفاسي، لكنّ مناضلي حزب الاستقلال بمدينة فاس اعترضوا على هذا الترشيح باعتبار أنه ابن عباس الفاسي الوزير والأمين العام السابق للحزب، وصهر الأمين العام الحالي نزار بركة، فضلا عن كونه فرضا للأمر الواقع وتجاوزا للقواعد والفروع التي لها حق في اختيار المرشحين للاستحقاقات الانتخابية القادمة.

وأكد أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري رشيد لزرق أن الدستور رسَّخ مبدأ المساواة بين المواطنين والمواطنات، ومنع كل أشكال التمييز ومنها التمييز بسبب الانتماء الاجتماعي، مستدركا أن القيادات المحسوبة على الشعبوية تكشف تغلغل ظاهرة العائِلُوقراطية في المؤسسات الحزبية والمنتخبة، عبر تنامي حجم التوريث السياسي وما يجسده من انقلاب مفضوح ضد سلامة الاختيار الديمقراطي.

وشدد على أن “إدريس لشكر رشح ابنته لمنصب وزاري في النسخة الأخيرة من الحكومة الحالية ورفضت”، موضحا أن دستور 2011 وطّدَ للتحول الديمقراطي الكبير الذي انتصر لمكارم القيم الإنسانية، وحث على احترام الحريات والكرامة والعدالة الثقافية والاجتماعية، وأن الاشتراكية والتوريث لا يلتقيان مع الديمقراطية إلا في النموذج الكوري الشمالي والسوري البعثي”.

رشيد لزرق: أحزاب تمارس التوريث لضمان مستقبل الأبناء وحماية الثروة

وذكرت مصادر حزبية أنه تمت تزكية زوجات وأبناء وأقرباء بعض المنسقين الإقليميين ضمن اللوائح الانتخابية للفوز بمقاعد المجالس الإقليمية والتشريعية، علاوة على فرض التموقعات داخل الهياكل الحزبية.

ودفع البرلماني ورئيس جماعة القصر الكبير محمد السيمو ابنته للترشح على رأس اللائحة الجهوية للانتخابات التشريعية عن حزب الأحرار بجهة طنجة تطوان الحسيمة.

وفيما اعتبرت مصادر بالفرع الإقليمي للحزب أن هذه التزكية تخرج عن الأعراف الديمقراطية في الاختيار خصوصا وأنها وافدة عن حزب الحركة الشعبية، أكدت زينب سيمو أن ترشيحها جاء بناء على ثقة مناضلي ومناضلات حزبها.

كما تقدمت زهرة فرحاني (زوجة حسن عنترة الرئيس السابق لمجلس جماعة المحمدية) وكيلةً للائحة النسائية ضمن حزب الأصالة والمعاصرة.

وشغلت زهرة فرحاني منصب نائب الرئيس خلال مرحلة زوجها حسن عنترة، باسم حزب العدالة والتنمية، قبل أن يتم عزله من منصبه. وبعدها التحقت مع مجموعة من المنسحبين من حزب العدالة والتنمية بحزب التقدم والاشتراكية ليعلنوا ترشحهم باسمه، ثمّ تم شطب زوجها عنترة من اللوائح الانتخابية.

وأثارت الترشيحات جدلا لدى عدد من متابعي المشهد السياسي، وتساءل هؤلاء عما إذا كان هدفها تعزيز الديمقراطية التشاركية أم هي توريث للمناصب؟

ولفت رشيد لزرق إلى أن هناك أحزابا تدعي التقدمية والحداثة لكنها تمارس التوريث الحزبي لضمان مستقبل الأبناء بُغْية استمرار الحصانة السياسية وحماية الثروة المطمورة في خزائن القيادات الحزبية، وتحاول تحقيق إعادة انتشار غير دستورية تضرب مبدأ تكافؤ الفرص في التعيينات بالمناصب العليا، ومنع التنافس الاقتصادي القانوني لإنماء الثروات والقطاعات الحيوية ذات فائض القيمة.

ودفع غياب قانون يحد من ظاهرة توريث المناصب الحزبية والمقاعد البرلمانية عددا من القيادات إلى الضغط لتزكية أقربائهم. وأعلن البرلماني الحاج الطاهر ترشيح نفسه باسم البام في الانتخابات التشريعية، والدفع بأحد أبنائه على رأس اللائحة الخاصة بالانتخابات الجماعية.

واشتكت قيادات ومناضلون من حزب الأصالة والمعاصرة من تزكيات اللائحة الجهوية للنساء، حيث أوضح عبدالواحد الزيات عضو حزب الأصالة والمعاصرة أن “الحزب ارتكب مجزرة في اللائحة الجهوية للنساء، بالنسبة إلى اللجنة التي تم تسويقها على أساس أنها سوف تنتقي السجلات كانت مجرد مسرحية سيئة الإخراج”. وأضاف “إذا لم تقدم نساء قيادات من الطراز العالي في البام ترشيحاتهن للجنة، فكيف تمت التزكيات؟”.

وخلقت تزكيات الآونة الأخيرة احتجاجات داخل بعض الأحزاب نظرا لغياب الأسباب الموضوعية لترشيح تلك الأسماء والأقرباء، خاصة بعد ظهور أسماء إما لها سوابق قضائية أو تم طردها من طرف أحزابها الأصلية قبل أن يتم استقبالها بتعليمات من أمناء عامين للأحزاب.

وستجرى عملية الاقتراع في الانتخابات التشريعية والجماعية والجهوية يوم الثامن من سبتمبر المقبل. وعقدت وزارة الداخلية لقاءات مختلفة مع الأحزاب السياسية بشأن الترتيبات الخاصة بالحملات الانتخابية في ظل انتشار فايروس كورونا المستجد، كما سيتم تفادي استعمال الوسائل التقليدية المعروفة، بالإضافة إلى حصر أعداد المشاركين في التجمعات الحزبية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: