الملك محمد السادس يشدّد على أن المغرب لا يقبل وصاية أحد

ماموني

كشف العاهل المغربي الملك محمد السادس أن المغرب تغيّر فعلا، لأنه “لا يقبل أن يتم المس بمصالحه العليا، وأن بعض قيادات الدول الأوروبية، لم يستوعبوا بأن المشكلة ليست في أنظمة بلدان المغرب الكبير، وإنما في أنظمتهم، التي تعيش على الماضي، ولا تستطيع أن تساير التطورات”، كاشفا عن أن المملكة “تتعرّض لهجمات مدروسة في الفترة الأخيرة من طرف بعض الدول والمنظمات المعروفة بعدائها لبلدنا”.

ولفت الملك محمد السادس، في خطابه بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب مساء الجمعة، إلى أنه قد “تم تجنيد كل الوسائل الممكنة، الشرعية وغير الشرعية، وتوزيع الأدوار، واستعمال وسائل تأثير ضخمة، لتوريط المغرب، في مشاكل وخلافات مع بعض الدول”، كما أنهم “دبروا حملة واسعة، لتشويه صورة مؤسساتنا الأمنية، ومحاولة التأثير على قوتها وفعاليتها، في الحفاظ على أمن واستقرار المغرب؛ إضافة إلى الدعم والتنسيق، الذي تقوم به في محيطنا الإقليمي والدولي، باعتراف عدد من الدول نفسها”.

وقال مراقبون محليون إن الخطاب الملكي أظهر أن المغرب يتغير ويوسع علاقاته الخارجية، لكن في ظل ضابط أساسي، وهو احترام قراره الوطني، وذلك لتبيان موقف الرباط من الحملات الإعلامية التي استهدفت المملكة خلال الأسابيع الأخيرة.

وأكد محمد الطيار الباحث المغربي في الدراسات السياسية والأمنية، أن الخطاب الملكي قدم تفسيرا دقيقا للحملة الإعلامية التي استهدفت المغرب مؤخرا، وحدد بشكل صريح أهداف القائمين عليها.

محمد الطيار: الخطاب الملكي قدم تفسيرا دقيقا للحملة التي استهدفت المغرب

وأشار الطيار ، إلى أن بعض الدول الأوروبية أصبحت تخاف على مصالحها التجارية وعلى أسواقها ومراكز نفوذها بمنطقة المغرب العربي، لذلك تعمد إلى عرقلة كل تقدم وكل محاولات التحرر من هيمنتها.

وقد خطا المغرب خطوات كبرى في عدد من المجالات التنموية والاقتصادية والاجتماعية، حقق فيها عددا من الإنجازات، ومنها الأداء الاستخباراتي الفعال والناجع للأجهزة الأمنية التي كانت محل إشادة دولية، وأيضا تعرضت إلى نوع من الامتعاض من طرف دول أخرى حاولت تشويه سمعة هذه الأجهزة التي كان لها دور مهم في حفظ أمن واستقرار المغرب.

وقد خصص الملك محمد السادس حيزا مهما من خطابه للحديث عن الأزمة مع إسبانيا التي استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر، حيث شدد على أن “المغرب حريص على إقامة علاقات قوية، بناءة ومتوازنة، خاصة مع دول الجوار. وهو نفس المنطق، الذي يحكم توجهنا اليوم، في علاقتنا مع جارتنا إسبانيا”.

وتابع العاهل المغربي قائلا “وهو نفس المنطق، الذي يحكم توجهنا اليوم، في علاقتنا مع جارتنا إسبانيا، وصحيح أن هذه العلاقات مرت، في الفترة الأخيرة، بأزمة غير مسبوقة، هزت بشكل قوي، الثقة المتبادلة، وطرحت تساؤلات كثيرة حول مصيرها”.

وشهدت العلاقات بين المغرب وإسبانيا توترا كبيرا على خلفية استقبال مدريد زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي للعلاج.

وقالت السلطات المغربية إن غالي دخل بجواز سفر مزور، من أجل تفادي تهم ثقيلة كانت تواجهه أمام القضاء الإسباني.

وأكد الملك محمد السادس أن الدولة المغربية “اشتغلت مع الطرف الإسباني، بكامل الهدوء والوضوح والمسؤولية. فإضافة إلى الثوابت التقليدية، التي ترتكز عليها، نحرص اليوم، على تعزيزها بالفهم المشترك لمصالح البلدين الجارين”، حيث كشف أن المفاوضات مع إسبانيا كانت تحت إشرافه.

وقابلت اسبانيا والاتحاد الأوروبي بصورة ايجابية السبت رغبة العاهل المغربي في تعزيز العلاقات مع دول الجوار، ووجها بدورهما دعوة إلى ترسيخ الروابط مع المملكة بعد ثلاثة أشهر من أزمة هجرة يجري تجاوزها حاليا على ما يبدو.

وخلال مؤتمر صحافي في توريخون دي أردوز (شمال-شرق مدريد)، قال رئيس الوزراء الاسباني إنّه يودّ “شكر ملك المغرب على تصريحاته” فيما كان قادة أوروبيون بارزون إلى جانبه بعد زيارتهم مخيماً يأوي لاجئين أفغانا جرى إجلاؤهم من كابول.

وأضاف رئيس وزراء اسبانيا التي يهمها تعاون الرباط لمكافحة الهجرة غير القانونية، “اعتبرنا المغرب حليفا استراتيجيا على الدوام”.

وتابع سانشيز “انطلاقا من الثقة، الاحترام والتعاون، بمقدورنا بناء علاقة أكثر تماسكاً من تلك التي جمعتنا إلى الآن”.

بدوره، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال خلال المؤتمر الصحافي نفسه، “نعرب عن ترحيبنا بما قاله ملك المغرب”، مضيفا أنّ “المغرب شريك لاسبانيا، ولكن أيضاً للاتحاد الأوروبي”.

وعن النهج المغربي في تدبير المفاوضات يؤكد الملك محمد السادس “لم يكن هدفنا هو الخروج من هذه الأزمة فقط، وإنما أن نجعل منها فرصة لإعادة النظر في الأسس والمحددات، التي تحكم هذه العلاقات”.

وتحدث العاهل المغربي عن مستقبل العلاقات الثنائية بن الرباط ومدريد فقال “إننا نتطلع، بكل صدق وتفاؤل، لمواصلة العمل مع الحكومة الإسبانية، ومع رئيسها بيدرو سانشيز، من أجل تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة، في العلاقات بين البلدين، على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل، والوفاء بالالتزامات، وهو نفس الالتزام، الذي تقوم عليه علاقات الشراكة والتضامن، بین المغرب وفرنسا، التي تجمعني برئيسها إيمانويل ماكرون روابط متينة من الصداقة والتقدير المتبادل”.

واعتبر محمد الطيار أن خطاب الملك محمد السادس يظهر أن المغرب حريص على إقامة علاقات قوية، بناءة ومتوازنة، خاصة مع دول الجوار، مضيفا أن هذا المعطى الأساسي هو الذي يحكم توجه المغرب اليوم، في علاقته مع الجارة إسبانيا، مشيرا إلى أن الحوار مع مدريد يستند على ضرورة احترامها لهذا المنطلق، وبالفهم المشترك لمصالح البلدين الجارين، وأن مغرب اليوم لا يقبل سوى التعامل المتوازن.

وأضاف أن الفهم المشترك لمصالح الرباط ومدريد واحترامها، هي نفس المنطلقات التي ستحكم علاقة المغرب بفرنسا، لافتا إلى أن عليها أن تحترم المصالح العليا للمغرب دون وصاية أو هيمنة، وأن تفهم كغيرها من الشركاء التقليدين الأوروبيين أن قواعد التعامل تغيرت.

وعلى المستوى الداخلي شدد العاهل المغربي على أن الانتخابات ليست غاية في حدّ ذاتها، وإنما هي وسيلة لإقامة مؤسسات ذات مصداقية، تخدم مصالح المواطنين، وتدافع عن قضايا الوطن. لأننا نؤمن بأن الدولة تكون قوية بمؤسساتها، وبوحدة وتلاحم مكوناتها الوطنية، وهذا هو سلاحنا للدفاع عن البلاد، في وقت الشدة والأزمات والتهديدات.

وقال مراقبون إن الملك محمد السادس أراد من خلال التركيز على الاستحقاقات المقبلة، ربط قوة مؤسسات الدولة بالدفاع عن مستقبل البلد بتعزيز البعد الديمقراطي والتنموي والاقتصادي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: