حراس شاطىء المهدية … يقظة أعوان يخاطرون بأنفسهم لإنقاذ الآخرين وسط الأمواج العاتية

بوشعيب البازي

يخاطرون بأنفسهم لإنقاذ الآخرين وسط الأمواج العاتية

نراهم في أقصى درجة التأهب واليقظة كل موسم اصطياف غايتهم تامين المواطنين الوافدين على شاطىء المهدية للاستمتاع ببرودة البحر ونسيمه هروبا من حرارة تكوي الأجسام. لماذا اختاروا هذه المهنة وما هي نظرتهم وتقييمهم لعمل يؤدوه بلا انقطاع ؟ إنها أسئلة يجيب عنها حراس الشواطئ  في هذا الاستطلاع الذي قامت به «أخبارنا الجالية».

مع اقتراب موسم الاصطياف من نهايته ارتأينا تسليط الضوء على الدور الكبير الذي يقوم به حراس الشواطئ  والتي تتركز مهمته في إنقاذ أرواح المصطافين من الغرق و المغامرين الذين يغامرون بحياتهم في البحر دون خوف رغم مخاطر السباحة دون التزام بالقواعد الموجودة.
قامت «أخبارنا الجالية» بإجراء استطلاع على مستوى شاطىء المهدية لإزالة الستار وتعريف القارئ بدور المنقد و كيفية ممارسة عمله وأكثر من هذا المخاطر التي يتعرض لها و التي يبقى أهمها المخاطرة بحياته لإنقاذ الآخرين وكم من غطاس لفظ أنفاسه وهو ينقذ احد الغرقى من البحر .
عيونهم لا تغفل عن المصطافين وانتباههم يظل مشدودا إلى البحر طوال اليوم تحت شمس حارقة يفرحون حين ينقذون غريقا من الموت وسط الأمواج العاتية ويحزنون حين تتوقف نبضات قلب الغريق رغم محاولة إسعافه إنهم الأعوان المكلفون بحراسة الشواطئ تجندهم الوقاية المدنية لحماية المصطافين طيلة فصل الصيف .
تجند الوقاية المدنية سنويا قرابة 3315 منقد موسمي للتكفل بحراسة الشواطئ المسموحة للسباحة على المستوى الوطني خلال موسم الاصطياف  ويتلقى هؤلاء الأعوان دورات تكوينية قصيرة جدا تعتبر غير كافية لتعلم تقنيات التدخل والإنقاذ وتقديم الإسعافات الأولية بينما تقع على عاتقهم مهام توعوية وتحسيسية للمصطافين والتواصل معهم للفت انتباههم للأخطار التي يمكن أن تحدق بهم  بما في ذلك التعرض لأشعة الشمس وضرورة احترام رايات السباحة .

عمل بلا توقف لسلامة الآخرين

يتولى منقدي  الشواطئ من التاسعة صباحا إلى السابعة مساءا يوميا  مقابل أجر طيلة موسم الاصطياف  تزامنا كما في هذه السنة مع ارتفاع في درجة الحرارة حيث يفضل البعض السباحة بعد غروب الشمس .

التيارات الهوائية البحرية …العدو اللدود

الكثير من الشباب تستهويه هذه المهنة وخاصة في فصل الصيف لكن ممارستها غير متاحة للجميع والسبب يكمن في خصوصيات لا يعرفها إلا من عايش البحر واكتسب خبرة تأتي عن طريق الممارسة إضافة إلى التكوين المستمر فالمنقذ يضيف محدثنا يجب أن يكون على دراية تامة بالتقلبات الجوية التيارات البحرية اتجاهات الرياح لون السحب والسماء وكل ما يتعلق بتنبؤات البحارة وهي مرجعية تقليدية تزيد من رصيد ذوي الخبرة إضافة إلى تقنيات الإسعاف الموضعي والدلك الخارجي للقلب وكيفية ضخ الهواء عن طريق الفم والأنف.

استحسن العديد من المصطافين عمل السباحين المنقذين  خاصة المجهودات التي تقوم بها الوقاية المدنية سنويا من خلال  تجنيد طاقم يتكون من حراس شواطئ ومركز مراقبة..

اتقان الاسعافات الاولية ضروري

هدوء البحر لا يعني شيئا بالنسبة للمنقدين  لانهم يعلمون انه تعقبه عاصفة لا محالة فالبحر متقلب في الصيف اكثر من الشتاء و هو ما اكده العديد من المختصين «لأخبارنا الجالية» على غرار كمال احد البحارين الذين يمارسون مهنة الصيد منذ اكثر من 30 سنة حيث قال « البحر غريب الاطوار و متقلب و لا يجب الائتمان به لانه غالبا ما يتغير

انقاذ الغرقى اسهل من انتشال الجثث

مهنة حراسة الشواطئ التي تدوم 04 أشهر في السنة تلازمها مخاطر ومغامرات لا تنتهي لإنقاذ الغرقى من مختلف الأعمار قد تكون نتيجتها كوابيس وذكريات سوداء تلاحق صاحبها مدى الحياة في النوم واليقظة لأن الأمر يتعلق بأشخاص فقدوا حياتهم بين يدي المنقد الذي يجد نفسه حبيس هذه الذكريات الأليمة مما يضطره أحيانا إلى المتابعة النفسية في المستشفيات.

وقال حارس الشاطئ عندما يموت بين ذراعيه غريق فإنه يتعرض لصدمات نفسية تكون سبباً في إصابته بالاكتئاب والعزلة وعلى العكس من ذلك فهو يشعر بالفخر والاعتزاز عندما ينقذ شخصا من الغرق وفي هذا الإطار حكى وليد لنا قصة إنقاذه لفتاة صغيرة خارج أوقات الحراسة على الساعة العاشرة ليلا  كان يجلس قرب البحر يتأمل موجاته وإذا به يرى فتاة تغرق فهرع لإنقاذها فكانت تتشبث به من شدة الخوف وهي تبكي وبعد إنقاذها ابتسمت وقبلته بشدة فأحس أنه أنقذ فتاة من موت محقق وهذا ما دفع والدتها إلى الدعاء له طويلا.

وأضاف أن متاعب المنقِذ تكمن أحيانا في عقلية الشباب المتهور فرغم النصائح التي يقدِّمها أعوان الحماية إلا أن الكثير يصر على السباحة أثناء رفع الراية الحمراء كما تبرز المشاكل مع الزوَّار القادمين من المدن المجاورة الذين يخاطرون بحياتهم بحجة أنهم يتقنون السباحة وهم الفئة الأكثر غرقا من بين المصطافين .

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: