تناولت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو توثق لجريمة بشعة
راح ضحيتها شاب يدعى جمال بن سماغيل ، و ذلك أثناء نشوب حرائق في غابات منطقة القبايل ” تيزي وزو ” و قد امتدت هاته الحرائق بشكل مهول على امتداد عدة ولايات جزائرية مما استدعى تكاثف جهود الجنود و كذلك المدنيين لإطفاء النيران التي استمر اندلاعها في غياب تجهيزات لوجيستيكية تمكن من إخمادها الأمر الذي أسفر عن خسائر في الأرواح وصلت إلى69 قتيل بين مدنيين و عسكريين .
الجريمة النكراء في حق الشاب جمال ، ارتكبها مجموعة من المدنيين الذين توهموا بأنه المسبب للحرائق خصوصا بعد العثور على برميل بنزين في سيارته ، و هو ما لم يدع لديهم مجالا للتحقق و دون أي تعقل و في مشهد بربري يعيدنا لوحشية و همجية القرون الوسطى ، تكالبت الايدي على الشاب الفنان و الفاعل الجمعوي و الحقوقي و الذي خرج لمد يد العون لأبناء بلده و قد أكد هذا بالدلائل ابناء منطقته موضحين انه قام بجمع تبرعات لمساعدة مواطنيه من المتضررين ليكون مصيره الضرب و التنكيل و السحل ثم الإحراق تحت عدسات التصوير التي وثقت جريمة شهيد الواجب الإنساني في مشهد مقزز يحمل دلائل عديدة عن دولة العسكر التي و بغض النظر عن كونها عجزت حتى عن توفير معدات الإطفاء لحرائق من هذا الحجم ، فإنها أبانت عن قانون الغاب الذي يسود في بلد ، المستفيد الوحيد فيه هو جنرالاتها الطاعنة في السن ، ففي الوقت الذي مد المغرب لجارته يد المساعدة بطائرتين متطورتين ، اكتفت هي بالصمت في انتظار أن تجود فرنسا عليها بقبول تأجير طائرتين لإخماد الحريق ..
لكن المشهد الأكثر إثارة للريبة ، و الذي تعجز الألباب عن تفسيره بالمنطق و الطبيعة الإنسانية _ اللهم بمنطق اللا سواء _ هو خروج أب الضحية رحمة الله عليه ، ليعرب عن تقبل اعتذار أهالي المنطقة فيما حصل من وحشية في حق ابنه ! و كأنه فقده في حادث سير !!
و تأتي هذه الخرجة الصادمة ساعات بعد وقوع الجريمة النكراء ، معللا موقفه الغير طبيعي بأنه حقن للدماء بحيث أنه لا يريد أن يكون ما وقع فتيلا للفتنة بين أبناء الوطن الواحد ..
قد يأتي موقف كهذا من اب مكلوم في ظروف أخرى أقل وطأة مما وثقه التاريخ لهذا الحادث بتفاصيله المريعة ، و قد يأتي موقف كهذا من أب مكلوم أيضا بعيد أيام أو أسابيع ، لكن المنطق السليم و البنية النفسية السوية يقران بأنه لا يمكن إلا أن يكون له رد فعل مغاير تماما و هو شيء طبيعي حسب الطبيعة البشرية ، و بعيدا عن المزايدات بشأن مدى وطنيته ، فالمجال هنا ينحصر في إحساس أب فقد ابنه الشاب المفعم بالحس المرهف كونه فنان و فاعل جمعوي .. و هكذا ينضم موقف الأب إلى الواقعة الأليمة لابنه مما يؤكد تبخيس المواطن كمواطن تحت إمرة العسكريين الذين حبكوا خيوط مأساة اسمها الجزائر منذ عقود و لا زالوا يتربعون فوق إنسانية الشعب الجزائري …