حرائق الجزائر: أمر مفتعل أم طبيعة غاضبة

La rédaction

انتشرت حرائق الغابات في مساحات كبيرة من دول البحر المتوسّط من بينها الجزائر التي تحاول منذ الاثنين السيطرة على العشرات من البؤر المشتعلة في الثروة الغابية.

وتجاهد فرق الإطفاء مع رجال الجيش الجزائري لاحتواء الحرائق التي ارتفعت إلى نحو 99 حريقا عبر محافظات البلاد.

وامتدت الحرائق عبر ولايات (محافظات) تيزي وزو والطارف وجيجل وبجاية وسكيكدة وبومرداس والمدية والبليدة وسطيف وعنابة والبويرة وقسنطينة وقالمة وتبسة وسوق أهراس وتيبازة.

وفتح مواطنون بيوتهم لاستقبال الهاربين من النيران، وفق رئيس الوزراء أيمن بن عبدالرحمن الذي أعلن أيضا تسخير “كل الفنادق حتى الخاصة منها وكذلك الإقامات الجامعية” من أجل إيواء المنكوبين.كما عرضت دول مثل ليبيا وموريتانيا وتركيا تقديم المساعدة لاحتواء الأزمة البيئية.

وإثر ذلك، أعلن الرئيس عبدالمجيد تبون حدادا وطنيا لمدة ثلاثة أيام ابتداء من الخميس، وتجميدا مؤقتا لكل الأنشطة الحكومية والمحلية، ما عدا التضامنية.

وكان تقرير خبراء المناخ في الأمم المتحدة حذّر الاثنين الماضي من أن التغيّر المناخي سيدمّر حتما الحياة كما نعرفها حاليا على كوكب الأرض في غضون 30 عاما أو أقل، ولا تبدو الجزائر في معزل عن الكارثة التي تهدّد البشرية.

ويقول الخبراء إن حرارة الأرض خلال العقود الماضية ارتفعت 1.2 درجة مئوية، بفعل تراكم الكربون، ما زاد من حرارة الأرض، وهو ما أوجد الاختلال الذي نراه ويشعر به الجميع، وأشعل الحرائق في الكثير من الدول.

وتستعر الحرائق حتى الآن في مناطق متفرقة من خمس قارات هي آسيا وأوروبا وأفريقيا وأميركا الشمالية وأميركا الجنوبية.

وسبق أن حذرت هيئة مراقبة للأحوال الجوية التابعة للاتحاد الأوروبي من أن منطقة البحر المتوسط أصبحت من مراكز حرائق الغابات بفعل ارتفاع حرارة الطقس.

ومنذ يونيو الماضي، ارتفعت درجات الحرارة بطريقة قياسية في الجزائر، وصنّف موقع “إلدورادو واذر” العالمي 11 مدينة جزائرية في مقدمة المناطق الأكثر حرارة في العالم حيث شارفت درجات الحرارة الـ50 مئوية، مما يسهل اندلاع الحرائق.

Thumbnail

وتشكو الجزائر من تدهور المساحات الطبيعية بسبب تطور عديد المنشآت والتوسع الحضري المتزايد والحرائق المتكررة وإزالة الأحراش والحرث في الأنظمة البيئية الهشة وانجراف التربة والجفاف الطويل والاستغلال الفوضوي، وفق آخر تقارير المديرية العامة للغابات (حكومية) الصادر في مارس الماضي. وتضم الجزائر، وهي أكبر دولة أفريقية، 4.1 مليون هكتار من الغابات فقط مع نسبة إعادة تشجير متدنية بلغت 1.76 في المئة فقط.

وتشهد البلاد حرائق غابات سنويا، وقد أتت النيران العام 2020 على حوالي 44 ألف هكتار.

ورغم المؤشرات البيئية والمناخية التي قد تكون سببا منطقيا في اشتعال الحرائق إلا أن الجزائر اتهمت “أيدي مجرمة” بإشعال الحرائق المميتة.

وحمّلت الحكومة الجزائرية مشعلي حرائق (لم توضح هويتهم) المسؤولية عن حرائق الغابات التي أدت إلى مقتل العشرات، من بينهم 28 عسكريا، وتدمير عدد من المنازل والمواشي شرقي العاصمة.

وأعلنت الإذاعة الجزائرية العامة الثلاثاء توقيف ثلاثة متهمين من “مشعلي حرائق” في مدينة المدية (شمال)، فيما أعلنت وكالة الأنباء الجزائرية توقيف رابع في عنابة.

كما اعتبرت محافظة الغابات بمحافظة تيزي وزو (شرق الجزائر)، والتي عرفت أكبر عدد من الحرائق وبلغ عددها أربعا وعشرين حريقا وتعدّ الأكثر تضررا، أن النيران المشتعلة مفتعلة وغير طبيعية.

ورأت أن مفتعلي هذه الحرائق اختاروا يوما معلوما مسبقا ستكون خلاله درجة الحرارة مرتفعة، لإشعال النيران في الثروة الغابية للبلاد، وساهم في انتشارها هبوب الرياح، مذكرة بنشرة خاصة قد صدرت منذ أيام وكانت حذرت من ارتفاع درجة الحرارة.

وخلفت الحرائق أضرارا في شبكة الكهرباء بالجزائر ممّا أثّر سلبا على شبكة الكهرباء في الجارة تونس وتسبب في انقطاعات للتيار الكهربائي.

كما شبّت النيران في مدينة القصرين الواقعة على الحدود مع الجزائر وتسبّبت بانفجار 22 لغما من دون وقوع أضرار بشرية.

وتأتي هذه الحرائق في وقت تستعد فيه الحكومة الجزائرية إلى طرح تعديل قانوني يهدف إلى معاقبة المتورطين في حرائق الغابات، حيث أمر الرئيس تبّون خلال جلسة لمجلس الوزراء في 25 يوليو الماضي، بصوغ مشروع قانون يعاقب المسؤولين عن إشعال الحرائق في الغابات، بأحكام تصل إلى السجن 30 عاما أو مدى الحياة إذا تسبب الحريق في مقتل أشخاص.

Thumbnail

وجاءت أوامر تبّون بعد أن كشفت التحقيقات المتعلقة بحرائق الغابات في الجزائر، أن “لوبيات الفحم” و”مافيا الفلّين” هما من كان وراء 80 في المئة من الحرائق التي التهمت الآلاف من الهكتارات، مع سبق الإصرار والترصد.

وبلغت المساحة الإجمالية التي مستها حرائق الغابات 8946 هكتارا على مستوى كافة البلاد خلال العام الحالي حيث سجلت 261 بؤرة كان أكبرها بولاية خنشلة، وفق صريحات لوزارة الفلاحة.

ودفع الطابع الإجرامي التي تكتسيه حرائق الغابات السلطات إلى زيادة التجنيد الفوري للمجموعات الإقليمية لمصالح الغابات، وإشراك الصيادين وسكان الأرياف والمناطق المحاذية للغابات والكشافة والجمعيات.

واتخذت السلطات الجزائرية وخاصة في المدن الواقعة شمال البلاد، تدابيرا استثنائية منذ منتصف يوليو الماضي في محاولة للحدّ من انتشار الحرائق، لكنها فشلت في السيطرة على الحرائق المندلعة منذ الاثنين.Merci

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: