رغم أن المشرع المغربي جرم العلاقات الجنسية غير الشرعية، ويعاقب ممتهنات الدعارة وزبنائهن بالسجن، فإن عددا من المدن ما زالت تحتضن أوكارا للدعارة تستقبل عشرات النساء من مختلف الأعمار، وزبناء من الذكور من كل حدب وصوب، غير مهتمين بالأمراض التي قد تصيبهم في تلك الأوكار، أو الجرائم التي قد يتعرضون لها، أو السجن الذي قد يكون مصيرهم مع أول دورية أمنية تحل بالمكان.
و لمدينة القنيطرة نصيب من هذه الأوكار، التي أصبحت تقض مضجع العديد من الحقوقيين، الذين ينادون بقانون يحمي ممتهنات الدعارة من الاستغلال الجنسي، وتوفير مورد رزق يحفظ لهن كرامتهن، وينتشلهن من براثن الفقر والاستغلال الجنسي البشع، المفروض عليهن مقابل دراهم معدودة.
غير بعيد من الدائرة الثامنة للشرطة بمدينة القنيطرة و خصوصا بالبام 1 الزنقة 92 مباشرة وراء مستشفى البزار تنتشر أوكار للدعارة ما زالت تعرف حركية كبيرة من قبل “عاملات الجنس” وزبنائهن، وهو ما يؤكد أن “الدولة لها يد في بقاء هذه الأوكار التي تعد وصمة عار بالنسبة إلى المدن المعنية وتشوه صورتها وتمس كبرياء سكانها وعزة نفس ساكنتها”، يقول بعض الحقوقيين. و خصوصا و أن الساكنة رفعت العديد من الشكاوي ضد ” الباترونة سعاد ” و لكن دون أي جدوى ، يقولون بأن وراءها من يحميها و من يوصل لها الاخبار قبل تحرك اي دورية في اتجاه مقرها .
قالت بعض متهمات الدعارة عند الباترونة سعاد أنها : “تعلم علم اليقين أن حياتنا مهددة بأمراض مزمنة وخبيثة. لكن الجوع أيضا يدق أبواب بيوتنا إن رفضنا هذا العمل فقط ليوم واحد”. وتضيف “الكل يعاتبنا، لكن لا أحد يسأل عن واقعنا وواقع حال أبنائنا وأسرنا”. واختتمت تصريحها قائلة: “لو وفرت لنا الدولة فرص عمل سنترك هذا المجال نهائيا. لكن الظروف حكمات علينا هكا”.
و أضافت المتحدثة أن زميلتها في المهنة كانت تستقبل الزبائن رغم إصابتها بكورونا و أن تابعت عملها لأنها لا تتوفر على مدخول آخر بإمكانه أن يسد حاجتها و حاجة عائلتها .
“نحن مثل أيها الناس ولنا كرامة، لكن الفقر كافر”، بهذه الجملة بدأت إحدى “المفروض عليهن العمل في الجنس” بوكر الدعارة عند الباترونة سعاد، مشيرة إلى أن وكر سعاد أصبح بؤرة ليس فقط للدعارة، بل خلية لكورونا ، وأكدت أن عددا من الفتيات من ممتهنات الدعارة يتعرضن للإصابات و ينقلن العدوى للزبائن.
وتعليقا على هذا الموضوع، يأسف أحد المواطنين الذين يقطنون بجانب سكنى الباترونة سعاد، على ما تعيشه فئة عريضة من النساء المفروض عليهن البغاء والدعارة، مشيرا إلى أن الجميع يتحمل مسؤولية هذا الواقع المؤلم من مسؤولين وفعاليات مدنية. وأضاف “آن الوقت لوضع حد لهذه الأوكار تنفيذا للقانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر”.
وأوضح أن النسوة لا يقمن بذلك عن قناعة، بل من أجل كسب قوت يومهن، وتوفير ظروف مريحة لأسرهن وأبنائهن مقابل ألم وعذاب وحدهن من يعلمنه، مما يوضح أن القانون المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر ينطبق على زبناء هؤلاء النسوة وعليهن أيضا، مشيرا إلى أن الحقوقيين أنفسهم يتحملون مسؤولية ما تتعرض له هذه الفئة من المجتمع.
وأضاف المتحدث نفسه أن “أوكار الدعارة تعد من أكبر بؤر الإجرام بعلم الجميع، من سلطات أمنية وإدارية ومنتخبة، وحتى أصحاب القرار على مستوى المدينة”. وتساءل: “هل تعلمون أن مثل هذه الأمور تسيئ إلى بلدنا الذي يتبجح بحقوق الإنسان وصون كرامته وإنسانيته؟”، لافتا الانتباه إلى “أن هناك من يستغل ضعف هذه الفئة في حساباته السياسية مقابل الدفاع عنهن”.و الغريب في الأمر أن رئيس الدائرة الثامنة بمدينة القنيطرة العميد أنس العرايشي و المعروف بنزاهته يجهل مثل هذه الاوكار التي لا تبعد عن مقر الشرطة الى 500 ب متر ، ناهيك عن المخبرين و ” مقدم الحومة ” الذي من المفروض أن يبلغ على هذه الاوكار .
وطالب المتحدث ذاته ولاية الامن ، و شرطة الاخلاق و رئيس الدائرة الثامنة بمدينة القنيطرة بالقيام بالمتعين حفاظا على كرامة هؤلاء النسوة وصون كرامة أهل المناطق المعنية، مشيرا إلى أن السكان بهذه المنطقة أصبحوا لا يطيقون العيش في جو مكهرب و مخلوط بالفساد و الاجرام .
كما أكد ، أنه بالإضافة إلى كون هذه الأوكار تشكل بؤرا للإجرام بشتى أنواع، فإنها تشكل أيضا قاعدة انتخابية لدى العديد من المسؤولين المنتخبين الذين يسهلون لممتهنات الدعارة مساطر تغيير العنوان وإنجاز البطاقة الوطنية والتسجيل في لوائح الانتخابات، داعيا المسؤولين إلى فتح تحقيق في هذا الموضوع لاكتشاف جريمة تمارس في حق هؤلاء النسوة.