لا يقاس تطور المجتمعات الانسانية من خلال التبدل والتوسع العمراني وزيادة مستويات الدخل والمعيشة فقط، وانما يقاس ايضا من خلال التعامل الحضاري والانساني المغروس لدى افراد المجتمع وخصوصا اولئك العاملين في مراكز العمل ذات الاحتكاك المباشر مع المواطنين في الشارع القنيطري .
ومن هؤلاء بالطبع رجال الشرطة الذين تقع عليهم مسؤولية حفظ الامن والسلامة داخل المجتمع، وحمايته من كل الاخطار والمنغصات التي تهدد راحته. وهذا المجهود بلا شك هو مجهود جبار تشكر عليه الاجهزة الامنية ويحتاج الى جهد وجلد وصبر. الا ان الابداع في هذا الواجب المقدس في خدمة الوطن والمواطنين لا يجوز ان يتبدد من خلال وجود بعض التصرفات السلبية للقلة القليلة من رجال الشرطة أمام ولاية أمن القنيطرة .
فالمشاهد المتكررة من خلال التصرفات غير الصحية وغير السليمة لبعض الاجهزة الامنية تقدم صورة سلبية عن هذه الادارات وكفاءتها في التعامل مع المواطنين. فقيام رجل الشرطة بالصراخ على المواطنين الواقفين بعيدا عن المقر الأمني و في الشارع العام لإبعادهم أكثر و أكثر بحجة أن والي الأمن يحب أن تكون المنطقة خالية يسيء الى الوجه المشرق والحضاري والسياحي والجميل لمدينة القنيطرة . كما ان قيام رجل الشرطة بتقمص شخصية سيد وملك الطريق، ومحاولة التنفيس عن مشاكله وهمومه الشخصية من خلال الانقضاض بالكلام غير الراقي وغير المتمدن على الناس في الشوارع او بالتأشير وعمل حركات غير لطيفة، يؤدي بنا الى ضرورة التفكير مليا في هذه التصرفات والسلوكيات وضرورة تقويمها بما يتماشى مع ما هو جار به العمل في الدول المتقدمة. ففي فرنسا مثلا نجد ان رجل الامن ملتزم بضرورة توجيه التحية الرسمية العسكرية الى المواطن قبل الاستفسار عن اي مخالفة قانونية. كما ان استخدام كلام نابي في حق المواطنين لما يسببه ذلك من ازعاج لمرتادي الاماكن العامة. هذا الامر يدفعنا الى أهمية حث وتشجيع اكاديمية الشرطة في القنيطرة على تدريس خريجيها «اتيكيت التعامل» وضرورة التحلي بالاداب العامة الجميلة في التعام مع المواطنين. لانه في نهاية الامر لم يوجد جهاز الشرطة في المجتمع المدني الا لخدمة الشعب.