انتعاش غير مسبوق في نشاط صناعة السيارات بالمغرب

ماموني

استطاعت صناعة السيارات في المغرب اكتساب قدرة كبيرة على المنافسة في سوق عالمية آخذة في التنامي، بعد أن حققت قفزة في نمو الصادرات رغم ظروف الأزمة الصحية ونقص رقائق أشباه الموصلات، والذي ترى السلطات أنه أصبح محرّكا استراتيجيا للتنمية بفضل مناخ الأعمال المستقر.

انتعشت صادرات الشركات المغربية العاملة في قطاع تصنيع السيارات والكابلات وقطع الغيار بشكل غير مسبوق منذ بداية العام الجاري، مما يؤكد أنه يسير عكس تيار وباء كورونا، وذلك قياسا بحجم التداعيات التي ضربت هذه الصناعة في الكثير من دول العالم.

وأشارت أحدث المؤشرات التي نشرها مكتب الصرف التابع لوزارة الاقتصاد والمالية إلى المنحى التصاعدي لأداء القطاع، حيث ارتفعت صادراته بنسبة 42.8 في المئة في الفترة الفاصلة بين يناير ويونيو الماضي بمقارنة سنوية.

وتؤكد هذه القفزة أن المغرب لا يزال من أكثر البلدان الجاذبة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخاصة إذا ما تعلق الأمر بتوفير فرص عمل في قطاع تعتبره الحكومة من المجالات الاستراتيجية إلى جانب السياحة والزراعة والفوسفات.

حكيم عبدالمومن: مخطط التسريع الصناعي ساهم في تطوير القطاع بشكل لافت

وربط مكتب الصرف هذا الانتعاش القياسي بالزيادة الكبيرة في الصادرات الموجهة إلى الأسواق الأوربية وشمال أفريقيا، والأمر نفسه بالنسبة إلى صادرات الكابلات الموجهة إلى الوحدات الصناعية الخاصة بالسيارات في الخارج، والتي سجلت زيادة بنسبة 36 في المئة، خلال الفترة نفسها من هذا العام.

وشدد مولاي حفيظ العلمي وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، على الأهمية الاستراتيجية للقطاع الذي نجح في تحقيق أرقام قياسية على مستوى الصادرات، تجاوزت تلك التي يحققها المكتب الشريف للفوسفات ويوجهها نحو 75 بلدا بمختلف القارات.

وقال خلال لقاء جمع كبار المصنعين الأربعاء الماضي إن “المغرب أصبح منصة صناعية للسيارات تعتبر حاليا من أكثر المنصات تنافسية على الصعيد العالمي”.

ويأتي قطاع السيارات في مقدمة الصادرات المغربية، حيث بلغت قيمتها 42.3 مليار درهم (4.7 مليار دولار) في النصف الأول من هذا العام مقابل 3.9 مليار دولار على أساس سنوي.

وأجمع المشاركون في ملتقى صناعة السيارات الذي نظمته وزارة على الأهمية الاستراتيجية التي يحظى بها المغرب في هذا المجال على المستويين الإقليمي والعالمي.

وأكد حكيم عبدالمومن رئيس الجمعية المغربية لصناعة وتسويق السيارات على أن مخطط التسريع الصناعي أتاح للمغرب والمهنيين امتلاك منظومة صناعية متكاملة، ساهمت في تطوير هذا القطاع بشكل لافت.

ويتناغم هذا الانطباع مع ما أشارت إليه كنزة العلوي المسؤولة عن القطاع بوزارة الصناعة، حينما قالت إن بلدها لديه “قدرات إنتاجية مهمة في مجال قطاع تصدير السيارات”، مؤكدة أنه في طريقه إلى بلوغ هدف تصدير بواقع مئة مليار درهم (11.2 مليار دولار) في الفترة المقبلة.

لوكا دي ميو: رينو صنعت بشراكتها مع المغرب قصة نجاح حقيقية

ووفق وكالة فيتش للتصنيف الائتماني فقد حصل المغرب على أعلى نتيجة على صعيد نمو إنتاج السيارات، بلغت 83.9 من أصل 100 نقطة، نتيجة اعتماده على نظرة مستقبلية قوية لنمو الإنتاج وانخفاض تكاليف اليد العاملة.

وساهم انتعاش الطلب العالمي على السيارات منخفضة الكلفة في زيادة صادرات المغرب من السيارات المصنعة محليا من طرف مجموعتي رينو وبيجو-ستروين الفرنسيتين، إلى جانب باقي الأجزاء الخاصة بالتجهيزات الداخلية للسيارات، التي تتمركز وحداتها الصناعية بمنطقتي القنيطرة والدار البيضاء، وكذلك جهة طنجة.

ويعتبر العلمي أن بلده نجح في ظرف وجيز في أن يتبوأ المرتبة الأولى على الصعيد الأفريقي في ما يخص هذا القطاع، بعد أن رفع من طاقته الإنتاجية بشكل فاق كل التوقعات، إذ أصبحت تبلغ اليوم ما يناهز 700 ألف سيارة سنويا.

وقال إن بلده “استطاع بناء منظومة متكاملة خاصة في قطاع السيارات في المغرب، الذي تمكن بالتالي من التوفر على أزيد من 250 مصنعا يشتغل في هذا القطاع”.

وتظهر الأرقام الرسمية أن المغرب يضم 251 مصنعا للسيارات، توظف أكثر من 160 ألف شخص. وتعزز القطاع مع اعتزام مجموعة سوميتومو اليابانية إقامة خامس مصنع لها في المغرب وتحديدا في الدار البيضاء باستثمارات تبلغ 51 مليون دولار.

وكشفت وزارة الصناعة أن مصنع سوميتومو الجديد سيوجه صادراته بشكل كامل إلى شركة فيات كرايسلر المتخصصة في إنتاج سيارات جيب وكرايسلر وفيات وألفاروميو ومازيراتي وفيراري وغيرها من العلامة التجارية.

وعبر الرئيس التنفيذي لمجموعة رينو لوكا دي ميو خلال الملتقى عن يقينه بأن المغرب نجح في تطوير صناعة السيارات بشكل لافت، إذ استطاع فرض اسمه في هذا المجال على المستوى الدولي.

وقال دي ميو إن “رينو سعيدة بشراكتها مع المغرب، لأنهما استطاعا معا تحويل مشروع صناعة السيارات الذي أطلقاه في طنجة إلى قصة نجاح حقيقية”.

وفي خطوة أخرى لتعزيز هذه الشراكة أبرمت وزارة الصناعة اتفاقية مع رينو تحدد أهدافا جديدة لتطوير منظومة الشركة الفرنسية بالمغرب عبر تصنيع سيارات جديدة ستدمج تكنولوجيات التنقل الكهربائي للمجموعة بقيمة 3.54 مليار دولار، كحجم مشتريات من أجزاء ومعدات السيارات المنتجة في المغرب و80 في المئة من الاندماج المحلي.

مجموعة سوميتومو اليابانية تخطط لإقامة خامس مصنع لها في المغرب باستثمارات تبلغ 51 مليون دولار

ولفت عبدالمومن إلى أن الجهات المسؤولة واكبت قطاع صناعة السيارات على مختلف المستويات، وهو ما ساهم في مساعدته على تحقيق نتائج مهمة، سيتواصل تحقيقها وتطويرها مع ضرورة الإشارة إلى أن المغرب لديه حاليا أكثر المنصات الصناعية تنافسية في العالم في هذا القطاع.

وحسب إحصائيات رسمية، ينتج المغرب 700 ألف سيارة سنويا، يتم تصدير 90 في المئة منها إلى أوروبا، ويبلغ متوسط عائدات صناعة السيارات سنويا نحو 31.6 مليار درهم (حوالي 3.6 مليارات دولار).

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: