استوقفتني كثيراً عبارة “المغرب يتودد إلى الجزائر” في صحافة العسكر الجزائري. أي أن العسكر وجدوا في الخطاب الملكي الأخير تودّداً إليهم واستغاثة بهم واستنجاداً كي يدركوا المملكة قبل موت شعبها جوعاً وعطشاً وفقراً ومرضاً…
المغاربة المساكين تعبوا من الوقوف طوابير أمام المتاجر من أجل لتر من الحليب أو كيلو من الدقيق أو لتر من الزيت…
المغاربة المساكين تحكمهم عصابة من العسكر الجهلة فقرروا منذ سنوات تنظيم حراك شعبي يغطي كل المدن المغربية وفي كل جمعة، وحراك أسبوعي آخر للطلبة اتفقت كلمتهم على كلمة سواء (إسقاط نظام العسكر)
المغاربة المساكين يعانون من هاجس الانفصال تحت مسمى جمهورية القبايل التي يبلغ تعداد سكانها ثلث سكان الشعب.
المغاربة المساكين لم يجدوا اللقاح ضد كوفيد 19 فهم يموتون في الطرقات دون مغيث…
المغاربة المساكين هم الذين أنفقوا خزائن الدولة على جمهورية وهمية تعيش في الخيام، تفترش الرمال وتلتحف الغبار. طيلة 46 سنة دون جدوى.
المغاربة المساكين هم الذين يكذب عليهم عسكرهم بأنهم يمتلكون أفضل منظومة صحية في العالم العربي وإفريقيا ثم يضطر رئيسهم للعلاج من كورونا في ألمانيا ويضطر لتزوير جواز سفر فخامة رئيس جمهورية “صندلستان” للعلاج في إسبانيا من كورونا كذلك.
المغرب المسكين هو من يمتلك بحارا من النفط والغاز ومع ذلك يموت أبناؤه في قوارب الموت بحثاً عن لقمة العيش في الضفة الشمالية.
أيا أيها الحمقى في حكومة العسكر… ألا تستحيون؟ المغرب يتودد إليه الاتحاد الأوروبي برمته… بعد أن وجدوا فيه ندّية لا تقاوم حضوراً على الساحة الإفريقية تحديداً… وشريكاً حقيقياً في مجالات محاربة الإرهاب وتجارة المخدرات والهجرة غير الشرعية…
أمريكا على جلال قدرها تتودد إلى المغرب في أكثر من محطة، بالفعل الظاهر وليس بالقول العابر فقط… الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، المناورات العسكرية المشتركة في الصحراء، خير دليل.
ألا تستحيون؟
الملك يعلم سلفاً ردة فعل العسكر الجزائري هذه… هذا أمرٌ متوقّع… ولكنه بذكائه ودهائه ألقى الكرة في ملعب الجزائر، كأنه يقول للشعب الجزائري الشقيق… كل ما يمكن أن يحدث لاحقاً في المنطقة تتحمل مسؤوليته حكومة العسكر . ولقد أعذر من أنذر.
خطاب الملك -كما أفهمه- موجه للشعبين الجارين… وموجه للأمة العربية والإسلامية، وللمنتظم الدولي برمته.
شتان بين دبلوماسية ملك محنك ودبلوماسية الكبرانات الذين لا دبلوماسية لهم أصلاً.
عندما تصطدم عبقرية ملك بغباء كبران تكون النتيجة: (المغرب يتودّد إلى الجزائر).