البطالة تتحدى مبادرات إصلاح سوق العمل في المغرب

حنان الفاتحي

لم تتمكّن إصلاحات سوق العمل والمبادرات التي اتخذتها الحكومة المغربية طيلة الأشهر الماضية لمواجهة آثار الأزمة الصحية من خفض معدلات البطالة التي اتخذت منحى تصاعديّا.

ويقول محللون إن القطاع الخاص تحديدا لا يزال يجد صعوبة في وضع نشاطه على السكة ضمن مستويات ما قبل الجائحة في ظل الإجراءات الحكومية التي تم اتخاذها لمواجهة انتشار الجائحة رغم أن البلد قطع شوطا مهما في تطعيم السكان.

وذكرت المندوبية السامية للتخطيط، في تقرير حديث نشرت البعض من أرقامه وكالة الأنباء المغربية الرسمية، أن معدل البطالة ارتفع إلى 12.8 في المئة في النصف الأول من العام الجاري من 12.5 في المئة قبل عام على الرغم من المحصول الجيد الذي امتص الطلب على الوظائف في المناطق الريفية.

وكانت الحكومة تعمل على خفض معدل البطالة إلى أقل من 8.5 في المئة بحلول العام المقبل، غير أن المتابعين يعتقدون أن التحدي يبدو صعبا في ظل المطبات التي تعرقل تحقيق هذا الهدف.

ونسبة التعليم الجامعي في المدن المغربية أرفع من نسبته في الأرياف التي يعتمد سكانها على الزراعة والصناعات التقليدية والحرف لتوفير فرص عمل لأبنائهم.

وأشارت المندوبية إلى أن عدد العاطلين عن العمل زاد إلى 1.6 مليون شخص وفقدت المناطق الحضرية 228 ألف وظيفة بسبب جائحة كورونا، وعوّض ذلك جزئيا توفير مئة ألف وظيفة في الريف بفضل الأمطار الغزيرة.

وزاد معدل البطالة بين السكان الذين تتراوح أعمارهم بين سن الخامسة عشرة والرابعة والعشرين إلى نحو 30.8 في المئة خلال النصف الأول من هذا العام مقابل 33.4 في المئة قبل عام.

وبحسب الإحصائيات زاد معدل البطالة في الوسط الحضري من 15.6 في المئة في الربع الأول من هذا العام إلى 18.2 في المئة خلال الربع الثاني. في المقابل تراجعت بطالة الأرياف إلى 4.8 في المئة نزولا من 7.2 في المئة على أساس سنوي.

وفقدت سوق العمل المغربية حوالي 589 ألف فرصة عمل خلال العام الماضي بعدما استحدثت 64 ألف فرصة عمل سنويا خلال الأعوام الثلاثة التي سبقت انتشار الجائحة.

12.8 في المئة معدل البطالة في النصف الأول من 2021 مقارنة مع 12.5 في المئة عام 2020

ويقول خبراء اقتصاد مغاربة إن المعطيات التي قدمتها المندوبية جاءت مدفوعة بالأزمة الاقتصادية الناتجة عن كوفيد – 19 بشكل أساسي بعدما توقفت الأنشطة الاقتصادية والحرفية.

ولكنهم يرون في الوقت ذاته أن البنية التحتية التي تطورها الرباط، إضافة إلى استقطاب استثمارات جديدة وتدعيم الموجودة فعلا، ستقلل من فقدان فرص العمل في الفترة المقبلة، وهو ما سيتضح أكثر مع نهاية العام الجاري.

وبينما توظف الزراعة 33 في المئة من القوة العاملة النشطة في المغرب يستوعب قطاع الخدمات 45 في المئة والصناعة 11 في المئة والبناء 10.5 في المئة.

وتشير التقديرات الرسمية إلى أن الاقتصاد غير الرسمي يشكل للمغرب نحو 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي غير الزراعي.

وفاقمت جائحة كورونا والجفاف في المغرب التحديات الاجتماعية حيث تسببا معا في شطب الآلاف من الوظائف في ظل ضرب الجفاف لأداء الزراعة واستنزاف الوباء للمهن الحرة والتجارة بسبب الإغلاق وتراجع التسوق.

ولكبح هذا النزيف اتجهت الحكومة إلى تحسين قطاع الأعمال عبر توفير دعم مالي جديد لتحفيز نشاط المشاريع الاستثمارية قصد تحسين قيمتها المضافة في تنمية الاقتصاد المحلي ومضاعفة المداخيل الضريبية للشركات، ما من شأنه إنعاش المالية العامة.

ويشكل البرنامج المندمج لدعم وتمويل أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدا أحد الحلول لمشكلة البطالة بالمغرب، وسيمكن من النهوض بقطاع التشغيل الذاتي وبالمبادرات الشبابية في الأرياف والمدن.

ويقول البنك الدولي إن بناء سوق عمل حيوي وشامل في المغرب يمثل تحديا مستمرا، ونبه مرار من التباطؤ في خلق فرص العمل في ضوء النمو الديموغرافي ونقص الوظائف الجديدة في الصناعات الإنتاجية العالية والعديد من المستبعدين من سوق العمل، وخاصة النساء والشباب.

وتتوقع مندوبية التخطيط أن ينمو اقتصاد المغرب بنسبة 5.8 في المئة في 2021 بافتراض معدلات متوسطة لهطول الأمطار بعد انكماشه 6.3 في المئة في العام الماضي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: