موريتانيا تتبنى الحياد الإيجابي في ملف الصحراء المغربية

ماموني

أكد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني تبني بلاده للحياد الإيجابي في ملف الصحراء المغربية في خطوة تكشف تطورا في مسار العلاقات بين البلدين على ضوء التطورات التي تشهدها المنطقة خاصة بعد توسع الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء، فيما يستمر التنديد بانتهاكات جبهة البوليساريو الانفصالية.

وأوضح ولد الغزواني في حوار مع مجلة “جون أفريك” السبت أن “الحياد هو الموقف الذي تبنته موريتانيا منذ خروجها من النزاع، حيث رغبت في الحفاظ على علاقات جيدة مع جميع الأطراف”.

وتابع الغزواني “يجب استخدام هذا الحياد الإيجابي لمحاولة التوفيق بين وجهات النظر وإيجاد حل”.

ووصف العلاقات الموريتانية – المغربية بأنها “مثالية”، وأن مباحثاته مع العاهل المغربي الملك محمد السادس “كانت متعددة سواء عبر المراسلات أو التحدث هاتفيا”، مضيفا أنه تم تكليف “مصلحة دبلوماسية بتنسيق تنظيم تبادل الزيارات” بينهما.

ويلاحظ المتابعون تحسن العلاقات بين البلدين بشكل ملحوظ أعقاب وصول ولد الغزواني إلى سدة الحكم في موريتانيا العام 2019، بعدما شهدت تلك العلاقات توترا وجفاء خلال عهد الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز.

لكن يبقى ملف الصحراء المغربية امتحانا جديا وحقيقيا للجانب الموريتاني في ظل شكوك في قدرة نواكشوط على تجاوز إرث الرؤساء السابقين في علاقتهم بالبوليساريو.

محمد ولد الشيخ الغزواني: يجب استخدام هذا الحياد لمحاولة التوفيق بين وجهات النظر

وأكد محمد الطيار الخبير المغربي في الدراسات الاستراتيجية والأمنية أن”ما أسماه الرئيس الموريتاني بالموقف الحيادي لا يحمل من حقيقة الحياد غير الاسم، فوضعية موريتانيا من قضية الصحراء المغربية فرضها الرئيس الجزائري الراحل الهواري بومدين عنوة وبالتهديد على موريتانيا”.

وتابع الطيار أن “هذا الموقف يحتاج إلى تأكيدات سياسية واضحة من الطرف الموريتاني، خصوصا وأنه يستقبل وفود البوليساريو بشكل رسمي ويخاطب إبراهيم غالي في المراسلات الرسمية بـصفة الرئيس”.

وأرجأ وزير الخارجية الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ زيارة إلى المغرب كانت مقررة في أبريل الماضي بدعوى الحالة الوبائية في البلدين، لكن متابعين للشأن المغاربي يرجحون آن السبب هو استياء المغرب من إقدام نواكشوط على استقبال وفد من بوليساريو في القصر الجمهوري في مارس الماضي.

ويرى مراقبون أن موريتانيا حاولت تفسير هذا التصرف وتجاوزه بشكل دبلوماسي من خلال تأكيدات وزير خارجيتها بأن العلاقات الموريتانية – المغربية “صلبة” وأنها عرفت “قفزة مهمة إلى الأمام خلال السنوات الأخيرة”، مشددا على وجود إرادة وتوجيهات سياسية من قائدي البلدين للدفع قدما بالعلاقات بين المغرب وموريتانيا.

وسبق أن أشار ولد الغزواني في تصريح سابق إلى أن “موقف بلاده من النزاع في إقليم الصحراء لن يتغير، وهو من ثوابت السياسة الخارجية للبلد”، موضحاً أن “وجهة نظر موريتانيا تكمن في الاعتراف بجبهة البوليساريو وتبنّي الحياد الإيجابي”.

وتوقع الطيار أن تراجع نواكشوط موقفها الذي تسميه بالحيادي بناء على التطورات التي حصلت في ملف الصحراء خاصة بعد قضية الكركرات وطريقة المغرب في حسم الأزمة، واختفاء المنطقة العازلة التي كانت تفصل البلدين، وإعلان المغرب عن عزمه إعادة إعمار منطقة لكويرة على الحدود مع موريتانيا، وعلى ضوء الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء وتوسع نفوذ المغرب داخل الاتحاد الأفريقي.

وربط الطيار مراجعة موريتانيا لموقفها الذي تسميه بالحيادي في ملف الصحراء المغربية بتطور الروابط الاقتصادية والتجارية التي تجمع البلدين لتصير أكثر قوة ومتانة وتتجاوز عقدة الماضي.

ويقول مراقبون إن على موريتانيا استغلال هذا التقارب وعدم الارتهان إلى أجندة تدعم بوليساريو والطرح الانفصالي لأن ذلك يعمل على تعطيل العلاقات.

ويعتبر المجال الاقتصادي موضع اهتمام الجانب الموريتاني الذي يسعى للاستعانة بالخبرة المغربية الرائدة على الصعيد القاري، وهو ما كان موضع مباحثات بين الطرفين خصوصا في ما يتعلق بالشراكة التجارية في القارة الأفريقية.

وأجرى وفد برلماني موريتاني محادثات سياسية واقتصادية مهمة مع مسؤولين مغاربة خلال شهر يوليو من أجل الدفع بالشراكة المغربية – الموريتانية في المجالات الحيوية مثل الزراعة والصيد البحري والتصنيع وتكوين الكفاءات، وكذلك التنسيق في ما يرتبط بالتحديات الأمنية والاقتصادية والتنموية المشتركة.

وأعرب رئيس الحكومة سعدالدين العثماني عن “استعداد المغرب الدائم لتقاسم الخبرات التي راكمها والتجارب الناجحة في مختلف مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع الدول الأفريقية الشقيقة ومنها موريتانيا، وسعيه لمواكبة ودعم التنمية في القارة الأفريقية عبر مجموعة من البرامج والمشاريع والاستثمارات”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: