أقر رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي بارتكاب أخطاء في المجالين الاقتصادي والاجتماعي خلال الأعوام الماضية في تونس، ولوّح بتحريك الشارع في حال عدم عودة البرلمان، الذي علق أعماله الرئيس التونسي قيس سعيّد ضمن إجراءات استثنائية.
وكان سعيّد علق أعمال البرلمان ضمن إجراءات استثنائية شملت إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي.
وتأتي تصريحات الغنوشي الجديدة في الوقت الذي تلقّى فيه الرئيس سعيّد دعما دوليا إضافيا من الولايات المتحدة على الصعيد الاقتصادي، بعد الإشارة إلى المساعدة في الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى دعم المسار الديمقراطي في البلاد.
وأكد الغنوشي استعداده لتقديم تنازلات من أجل إعادة “الديمقراطية”، معربا في الوقت نفسه عن أسفه لعدم وجود حوار مع الرئيس التونسي بعد القرارات الأخيرة.
وقال رئيس حركة النهضة إنه منذ صدور القرارات، “ليس هناك حديث مع السيد رئيس الجمهورية ولا مع أعوانه، ونرى أنه ينبغي أن يكون هناك حوار وطني من أجل كيف تكون لتونس حكومة”.
وأضاف “مستعدون لأي تنازل، إذا كانت هناك عودة للديمقراطية… الدستور أهم من تمسّكنا بالسلطة”.
إلا أن الغنوشي لوّح بتحريك الشارع في حال عدم عودة البرلمان وتكوين حكومة يتمّ التوافق عليها، قائلا “إن لم يتم الاتفاق على عودة البرلمان وتكوين حكومة وعرضها عليه (البرلمان)، الشارع التونسي سيتحرّك لا شك، وسندعو الشارع التونسي للدفاع عن ديمقراطيته وأن يفرض رفع الأقفال على البرلمان”.
وأعلن الرئيس سعيّد الأحد تدابير استثنائية قضت بتجميد أعمال البرلمان لثلاثين يوما، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه وتولي السلطة التنفيذية بنفسه. وندّد حزب النهضة بالقرارات الرئاسية واصفا إياها بـ”الانقلاب على الثورة والدستور”.
وحصلت مواجهات محدودة الاثنين أمام البرلمان التونسي بين معترضين وقوات من الجيش انتشرت في منطقة باردو بالعاصمة، ومنعت أي أحد من دخول المقرّ بمن فيهم الغنوشي الذي يرأس البرلمان والذي أمضى 12 ساعة في المكان احتجاجا.
وقال الغنوشي “سنقاوم الانقلاب بالوسائل السلمية”، متابعا “نحن ماضون في الوسائل السلمية والحوار والتفاوض وضغط الشارع وضغط المنظمات والمفكرين والضغط الداخلي والخارجي من أجل استعادة الديمقراطية”.
ويرى متابعون أن تهديد رئيس حركة النهضة بإثارة الشارع من جديد لم يعد مجديا، خاصة بعد فشل التحشيد ضد قرارات الرئيس.
وكانت النهضة دعت أنصارها للتجمع أمام مقر البرلمان للدفاع عمّا تصفه “الشرعية”، في وقت كانت فيه جهات سياسية تحثها على التعقل وعدم جر البلاد إلى فوضى وصدامات بين التونسيين، قبل أن تتراجع عن ذلك وتطلق دعوات للحوار.
وقال الغنوشي “هناك محاولات لتحميل سلبيات المرحلة للنهضة. لكن خلال السنوات العشر الماضية، كانت هناك عناصر إيجابية، فتونس كانت الاستثناء الذي حافظ على شعلة الحرية في منطقة كلها دكتاتورية، وتعرضت تونس للتآمر على ديمقراطيتها من طرف الأنظمة التي تخاف الديمقراطية التونسية”.
وأضاف “الأحزاب السياسية أخطأت خلال الست سنوات السابقة ولم تنجح في إقامة المحكمة الدستورية لتكون حكما بين السلطات”، معتبرا أن “الرئيس التونسي استغل غياب المحكمة الدستورية ليحتكر تفسير الدستور وليصبح هو المحكمة الدستورية”.