المغرب يضبط خطة لإنهاء دعم الحكومة للسلع الأساسية

يوسف لفرج

أعلنت الحكومة المغربية عن ضبط خطة لإنهاء الدعم الحكومي للسلع الأساسية بحلول عام 2024 في مسعى لترشيد الإنفاق في الميزانية السنوية. وتأتي هذه الخطة ضمن برنامج إصلاح الاقتصاد الذي يتوخى سياسة متوازنة بحيث لا ينعكس مثل هذا القرار على القدرة الشرائية للمواطنين.

كشف المغرب عن خطة مرحلية تمتد لثلاث سنوات من أجل تخفيف الدعم الحكومي المخصص في نفقات الميزانية السنوية بشكل تدريجي حتى إلغائه نهائيا، مع مراعاة عدم تأثير الخطوة على قدرة السكان الشرائية.

وأظهرت وثيقة لوزارة الاقتصاد والمالية حول توجهات مشروع موازنة 2022 أنه سيتم إلغاء دعم السكر والدقيق والغاز لأغراض الاستعمال المنزلي بحلول عام 2024 ضمن نظام الدعم الذي يتولى إدارته صندوق المقاصة الحكومي.

وجاء في الوثيقة أن الخطة ستنفذ على ثلاث مراحل، الأولى في عام 2022 وتشمل تقليص دعم الدقيق. أما المرحلة الثانية فستكون في عام 2023 وتشمل إلغاء كليا لدعم الدقيق والسكر، وخفض دعم الغاز المنزلي بنسبة 50 في المئة. وتشمل المرحلة الثالثة والأخيرة تحريرا كاملا للغاز، وستنفذ في 2024.

ويبلغ متوسط نفقات صندوق المقاصة سنويا نحو 17.9 مليار درهم (ملياري دولار)، ولكن تقلبات الأسعار وظروف الاقتصاد العالمي والجائحة زادت من حجم النفقات مما يستوجب وضع استراتيجية من أجل التخلص منه بغية خفض عجز الموازنة السنوية.

وقال وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة محمد بنشعبون أمام البرلمان الأربعاء إن “نفقات صندوق الدعم سترتفع بواقع 3.5 مليار درهم (390 مليون دولار) بسبب ارتفاع الأسعار هذا العام”.

محمد بنشعبون: ارتفاع الأسعار دفعنا إلى زيادة نفقات الدعم هذا العام

وكشفت عدة دراسات عن اختلالات تعتري نظام الدعم، وهو ما جعل العديد من الجهات تطالب بإصلاحه أو إلغائه وتعويضه بدعم مالي مباشر للأسر الفقيرة.

وفي يوليو عام 2014 أوصت لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) بضرورة توجيه الدعم المالي المباشر إلى الفئات الفقيرة ومحدودي الدخل.

وتعكف الحكومة حاليا على استكمال إصلاح صندوق المقاصة المخصص لدعم المواد الاستهلاكية الأساسية، من خلال رفع الدعم عن باقي المواد الاستهلاكية وتشمل السكر وأسطوانات الغاز والدقيق.

ومن الواضح أن الإعلان عن برنامج زمني لإلغاء الدعم جاء مع اقتراب دخول السجل الاجتماعي حيز التنفيذ، وخاصة أن الحكومة قالت سابقا إن الخطوة مرتبطة بهذا الأمر.

وتسعى الحكومة لدعم الشرائح الأكثر احتياجا عبر السجل الاجتماعي الموحد لتفادي العيوب التي اعترت برامج
الدعم السابقة وإصلاحها بالطرق الصحيحة.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن الأغنياء يستهلكون عددا أكبر من أسطوانات الغاز، كما تستخدم في الأنشطة الزراعية، بينما يجب أن يذهب الدعم إلى الفقراء أولا.

وبعد أن قررت الحكومة في سبتمبر 2013 عكس أسعار الوقود دوليا على الأسعار داخليا، وذلك بشكل جزئي أو ما يطلق عليه اسم “المقايسة”، ألغت الدعم عن هذا البند بعد عامين باستثناء غاز الطبخ.

وعزز المغرب إجراءات الأمان الاجتماعي لحماية قدرة المواطنين الشرائية، وذلك من خلال إقرار ضريبة تراعي نفقات التكفل العائلي وتعليم الأبناء بالنسبة إلى الطبقة الوسطى ورفع مداخيل المواطنين وتعزيز الدعم الحكومي للحفاظ على استقرار الأسعار.

وحددت الحكومة في مايو الماضي إجراءات لحماية قدرة المواطنين الشرائية، من خلال رفع مداخيل المواطنين عبر مراجعة عدد من الأجور ووضع سياسة جبائية ملائمة، والحفاظ على استقرار الأسعار.

وأكد بنشعبون حينها أن “الآليات غير المباشرة تتعلق بوضع برامج قطاعية اجتماعية، كالسكن الاجتماعي، وبرنامج تيسير مالي”.

وأوضح بنشعبون أنه تم تحديد الأسعار وتسقيف هوامش الربح لنحو 18 منتجا كالماء والكهرباء والأدوية.

وأشار إلى أن الحكومة تتدخل كذلك عبر صندوق المقاصة لضمان استقرار غاز البوتان والسكر والدقيق، حيث يكلف ذلك ما يقارب 15 مليار درهم (حوالي 1.7 مليار دولار) سنويا.

وبخصوص المواد الأساسية كالحبوب والقطاني تتدخل الدولة عبر مراسيم تقلص الرسوم الجمركية وتعلقها، كما هو الحال بالنسبة إلى القمح اللين والصلب والقطاني. كما تعمل الحكومة على مراقبة الأسواق ووضعية تموينها عبر لجان مختلطة، حيث يتم تكثيف المراقبة للحدّ من المضاربات والاحتكار.

ورفعت السلطات المغربية سقف نمو الاقتصاد في البلاد للعام الحالي إلى 5.6 في المئة، بعدما انكمش 7 في المئة العام الماضي، وسط تأثير سلبي مزدوج لكل من جائحة فايروس كورونا والجفاف.

2 مليار دولار متوسط النفقات السنوية لصندوق المقاصة الذي يتولى إدارة نظام الدعم الحكومي

وفي مارس الماضي كانت توقعات المركزي المغربي لا تزيد على نمو بنسبة 5.3 في المئة خلال العام الجاري، إلا أن استمرار عمليات التطعيم ضد كورونا محليا بث في البلاد أمل عودة الأنشطة الاقتصادية بشكل أسرع.

وقال بنشعبون في كلمة أمام البرلمان الأربعاء الماضي إن “معدل النمو للبلاد سيبلغ 3.2 في المئة في 2022”. وأشار إلى أن البلاد ستقترب تدريجيا إلى معدلات نمو 3.8 في المئة و4 في المئة خلال عامي 2023 ـ 2024 على التوالي.

ويجمع محللون على أن الاستقرار السياسي والاجتماعي في المغرب شكل حجر الزاوية في القفزات المتتالية التي حققها النمو في السنوات الأخيرة رغم التحديات التي تواجه برنامج الإصلاح الاقتصادي.

وسحب المغرب خلال العام الماضي نحو 3 مليارات دولار من خط سيولة لصندوق النقد الدولي لتلبية النفقات المتصاعدة، وذلك بسبب تراجع المداخيل النقدية الناجم عن القيود المحلية والدولية لمواجهة الفايروس.

كما جمع من أسواق السندات حوالي 1.2 مليار دولار في سبتمبر الماضي وقرابة الملياري دولار في ديسمبر 2020.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: