نساء أكدن أنها تسري في دم الرجال ومنهم من يعتبرها نزوة عابرة يمارسها “على سبيل التغيير”
يختلف مفهوم الخيانة من شخص إلى آخر، مثلما تختلف نظرته إلى هذه الممارسة، التي لا يمكنها إلا أن تقلب حياة الشريكين رأسا على عقب، مهما كان الاستعداد للتسامح أو التطبيع معها موجودا. هناك من يعتبر القبلة خيانة، في حين يجد آخرون أن الممارسة الجنسية وحدها التي “ترقى” إلى رتبة الخيانة، في حين يرى البعض أن مجرد التفكير في شخص آخر والإحساس بالرغبة تجاهه، خيانة ما بعدها خيانة، حتى ولو لم تبارح الخيال واللاوعي، ولم تفعل بشكل واقعي، لكن يبقى الأكيد، أن فعل الخيانة في حد ذاته، يخلف جرحا في النفوس لا يندمل مع الزمن، سواء انتهت العلاقة بشكل نهائي، أو استمرت بشكل أو بآخر. حاولنا في هذه الورقة، أن نحيط بالموضوع من خلال شهادات ركزت فيها أكثر على نساء تعرضن للخيانة، لا لشيء، سوى لأن المرأة، عموما، (حسب العديد من الإحصاءات والدراسات)، هي الطرف الأضعف في الحلقة، وغالبا ما لا تكون مبادرة إلى فعل الخيانة، أو لا تبلغ بها مبلغ الممارسة الجنسية، لأسباب عديدة، من بينها تربيتها وتركيبتها النفسية التي تجعلها عاطفية أكثر.
أغلب الشهادات ، من بين الجنس اللطيف، أكدت أن الخيانة تسري في دم الرجل، بغض النظر عن الأسباب والمبررات، وأغلبها أجمعت على عدم وجود رجل لا يخون، وأن المرأة التي تعتقد العكس، واهمة وساذجة. دليلهن على ذلك، تجارب شخصية عشنها أو عايشنها عن قرب، وتكررت في سياقات مختلفة، لكن محورها كان دائما واحدا: الخيانة و”الزيغة».
كلهم خونة
تقول حنان، التي عاشت تجربة مريرة مع زوجها السابق، رفضت أن تخوض في تفاصيلها المؤلمة، مكتفية بالقول إنها تعرضت لأبشع أنواع الخيانة رغم أنها بذلت الغالي والنفيس من أجل إرضائه والسهر على راحته، (تقول): “الرجال كلهم خونة، إلا من رحم ربك. كلهم كلاب وغدارون بدون استثناء. من خلال تجربتي اكتشفت أن المرأة الغبية هي التي تعتقد بوجود الحب، قبل أن يصدمها الواقع المر.
استنتجت أن المرأة كلما منحت الرجل مشاعرها وروحها واقتسمت معه أحلامها وجعلته محور الكون، كلما خانها وتركها وطردها من حياته، دون أدنى إحساس بتأنيب الضمير. إنهم يفضلون المرأة القاسية والكاذبة التي توهمهم بالحب، ولا تتأثر بخيانة أو فراق”.
“كنت نحلف عليه فالجامع”
الرأي نفسه تقتسمه آمال التي دمرت الخيانة حياتها الزوجية، وحولتها إلى فقاعة من التمثيل والنفاق. “كنت نحلف على راجلي فالجامع، إلى أن اكتشفت خيانته وغدره”، تحكي، مستهلة حديثها ، قبل أن تسترسل قائلة: “تزوجنا عن قصة حب عاصفة وأنجبنا ابننا الوحيد الذي بلغ اليوم 15 سنة من عمره. كانت بيننا مشاكل عادية مثل جميع الأزواج. كنت أشاركه كل شيء… الطاسة… الخروج فالليل… نمشي معاه البار… نلبس ليه الشوميز دو نوي… أشبعه جنسيا وأحاول إرضاءه بجميع الوسائل. إضافة إلى ذلك، حادكة ومرا ديال الدار. فاش ما جيتيني تلقايني. كنت مثل ظله أو مثلما يقولون فعلا، كنت توأم روحه، إلى أن أنجبت ابني وانشغلت بتربيته في الشهور الأولى من ولادته، خاصة أنه كان في حاجة إلى رعاية طبية واهتمام خاص.
في تلك الفترة، كان يسهر لساعات متأخرة من الليل، وأحيانا يقضي ليلته خارج البيت بذريعة العمل أو السفر في مهمة مهنية. وأحيانا لا يجيب على الهاتف، وهو ما أدخل الشكوك إلى نفسي، قبل أن أكتشف رسائل ومكالمات على هاتفه يتبادل فيها مشاعر العشق والغرام مع حبيبته الجديدة.
كانت صدمتي قوية لكنني غلبت العقل على العاطفة. واجهته فأنكر كل شيء، قبل أن يعترف أن الأمر مجرد “تخربيق” ونزوة عابرة. قررت أن أغفر زلته، خاصة أنني كنت منشغلة عنه في تلك الفترة وحاولت أن أتفهم الأمر. لكنني لم أستطع أن أنسى يوما ما فعله. خيانته أثرت كثيرا على حياتنا الزوجية. أصبحت أهتم بنفسي وبابني أكثر. لم أعد مثلما كنت، بل أكثر من ذلك سمحت لنفسي بخيانته أيضا على سبيل الانتقام، مع أنه لم يعرف، أو ربما قد يكون شك في الأمر، لكنه فضل الصمت. وبعد سنوات من الكذب والتمثيل، قررنا الانفصال، بعد أن أصبحت الحياة بيننا مستحيلة، رغم أننا، إلى حدود هاته اللحظة، نكن لبعضنا حبا متبادلا”.
“مبلي بالعيالات”
الرجال كان لهم رأيهم المخالف، منهم من ألقى باللوم كله على الشريكة، ومنهم من أقسم بأغلظ الأيمان، أنه لم يسبق أن فكر، ولو مجرد التفكير، في الخيانة، ولو على سبيل “الفانتازم». ومنهم من اعترف أن الخيانة تسري في دمه، ولا يستطيع إليها سبيلا. أحمد، شاب تجاوز الأربعين من عمره، يرفض الزواج أو الارتباط الجدي بامرأة، لأنه سيظلمها معه، على حد قوله، في لقاء مع “الصباح”، فهو لا يمكنه أن يعيش مع امرأة واحدة أو يمارس معها الجنس وحدها، لأنه “مبلي بالعيالات». يقول «أحب التغيير. ينتابني الملل إذا طال أمد العلاقة وبدأت الأمور تأخذ طابعا جديا. أنا مثل النحلة، أحب الانتقال من زهرة إلى أخرى. الخيانة طبعي، حتى ولو مع امرأة أحبها. الأمر ليس جريمة بالنسبة إلي”.إن كان يتقبل أن تعامله شريكته بالمثل، أو يغفر لها خيانتها مع آخر، فأجاب بعد تردد: «لا أعلم. السؤال ليس مطروحا بالنسبة إلي. لم يسبق أن فكرت في الأمر».
“تفلية وتخربيق”
يختلف مفهوم الخيانة بالنسبة إلى مراد. فهو لا يعتبرها كذلك إلا إذا تطورت إلى علاقة حب حقيقية. أما إذا كانت على سبيل “التفلية» و”التخربيق» أو تبادل الرسائل النصية أو الصور أو حتى ممارسة الجنس عن بعد، فلا يعتبرها كذلك. مراد متزوج منذ أكثر من 10 سنوات. يقول، إنه يحب زوجته، وإنها تبادله المشاعر نفسها. لكنه، وفي غمرة الروتين اليومي والملل داخل القفص الزوجي، عاش تجربة عاطفية مع إحدى زميلاته في العمل. وهي أيضا متزوجة ولها أبناء. كان الأمر بالنسبة إليه مجرد صداقة في البداية، إلى درجة أنه عرفها بزوجته، قبل أن تتطور الأمور بينهما، حين أصبح يحكي لها أسرار حياته، وبدأت تخبره عن زواجها الفاشل ومعاناتها الجنسية مع شريك حياتها، بتفاصيلها المملة، ليكتشف مراد أنه يتحدث مع امرأة أخرى، وتتحول مشاعره نحوها من الأخوة والصداقة إلى الرغبة والشهوة، التي توجت بعد ذلك بعلاقة جنسية كاملة مكمولة. حين علمت زوجته بالأمر، عن طريق الصدفة، أقامت الدنيا ولم تقعدها. طلبت الطلاق إن لم يخبرها بالحقيقة. فما كان منه إلا أن «خوا ليها المزيودة»، ثم وعدها بقطع العلاقة نهائيا مع الأخرى، في حين اشترطت أن يغير العمل إن أرادها أن تستمر معه. سأل إن كانت الأمور بينهما دامت على حالها، أم أن خللا انتاب العلاقة، فأجاب “بالعكس. تحسنت الأمور بيننا وأصبحت علاقتنا أفضل وأصبح اهتمامها بي أكبر”.
استثناء اسمه سليمة
سليمة، امرأة استثنائية بكل المقاييس. تفكر بشكل مختلف، قل نظيره بين المغربيات. ملامحها جميلة، وتملك جسدا متناسقا ومغريا. مستقلة ماديا واقتصاديا. عرفت رجالا عديدين، وخانها عديدون، لكنها حين قررت الزواج، اختارته أجنبيا، يناسب عقليتها المتحررة، مثلما أوضحت، في لقاء خاص .
تعرضت سليمة للخيانة من قبل شريكها، لكنها تعاملت معها بشكل مغاير تماما قد يكون صادما بالنسبة إلى النساء، لكنه بالنسبة إلى الجنس الخشن، قد يجده انفتاحا ما بعده انفتاح. مفهومها للخيانة مغاير. تقول عنه “لا مشكلة لدي مع أن يقيم شريكي علاقة جنسية إن كانت ستكون في حدود التلاقي الجسدي، شرط أن أكون على معرفة بالأمر، أو أن يتشاور معي قبل الإقدام على الفعل. بالنسبة إلي، الخيانة من طبع الرجل. لا يوجد رجل وفي. إنه يحتاج إلى التغيير أو ربما يوضع في موقف ينزلق فيه إلى الخيانة. في هذه الحالة، أعتبر المسألة عادية إذا كانت الأمور لن تتعدى الرغبة اللحظية”.
عن ردة فعلها حين تعرضت للخيانة، تقول “طلبت منه أن يصارحني، إذا أراد علاقتنا أن تستمر. في البداية، رفض أن يعترف. أحسست بغبن وبكيت بحرقة كبيرة. طلبت منه أن يشرح لي لماذا خانني ومع من فعلها. سألته إن كانت أفضل مني وما إذا كانت قدمت له ما لم أستطع إليه سبيلا وما هو المميز فيها وليس عندي. كدت أجن من كثرة الأسئلة، علما أنني وجدت أدلة مادية ملموسة في بيتي وعلى فراشي. في آخر المطاف، وبعد أن هددت بتركه، اعترف بكل شيء. المرأة التي خانني معها كانت حبيبته السابقة التي عاد إلى لقائها في فترة كنت مشغولة عنه بعملي. بعد تفكير، قررت أن أنسى الموضوع وأخبرته بوجهة نظري، فأصبح مقتنعا أن ذلك الممنوع المرغوب فيه، لم يعد موجودا لأنه لم يعد ممنوعا”. ثم أضافت “لقد قام بخطأ بخيانته لي، وأنا استفدت من الخطأ».
طلبنا منها أن توضح وجهة نظرها أكثر، فقالت “مثلما تعرفين، فالرجل مثل طفل صغير، كلما شعر بالمنع والضغط، كلما حاول أن ينفلت أو يهرب. أنا طالقاها بزاف. أنظم سهرات في البيت أجلب إليها صديقات كثيرات، نسهر ونرقص ونشرب ونمارس حريتنا. في آخر المطاف اقتنع أنه لن يجد امرأة مثلي لأنني استثنائية”. ثم أضافت “لا أمنحه الفرصة لكي يشعر بأي نقص. ألبي جميع رغباته وأنا مستمتعة بذلك. لا أقوم بذلك على سبيل الواجب، بل برغبة وعشق وحب. أرفعه فوق السحاب، وأشعره أنه الرجل الوحيد الموجود في العالم».
ذهبت سليمة أبعد من مجرد تلبية رغبات شريك حياتها الذي اكتشفت ميوله إلى تعدد العلاقات الجنسية. تقول “قررت أن أشاركه رغباته وفانتازماته. وقلت له واتفقت معه أنه بإمكانه أن يجلب امرأة وينام معها أمام عيني وأنني أستطيع أن أقتسم معه كل شيء. وأستطيع أن أقول لك إنه منذ تلك اللحظة لم يفكر أن يخونني مع أخرى أبدا”.
مبروكي: رغبة حيوانية لدى الرجل
ما هو مفهومكم للخيانة الجنسية؟
بدون ثقة، يستحيل بناء علاقة بناءة بين شريكين. لكن هذا لا يعني أن الشريك أو الشريكة، لا يمكنه أن يعجب بشخص آخر أو يكن له مشاعر عاطفية أو يشعر برغبة جنسية تجاهه. وهذه خاصية من خصائص الإنسان، من حيث تكوينه الحيواني أو البيولوجي. لكن العهد والميثاق اللذين يعقدهما الشريكان بينهما في بداية العلاقة، يلعبان دور الحارس الذي يحرص على تقنين هذه الأحاسيس والرغبات الحيوانية، كما لا بد من القيام بجهد من أجل السيطرة على النفس ورغباتها من أجل عدم الإخلال بالعقد والميثاق الأخلاقي بين شريكين، والذي يتجلى في النضج الذاتي والعاطفي والوفاء بالكلمة وتحمل المسؤولية. لا يمكن تبرير الخيانة والخداع بأي شكل من الأشكال، ولا يمكن اتهام طرف بالتقصير في حق الطرف الآخر. وعلى من ارتكب فعل الخيانة أن يقول الحقيقة ويتحمل نتيجة القرار الذي يتخذه الطرف الآخر الذي تعرض للخيانة. من يتكتم على الخيانة جبان.
لماذا يخون الرجل أكثر مما تخون المرأة، إذا صدقنا مجموعة من الدراسات والإحصائيات على مستوى العالم؟
بالفعل، لأن الرجل والمرأة يختلفان من ناحية التكوين النفسي والبيولوجي والدماغي. الشيء نفسه يحصل لدى الحيوانات، فترى الذكر يوزع بذوره المنوية هنا وهناك، في حين تهتم الأنثى أكثر بأبنائها وتحميهم وتعتني بهم. وحتى بعد عملية الجماع، ترفض الأنثى ذكرا آخر وتركز على تحضير الحمل والولادة، في الوقت الذي يذهب الذكر للبحث عن أنثى أخرى ويربط علاقات كثيرة خلال الفترة السنوية للإنجاب. الشيء نفسه يحصل مع الإنسان، غير أن القوانين الاجتماعية والدينية تنظم النشاط الجنسي من خلال مؤسسة الزواج. رغم ذلك، نجد الرجل يلبي رغباته الحيوانية وتصعب عليه السيطرة على نفسه واحترام عهده. أما المرأة، فتخصص الأولوية لأطفالها قبل النشاط الجنسي.
لماذا تطبّع أغلبية نسائنا مع خيانة الرجل ويتجاهلنها؟
عموما، المرأة في مجتمعاتنا لم تتحرر ماديا، مما يجعلها تقبل العديد من الأمور مضطرة. المغربيات، مثل جميع نساء العالم، يطمعن في حياة غرامية مع أزواجهن أو شركائهن، لكن هؤلاء غالبا ما يتجاهلون هذه الرغبة، علما أن أغلبية الزيجات لدينا تخضع للإجبار أو لإرضاء الأسرة، إذ غالبا ما تجد المرأة أو الرجل نفسيهما مع شريك (ة) لا يحبه ولا يرغب فيه، فيذهب للبحث عن تعويض في مكان آخر.
هل جرح الخيانة يمكن أن يندمل مع مرور الوقت؟
الصدمة تزول، لكنها لا تمسح من الذاكرة وتترك ندبة تذكر دائما بألم الصدمة. كما أنه يؤدي إلى انعدام الثقة التي تنتج القلق والعذاب الذي يصبح مثل سم يسري في شرايين الحياة الثنائية.