أمين عام “الأصالة والمعاصرة” في المغرب: عشنا “صراع الديكة” مع “العدالة والتنمية” والملكية لا تحتاج إلى حزب لكي تستمر

حنان الفاتحي

أوضح أمين عام حزب “الأصالة والمعاصرة” في المغرب أنه ليست لديه معارك أيديولوجية مع حزب “العدالة والتنمية”، مؤكداً أن الخلاف الموجود معه في موضوع تدبير الشأن العام والحصيلة الحكومية فقط. وقال: “إذا كان ضرورياً أن أتحالف معه فسأفعل ذلك”.
وخلال استضافته من لدن ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء أمس الثلاثاء، وصف عبد اللطيف وهبي الصراع الذي كان بين الحزبين المذكورين بـ”صراع الديكة”، وأضاف: “خسرنا عشر سنوات بسبب هذا الصراع، دون أن نركز على كيفية تطوير البلاد واستمرارها”.

وأفاد في اللقاء الذي بُث مباشرة عبر الصفحة الرسمية للوكالة ، بأنه التقى جميع الأحزاب، آخرها “العدالة والتنمية”، وتساءل لماذا كلما التقيت “العدالة والتنمية” استفز ذلك البعض؟ لماذا الكثيرون لا يرغبون في هذا اللقاء؟ هل لأن ذلك الصراع أصبح مادة دسمة للصحافيين والسياسيين؟ أليس هناك موضوع آخر حول العمل السياسي في المغرب غير صراعنا مع الحزب المذكور؟
وأردف قائلاً: “هناك من يتقوى ومن يستفيد من صراعنا مع حزب العدالة والتنمية. وأنا ضد من يحاول أن يوظف الحزب أو يستغله ويدفع الحزب إلى مواجهات، ثم يأتي ويعانق ذلك الذي أتواجه معه ويؤسس معه حكومات واتفاقات”.

وأشار إلى أنه حينما التقى “العدالة والتنمية” فعل ذلك لأنه حزب معترف به، وملتزم بالثوابت، ورئيسه وثق فيه الملك وعينه رئيساً للحكومة. واستطرد قائلاً: “ووفقاً للدستور الذي أنا مقتنع به والذي أدافع عنه، فهو رئيسي بصفته رئيساً للحكومة، لماذا لا ألتقي مع حزب يدبر الشأن العام الذي أنا جزء منه، وحزبي جزء منه، والمعارضة جزء من تدبير الشأن العام؟”.
ولاحظ أنه لما غاب الصراع مع “العدالة والتنمية” وتصالح “الأصالة والمعاصرة” مع المجال السياسي في المغرب ككل، خفت التوتر السياسي في البلاد بشكل كبير، فأصبح الحوار موجوداً والاختلاف قائماً”.
واعتبر أن السجال الذي دار بين الحزبين معاً “كان يشكل خطراً على الدولة نفسها”، وأوضح “حينما نأتي ونقول إنهم سيؤسسون دولة الخلافة (في إشارة إلى ما كان يردده إلياس العماري الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة) فإننا نشكك في انتمائهم إلى المغرب ونشكك في انتمائهم إلى الدستور وولائهم إلى طبيعة نظامنا السياسي الملكي… حينما تقول إنه يريد تأسيس دولة الخلافة، فأنت تتهمه بمحاولة قلب النظام.
وحينما يقال عنا إننا حزب التحكم، حزب الدولة، حزب الاستبداد، (في إشارة إلى كلام لعبد الإله بن كيران، رئيس الحكومة السابق وأمين عام “العدالة والتنمية”) فهو كذلك اتهام يهدد الدولة، لأن للدولة مساراً ديمقراطياً ونحن نأتي بمسار مضاد، كما يفهم من ذلك”.
وتابع قائلاً: “يتساءل البعض لماذا نتحالف مع “العدالة والتنمية”؟ ولكن لماذا تحالف آخرون معهم؟ السؤال الأساس، هل سيتحالف “العدالة والتنمية” معي؟ أنا الأساس والمصدر، أنا قوة سياسية داخل هذا البلد، وعلى الجميع أن يعرف أن هذه القوة موجودة وستحتل الرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة”.
وذكر عبد اللطيف وهبي أنه ليست لديه معارك أيديولوجية مع “العدالة والتنمية”، مشيراً إلى أن الخلاف معه ينصب على إدارة الشأن العام والحصيلة الحكومية فقط، “وإذا كان ضرورياً أن أتحالف معه فسأتحالف معه”، وفق المتحدث نفسه، مردفاً: “إذا كان بن كيران قال يوماً ما “كل الأحزاب إلا الأصالة والمعاصرة” فأنا أقول: كل الأحزاب وخاصة العدالة والتنمية”.
وواصل كلامه على النحو التالي: “أنا لست في موقع سياسي لأتخذ مواقف صدامية، ولست في حزب سياسي لأصنع الأوثان وأعبدها، أنا في حزب براغماتي يعرف ماذا يريد، وحينما أقول إنني أمارس السياسة فلا أمارسها من أجل المتعة، بل أمارسها لأكون غداً في السلطة وأحكم. أنا حزب يستهدف السلطة والحكومة وينفّذ مشروعه السياسي والاجتماعي. لذا، على الجميع أن ينتظر الأصالة والمعاصرة، إنه آت، وآنذاك سننفتح على الجميع”.

من جهة أخرى، أوضح أن لديه تحالفاً واحداً مع “التقدم والاشتراكية”، أما حزب “الاستقلال” ـ وفق القيادي ذاته ـ فيقول هناك تنسيق، وقلت لأمينه العام نزار بركة في مكالمة هاتفية: التنسيق انتهى، بتوقف جلسات البرلمان ونهاية الولاية التشريعية”.
وقال إنه يفترض في الحقوقي والديمقراطي أن يدافع عن الديمقراطية التي هي ليست حكراً على أي أحد، فهي ملك للجميع، سواء كان يسارياً أو إسلامياً أو ليبرالياً… كل يساهم في بنائها في موقع من المواقع. “وأنا يمكن من خلال حزب الأصالة والمعاصرة أن أساهم في بنائها، إذا أعدت بناء هذا الحزب من خلال تصور آخر… ليس خوفاً من تغيير المسار، ولكن خوفاً على الحزب نفسه، خوفاً من أن يقع انشطار داخلي، ولكن ما زال الحزب موحداً”، يوضح وهبي.

ودافع عن وجود تيارات وتجاذبات داخل حزبه، واعتبرها ظاهرة صحية، وقال: “في الحزب لدينا يساريون ووسطيون وجزء من اليمينيين. وأنا دوري الحفاظ على التوافقات”. وفي رأيه، فهذا الانفتاح يعدّ تجربة نموذجية في العالم العربي، إذ لا يوجد حزب يجمع بين هذين العنصرين “الأصالة والمعاصرة”، حسب تعبيره، موضحاً: “إذا قبلت بالاختلاف داخل الحزب، فسأقبل بالاختلاف في موقعي في الشأن العام، وستكون لدي القدرة على إدارته”.
وتحدث عن وضعية “الأصالة والمعاصرة” حينما تولى أمانته العامة، فبراير 2020، قائلاً: “حينما انتخبت أميناً عاماً، وجدت الحزب في وضعية معينة، وضعه المالي سيئ جداً، إمكانياته محدودة، فتساءلت تساؤلاً غريباً على نفسي: يقال علينا إننا حزب الدولة، هل حزب الدولة بهذه الدرجة من الفقر؟ أم إن تلك التهمة هي الشيء الوحيد الذي نملكه؟”.
وأضاف: “أول شيء قمت به حتى قبل انتخابي أميناً عاماً هو الإعلان عن نقد ذاتي لتجربتنا ومسارنا السياسي في لقاء نظم طنجة، حيث قلت: نحن لسنا لا حزب الدولة ولا حزب الملك. والملكية في المغرب منذ 14 قرناً لا تحتاج إلى حزب لكي تستمر. وقلت إن علاقتنا مع الدولة يجب أن تكون هي العلاقة نفسها الموجودة لدى الأحزاب معها”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: