تنسيق جديد بين العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة المغربيّيْن

ماموني

ظهرت في الآونة الأخيرة بوادر تحالف قوي بين حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة المغربييْن لبحث التطورات السياسية بالبلاد وفي مقدمتها الانتخابات القادمة، بعد فترة طويلة من العداء والخلافات.

وترأس الأمين العام للعدالة والتنمية سعدالدين العثماني وعبداللطيف وهبي الأمين العام للأصالة والعاصرة، نهاية الأسبوع، لقاء تشاوريا لبحث المستجدات السياسية ومن بينها العملية الانتخابية المقبلة.

وعبّر الطرفان في مقر العدالة والتنمية السبت عن اعتزازهما بالتنسيق والتعاون بين الحزبين في مختلف المحطات السياسية والبرلمانية التي شهدها المغرب مؤخرا وبين منتخبي الحزبين على مستوى الجماعات الترابية، مؤكديْن على إرادتهما المشتركة لتعزيز الشراكة الفعّالة.

وقالت مصادر مطلعة إن “اللقاء بين الحزبين تم في جو من الانفتاح على الآراء والمواقف السابقة، مع الحديث عن الإجراءات المتخذة لتجاوز مرحلة العداء بين الطرفين”.

شريفة لومير: هناك إجراءات متخذة لتجاوز مرحلة العداء بين الحزبين

وأضافت أن اللقاء لم يقتصر على الحديث عن موضوع تنسيق الجهود للفوز بالمراتب الأولى، خاصة في الجماعات المحلية، بل تطرق إلى مسألة المرور إلى تحالف كامل بعد الانتخابات.

وأكدت الباحثة في العلوم السياسية شريفة لومير أن “اللقاء هو بداية صفحة جديدة من التنسيق بين الحزبين استعدادا للمحطة الانتخابية التي تفصلنا عنها أشهر قليلة”.

وأوضحت في تصريح لـها أن “هذا التنسيق الذي سيفضي إلى تحالف انتخابي قادم، رغم أنه تحالف أقل ما يقال عنه إنه هجين، سيصب في مصلحة الحزبين”.

واعتبرت قيادتا الحزبين في المقر المركزي لحزب العدالة والتنمية بالرباط أن اللقاء جاء فرصة للتأكيد على أنهما يريدان الإسهام في إنجاح تلك الاستحقاقات بنفس وطني “والتعبير عن رفض كل الأساليب الساعية للمساس بنزاهة وحرية الاقتراع، خصوصا عبر استخدام المال الانتخابي وبعض أدوات الترغيب والترهيب ضد بعض الفاعلين السياسيين”.

ويرى سياسيون أنه بعد لقاء العثماني ووهبي يمكن الحديث عن تنسيق مسبق بين العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة لدخول المعركة الانتخابية ودفن ماضي التصادم بينهما الذي استمر طويلا، وتتوجس قواعد العدالة والتنمية وبعض قياداته من تطبيع كامل مع حزب الأصالة والمعاصرة.

وأشارت شريفة لومير إلى أن الحزبين يحاولان توحيد جهودهما “من أجل التصدي لتحرك حزب التجمع الوطني للأحرار في محاولة منه لتصدر نتائج الانتخابات القادمة”، مشددة على أن “هذا القرار سيتبعه انضباط الحزب قواعد وقيادات، لأن هاجس الظفر بهذه الانتخابات هو المسيطر على القرار بعيدا عن المواقف ضد الأصالة والمعاصرة التي ألف حزب العدالة والتنمية التلويح بها دون تنفيذها”.

وأكد سعدالدين العثماني أن للحزبين إرادة مشتركة لتجاوز مخلفات الماضي والتفكير في كيفية استمرار الحوار السياسي بينهما في المستقبل وتجاوز جميع القضايا الخلافية ومناقشة وجهات نظر الطرفين.

ونوه سعدالدين العثماني بالعلاقة التي باتت تجمع الحزبين والتي طويت فيها صفحة الماضي، “حيث شهدت نوعا من التنافر والصدام نتيجة سياقات خاصة”، داعيا إلى “بناء علاقة بين الحزبين قوامها أسس متينة وأطراف سياسية تشتغل في إطار التعاون فيما بينها لخدمة مصلحة البلاد وتقوية الثقة في المشهد السياسي”.

قيادتا الحزبين اعتبرت أن اللقاء جاء فرصة للتأكيد على أنهما يريدان الإسهام في إنجاح الاستحقاقات بنفس وطني والتعبير عن رفض كل الأساليب الساعية للمساس بنزاهة وحرية الاقتراع

واعتبر حزبا العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة أن التنسيق في مواجهة جائحة كورونا وبلورة الميثاق الوطني للنموذج التنموي وغيرهما، فضلا عن التعاون والتنسيق بين منتخبي الحزبين على مستوى الجماعات الترابية، بمثابة مقدمة موضوعية لتنسيق على أعلى مستوى للانتخابات المقبلة.

وأشار عبداللطيف وهبي إلى أن “اللقاء ناقش الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وتم الإجماع على ضرورة إنجاحها لما في ذلك من فائدة للديمقراطية ولبلادنا”، معلناً أن هذا اللقاء خطوة أولى ستليها خطوات أخرى لإنجاح العملية السياسية في المغرب.

كما أعرب عن أمله في تدارك ما ضاع من الوقت في صراعات جزئية، موضحا أن المواقع في بعض الأحيان كانت تفرض بعض المواقف.

واعتبر مراقبون أن تغيير قيادات الأصالة والمعاصرة التي كانت تثير الجدل والعداء والتصريحات النارية ساهم في الوصول إلى هذا التنسيق الذي فرضته الضرورة الانتخابية لكلا الحزبين.

وأضاف هؤلاء أن الأصالة والمعاصرة يريد الخروج من موقع المعارضة إلى تدبير الشأن العام من بوابة المشاركة في الحكومة، وهذا ما دفعه إلى التنسيق مع الحزب الحاكم حاليا.

وقال متابعون للشأن المغربي إن اللقاء الذي جرى في مقر حزب العدالة والتنمية دليل على التقاء مصالح الحزبين، على المستوى المركزي والجهوي باعتبار أن الأصالة والمعاصرة يشعر بأنه مستهدف من قبل حزب التجمع الوطني للأحرار، وخصوصا أن الأحرار يُتَّهَمون باستغلال موقعهم في الوزارات التي يسيرونها لخدمة موقعهم الانتخابي.

وأكد الحزبان على ضرورة أن تتحمل كل الجهات الفاعلة في المسلسل الانتخابي مسؤوليتها تحت سقف الدستور والقانون وتوجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس الساهر على صيانة الاختيار الديمقراطي وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات ومختلف الجماعات.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: