الخطأ في الحب ممكن، لكنه أشبه بالخطأ في الحساب، هناك صفر لم يقع في موقعه، لا معنى للفواصل في الكتابة، غير أن غيابها يؤثر على المعنى. هل صار علينا أن نحلم بيوم من غير فواصل لكي نصل إلى المعنى؟
أعتقد أن الحب في أساسه يكمن في الخطأ الذي ينطوي عليه، نحن نحب في اللحظة التي يجب ألا نحب فيها، وهو ما يصنع من ذلك الحب قدرا.
الكتابة تفرض نفسها بالطريقة عينها، فحين نكتب ما لم نفكر بكتابته تقع المعجزة، ما من مخطط للحب كما الكتابة لا تملك مخططا، في العصف المفاجئ يقيم الجمال، ليس هناك جمال من غير رشقة صمت. هو ذلك الصمت الذي يشبه النهايات، أعظم ما يطرحه الحب من أسئلة هو ذلك السؤال الذي يتعلق بمكابداته أو مقاومته من أجل ألا يقع.
يقاوم المرء الحب لا لأنه لا يرغب في متعته، بل لأنه يخشى عذاباته. الحب عذاب كالكتابة، فالكتابة لمَن لم يجربها تبدو عملا يسيرا، لكن تجربة كتابة رسالة قصيرة في إمكانها أن تقول كل شيء عن تلك المعاناة التي ينطوي عليها فعل الكتابة.
الهدف من الحب هو ذاته الهدف من الكتابة، أن نضع المعنى وراءنا ونمشي في دروب المتاهة، مَن يخشى الضياع لا يصلح أن يكون عاشقا.
لغز الحب هو مرجعيته الوحيدة، وهي تشبه بستانا مغلقا على أشجاره، وهو ما يعني أن الخطأ الذي يقع في الحب لا يمكن التعلم منه، لا جزء من النسيج الذي لن يتمكن من محو أخطائه.
ربما يكون ذلك الخطأ قاتلا، غير أنه لا يفقد متعته، ولأن الحب لا يسعى إلى أن يصل إلى هدف بعينه، فإن ذروته تظل عالية دائما. أليس ذلك هو ما يهب الكتابة جدواها؟ ليست الكتابة إلا نوعا من الحب الذي لا يكتمل إلا بنقصه، حاجتنا إلى الحب هي نفسها الحاجة إلى ما ينقصنا.