رغم أن تحويلاتهم المالية إلى المغرب تشكل ثاني مصدر للعملة الصعبة (النقد الأجنبي) في المملكة، إلا أنه غير مسموح للمغتربين، وهم 12 بالمئة من عدد السكان، المشاركة في الانتخابات البلدية ولا البرلمانية.
تحويلات 5 ملايين مغترب مغربي (12% من السكان) إلى المملكة تمثل ثاني مصدر للنقد الأجنبي في المغرب
لا يُسمح للمغتربين بالمشاركة في الانتخابات البلدية ولا البرلمانية داخل المملكة رغم أن الدستور يمنحهم حق الترشح والتصويت
مسؤولون يتحدثون عن أسباب مالية ولوجستية لعدم مشاركة المغتربين في الانتخابات نظرًا لعددهم الكبير وانتشارهم الواسع
منتقدون يقولون إن “القائمين على الأمر” يخشون من وجود تأييد واسع بين المغتربين لقوة سياسية معينة داخل المغرب
مع كل صيف يعود ما يزيد عن 2.5 مليون من بين 5 ملايين مغترب مغربي إلى المملكة، فيدعمون النشاط التجاري والاقتصادي في المدنوالقرى.
لكن رغم أن تحويلاتهم المالية إلى المغرب تشكل ثاني مصدر للعملة الصعبة (النقد الأجنبي) في المملكة، إلا أنه غير مسموح للمغتربين، وهم12 بالمئة من عدد السكان، المشاركة في الانتخابات البلدية ولا البرلمانية.
لا يوجد نص في الدستور ولا القوانين يمنع المغتربين المغاربة من المشاركة في الانتخابات ترشيحا وتصويتا.
وبينما يتحدث مسؤولون عن أسباب مالية ولوجستية، يعتبر منتقدون الأمر “قرار سياسي“.
** 5 ملايين مغترب
في عام 2018، بلغ حجم التحويلات المالية للمغتربين المغاربة 65.9 مليار درهم (632 مليون دولار أمريكي)، بحسب مكتب الصرف(حكومي).
ويشكل المغتربون 46 بالمئة من 12.3 مليون سائح زاروا المغرب العام الماضي.
وبين 5 يونيو و15 سبتمبر الماضيين، زار المغرب 2.8 مليون مغترب مغربي، بزيادة 2.73 مقارنة بعام 2017.
يبلغ عدد المغاربة خارج المملكة 5 ملايين، يتواجد ما يزيد عن 85 بالمئة منهم في أوروبا، وفق الحكومة المغربية.
** دعم تعليمي
في قطاع التعليم، أطلقت الحكومة المغربية مبادرات عديدة لصالح المغتربين، منها تعيين مدرسين من داخل المملكة لتعليم أبناء المغتربينخارجها، بمقتضى اتفاقيات شراكة مع عدد من الدول، خاصة فرنسا، إسبانيا وبلجيكا.
وتضم تلك الهيئة التعليمية 524 مدرسا و5 مفتشين ومنسقا تربويا واحدا.
سنويًا، يستفيد من هذا التعليم قرابة 75 ألف تلميذ مغربي في الخارج، بحسب الحكومة.
وتدعم الرباط العملية التعليمية لأبناء الأسر المغربية المعوزة المقيمية في دول منها: الجزائر، تونس وكوت ديفوار، وهو ما استفاد منه، خلالالموسم الدراسي 2017-2018، 876 تلميذا وتلميذة.
كما تخصص الرباط منحا جامعية لفائدة الطلاب المعوزين من أبناء المغاربة المقيمين بالخارج، وقد بلغت ألف منحة.
** تأهيل ديني
أرسلت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية 422 مرشدا دينيا إلى أوروبا، خلال شهر رمضان الماضي، بحسب تصريح لها.
وبلغ عدد أئمة التراويح 361 إماما، إضافة إلى 29 واعظا و32 واعظة في الخارج خلال رمضان.
وقدم هؤلاء خدماتهم للمغتربين المغاربة في كل من: فرنسا، بلجيكا، إيطاليا، إسبانيا، هولندا، ألمانيا، الدنمارك، السويد، كندا والغابون.
وتهدف السلطات من وراء إرسال البعثات الدينية إلى توحيد صفوف الجالية المغربية، وصيانة المساجد المغربية وحمايتها من الغلو والتطرف،وفق الوزارة.
على مستوى الرياضة، ولا سيما كرة القدم، فإن أغلب لاعبي المنتخب المغربي هم من أبناء المهاجرين، ويلعبون في عدد من أبرز الأنديةالأوروبية.
** إشكالات سياسية
رغم قوة الجالية المغربية اقتصاديًا، واهتمام الرباط بهم على أصعدة متعددة، إلا أنه غير مسموح لهم بالمشاركة في الانتخابات منذ أولانتخابات بلدية عام 1960، وأول انتخابات برلمانية في 1963.
استثناءً، وفي ظل ارتفاع أصوات طالبت بمنح المغتربين حقهم الانتخابي، شارك الناخبون المغتربون في انتخابات برلمانية، عام 1984، ثمعادت السلطات إلى منعهم، مرددة الأسباب ذاتها.
المنع الراهن يخالف الفصل 17 من الدستور، إذ ينص على أن “المغاربة المقيمون في الخارج يتمتعون بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حقالتصويت والترشيح في الانتخابات. ويمكنهم تقديم ترشيحاتهم للانتخابات على مستوى اللوائح والدوائر الانتخابية، المحلية والجهويةوالوطنية. ويحدد القانون المعايير الخاصة بالأهلية للانتخاب وحالات التنافي. كما يحدد شروط وكيفيات الممارسة الفعلية لحق التصويت وحقالترشيح، انطلاقا من بلدان الإقامة“.
كما لا يوجد في قوانين المغرب نص يحرم المغتربين من حقهم الانتخابي ترشيحا وتصويتا.
وقال رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، خلال جلسة برلمانية في يونيو الماضي، إن الحكومة تعمل على استكمال الرؤية بخصوصالمشاركة السياسية للمغاربة المقيمين بالخارج، وفق مقاربة تشاركية وتشاورية.
وأضاف العثماني، الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية” (إسلامي) الحاكم، أنهم يعمقون النقاش مع الجهات الحكومية المعنية والفاعلينالسياسيين وفعاليات المجتمع المدني من مغاربة العالم، للوصول إلى توافق حول مختلف القضايا التي تندرج في هذا الإطار.
وتدعو أحزاب وجمعيات، منها حركة الوسيط للجالية (غير حكومية)، إلى ضرورة مشاركة الجالية المغربية في الانتخابات.
ويرجع مسؤولون مغاربة عدم مشاركة الجالية المغربية بالخارج في الانتخابات إلى أسباب مالية ولوجستية، في ظل عددهم الكبير وانتشارهمالواسع.
خلال جلسة برلمانية، في 13 يوليو/ تموز 2016، قال وزير الداخلية آنذاك، محمد حصاد، إن “تصويت الجالية المغربية خارج المغرب يطرحإشكالات، فمثلًا أين سنقيم مكتب التصويت في الولايات المتحدة الأمريكية“.
وتابع حصاد: “وقد أصدمكم إذا تساءلت أين سنقيم المكاتب في إسرائيل التي تضم بين 700 و800 ألف مغربي“.
ويقول منتقدون لحرمان الجالية المغربية من حق المشاركة في الانتخابات إن “القائمين على الأمر” في المغرب يخشون من وجود تأييد واسعبين المغتربين لقوة سياسية معينة داخل المملكة.
ومنتقدًا ذلك المنع، قال عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المغربية السابق (2011: 2017)، الأمين العام السابق لحزب “العدالة والتنمية“، إنعدم مشاركة الجالية المغربية بالخارج في الانتخابات هو “قرار سياسي“.