يشكل بلوغ خط الأمان نحو الاكتفاء الذاتي من الغذاء أبرز الهواجس التي تعترض الجزائر جراء موجة الجفاف المستمرة منذ سنوات في شمال أفريقيا، مما دفع المسؤولين إلى الإقرار بأنه لم يتم تحقيق سوى الثلثين من المستهدف بينما لا يزال البلد النفطي متأخرا في إنتاج الحبوب.
ورغم أن وزير الزراعة عبدالحميد حمداني أشار خلال تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية إلى أن بلاده حققت 70 في المئة من احتياجاتها الغذائية، إلا أنها لا تزال متأخرة في بعض المنتجات الاستراتيجية كالقمح.
وقال حمداني في حديث مع إذاعة الجزائر الحكومية إن “الحكومة قررت التركيز في استراتيجية 2024 على الاستثمار في الصحراء خاصة في مجال الزراعات الصناعية الاستراتيجية التي تؤثر كثيرا على ميزان المدفوعات”.
وتمسح الصحراء في الجزائر أكثر من 80 في المئة من مساحتها الإجمالية، وهو ما يعني أن السلطات ستدخل مغامرة صعبة لتنميتها مع تقلص إمكانياتها المادية نتيجة انحسار عائدات صادرات الطاقة.
وأشار وزير الزراعة إلى أن النتائج الإيجابية المحققة الموسم الحالي في زراعة السلجم ستمكن من التوجه نحو الاستثمار في الزراعات الزيتية لإنتاج زيت المائدة والأعلاف في الموسم القادم.
ووضعت الحكومة نظام مرافقة ودعم مع تحفيزات خاصة بزراعة الذرة الصفراء، للوصول إلى زراعة أكثر من 40 ألف هكتار هذا الموسم حيث تم رفع سعر شراء الذرة المنتجة محليا من عند المزارعين لتشجيعهم على الاستثمار في هذا المجال بهدف تقليص فاتورة استيراد الذرة التي تفوق 800 مليون دولار سنويا.
عبدالحميد حمداني: نسبة الاكتفاء 70 في المئة لكن تأخرنا في منتجات استراتيجية
وتؤكد وزارة الزراعة أنها تلقت نحو 150 ملف استثمار في الزراعات الاستراتيجية كالقمح لدى ديوان تطوير الزراعات الصناعية في الأراضي الصحراوية.
وفي مايو الماضي دعا الرئيس عبدالمجيد تبون الحكومة إلى إحداث “ثورة” في إنتاج الحبوب والبذور والتوجه أكثر نحو إنتاج القمح الصلب باعتباره الأرفع قيمة في السوق الدولية، مع تقليص واردات القمح اللين.
ودعا أيضا إلى مراعاة طبيعة الأراضي الزراعية في الجزائر، والعمل على استغلال الفائض في الإنتاج المحلي من القمح الصلب مع تقليص الكميات المستوردة من القمح اللين.
ويتوقع المعهد التقني للزراعات الواسعة تراجع إنتاج الحبوب لموسم الحصاد 2020 – 2021 بسبب شح الأمطار، وقال مدير المعهد محمد الهادي صخري في تصريحات إذاعية إن “الإنتاج سيكون أقل مما تحقق في الموسم الماضي والذي بلغ 3.9 مليون طن”.
وبحسب تقرير صادر عن مركز الإحصائيات الزراعية التابع للوزارة، بلغت قيمة الإنتاج الزراعي الجزائري 29.1 مليار دولار خلال العام 2019.
وارتفعت حصة القيمة المضافة للقطاع ضمن القيمة المضافة الإجمالية إلى 12.4 في المئة في ذلك العام، وإلى 16.2 في المئة باحتساب القيمة المضافة خارج المحروقات.
كما ارتفع إنتاج القمح الصلب من 3.17 مليون طن في 2018 إلى 3.21 مليون طن في 2019، بينما ارتفع إنتاج البطاطس من 4.65 مليون طن في 2018 إلى 5 ملايين طن في 2019. وتقدر المساحات المزروعة بنحو 8.6 مليون هكتار.
وحققت الجزائر في 2019 اكتفاء ذاتيا من القمح الصلب بإنتاج مليوني طن، غير أن إنتاجها من القمح اللين لا يزال ضعيفا وهي المادة المستهلكة كثيرا في الجزائر.
وتعد الجزائر العضو في أوبك من أكثر الدول استهلاكا للخبز الأبيض المصنع من القمح اللين، غير أن البلاد تشهد تبذيرا كبيرا في الخبز بخسائر بلغت 350 مليون دولار سنويا، بحسب تصريح لوزير الزراعة السابق الشريف عماري.
ويستورد البلد سنويا نحو 7 ملايين طن من الحبوب منها القمح بنوعيه، لكنه أنتج فقط 2.8 مليون طن من الحبوب منها مليونا طن من القمح الصلب في 2019.
وتمكنت الجزائر من تحقيق الاكتفاء الذاتي في الخضر والفواكه وحققت فائضا في منتجات معينة على غرار مادة الثوم، وقامت بتصديره إلى أوروبا في 2019.