تتزامن عودة مغاربتنا القاطنين بدول المهجر – و في ظروف استثنائية تقتضي حجرا صحيا مخففا حسب لوائح الدول القادمين منها – و غير بعيد عن تداعيات هذه العودة و في ظل الظروف الراهنة ، يشهد المغرب ارتفاعا ملحوظا في درجة الحرارة ، يتزامن مع ارتفاع تطلعات المغاربة ” حول خروف العيد ” ، هذه الشعيرة الدينية التي ترهل مغزاها العام لدرجة فقدانها الطابع الديني ، بحيث أصبحت مجرد طقوس سنوية فارغة من كل ما يمت بصلة لما هو معتقد ديني ، و لعل واقعة سرقة الأكباش و الفوضى التي عمت بمنطقة الحي الحسني بالدار البيضاء خير دليل على التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي على مستوى القيم و المفاهيم ، و هي بطبيعة الحال تحولات إيديولوجية أفرزتها عدة عوامل متكاثفة ، لعل أهمها وباء كورونا و تداعياته .
و بالرجوع لجاليتنا المقيمة بالخارج ، و التي تستقبلها حاليا مختلف منافذ المملكة ، بعد غياب عن الوطن و الأهل دام أكثر من سنة ، هاهي الآن بيننا ، تنعم بدفىء المقام ، و رؤية الأحباب ، و تستمتع بطعم الأكلات المغربية و الشاي المغربي و الفواكه الموسمية …لتعود بعد فترة معينة لبلد الإقامة أيا كان ، و لتستأنف الحياة بروتينيتها المعهودة ، و ليعود مغاربة المغرب بدورهم لاستئناف التحضيرات ” لعرس الذيب ” ، الذي لا نعرف من هو – رغم التكهنات – لكننا نعلم أنه ” ذيب ” و أنه المحتفى به في شهر شتنبر القادم …
و بالرغم من أن مغاربة المهجر جزء لا يتجزأ من المغرب هوية و انتماءا و لهم نفس الحق في المشاركة في الشأن السياسي كمواطنين يكفل لهم القانون الحق في الممارسة السياسية ،إلا أن الازدواجية الثقافية التي يختصون بها عن غيرهم من المواطنين بسبب إقامتهم خارج ارض الوطن ستضمن لهم الحظ في عدم معاينة الممارسات المقيتة التي تعبنا من معايشتها في كل موسم انتخابي ..
سيعود مغاربة المهجر إذن إلى بلدان الإقامة ، و سيعفون من سماع أبواق المرشحين و من رؤية الرموز الحزبية على الجدران و من أكل الولائم المطهوة بطعم النفاق و الكذب على الذقون و استغلال ذوي العقول الساذجة من البسطاء..
و بالمقابل ، فإن المواطن العادي لن يذرف الدموع و هو يودع أقاربه المقيمين بالخارج بل سيغبطهم على غربتهم حيث لا أعراس للديب هناك … سيصفق طويلا لطالبي المناصب و المكاسب على اختلاف توجهاتهم الحزبية و سيشارك مرغما في مراسيم عرس الديب بل و سيدفع التكلفة بعد ذلك ، …