المغرب: مخاوف من عودة الحالة الوبائية إلى نقطة الصفر والتضييق على التنقلات بين المدن

حنان الفاتحي

ما زال خبراء الصحة في المغرب يعربون عن هواجسهم من انعكاسات تزايد عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد، رغم أن الوضعية ما زال متحكماً فيها. وتسود مخاوف بين المواطنين والعاملين في قطاعات متعددة من احتمال العودة إلى تشديد الإجراءات الاحترازية نتيجة ذلك.
في هذا الصدد، قال البروفيسور سعيد عفيفي، عضو اللجنة العلمية لكوفيد 19 ورئيس الجمعية للعلوم الطبية، إن الحالة الوبائية في المغرب “مقلقة جداً”، خاصة بعد انتشار المتحور الجديد “دلتا”، مشيراً إلى أن هذا الأخير “أكثر انتشاراً بنسبة 60 في المئة من المتحور البريطاني”.

الوضعية الوبائية متحكم بها

وأضاف في تصريح لموقع “فبراير” أن الوضعية الوبائية متحكم فيها”، ومع ذلك لا بد من أخذ الحيطة والحذر، وهو الأمر الذي جعل وزارة الصحة تصدر في الأسابيع الأخيرة بيانات تحذر فيها المواطنين من التراخي، وتحثهم على مواصلة احترام التدابير الاحترازية المنصوص عليها من قبل السلطات المختصة، حتى لا تحدث أي انتكاسة وبائية.
وأشار الخبير نفسه أن تصنيع وتعبئة اللقاح المضاد لـ”كوفيد 19″ هو “محطة مفصلية في تاريخ الصناعة الدوائية بالمغرب، لافتاً إلى أن هذه الخطوة تندرج ضمن المقاربة الشمولية للعاهل المغربي محمد السادس الخاصة بتعميم الحماية الاجتماعية على جميع المواطنين”.
وحذر من “انتكاسة وبائية” في المغرب، والتي قد تؤدي ـ حسب تعبيره- إلى عودة التشديد في الإجراءات الاحترازية ضد فيروس كورونا”.
في سياق متصل، وجه الدكتور الطيب حمضي، الباحث في السياسات والنظم الصحية، نداء إلى المواطنين فوق سن الأربعين من أجل تلقي اللقاح، بدأه بثلاث معلومات أولاها أنه في بريطانيا وروسيا، تسبب متحور دلتا في زيادة وباء كوفيد 19 في بريطانيا، تلقى أكثر من 66 في المئة من السكان جرعة واحدة على الأقل من اللقاح (أكثر من 50 في المئة كلتا الجرعتين). وفي روسيا، تلقى 15 في المئة فقط من السكان جرعة من اللقاح. وذكر أن اللقاح يحمي من المرض ومن الحالات الخطرة ومن الوفاة بشكل مذهل. أما المعلومة الثانية، حسب الخبير نفسه، فهي أن التطعيم يقلل من انتقال وتفشي الفيروس، فالأشخاص غير المستفيدين من التطعيم ينقلون الفيروس 12 مرة أكثر من أولئك الذين جرى تطعيمهم.
وتتمثل المعلومة الثالثة في أن حوالي 99.2 في المئة من الوفيات الأخيرة من كوفيد 19 في الولايات المتحدة الأمريكية كانت لأشخاص غير متلقين للتطعيم، وفق تصريحات أوردتها وكالة الأنباء المغربية.
وأكد الدكتور جمال الدين الكوهن، رئيس “الفدرالية الوطنية الأطباء التخدير والإنعاش”، ارتفاع نسبة ملء أسرة العناية المركزة والإنعاش التي تستقبل المصابين بعدوى كوفيد، إذ انتقلت من 6,6 في المئة باستشفاء 108 مرضى بكوفيد، إلى 11 في المئة، بشكل سريع وفي ظرف 15 يوماً، بعد أن فاق عدد المرضى 180 مصاباً داخل أقسام الإنعاش لأجل العلاج بالتنفس الاصطناعي أو الاختراقي. وذكر أن الوضعية الوبائية الحالية مقلقة جداً وكانت منتظرة بالنظر إلى سرعة وحركية تنقل وانتشار المتحور “دلتا”، واستهدافه لفئة الشباب بشكل أكبر، ما قد تصبح معه هذه السلالة هي السائدة في المغرب بدلاً من السلالة البريطانية، إلى جانب السبب المرتبط بعدم الأخذ بالتدابير الاحترازية للوقاية من نقل عدوى الفيروس.
وأكد سعي المغرب إلى تحقيق المناعة الجماعية في ظل عالم يشهد ظلماً في الوصول إلى اللقاحات، ما جعل المملكة المغربية تبذل مجهودات كبيرة لتوفير اللقاحات وأبرمت اتفاقيات لأجل تصنيعها لتلبية الطلب الداخلي والاستجابة لحاجيات العديد من الدول، في مقدمتها دول إفريقية. وتسود مخاوف كثيرة بين العاملين في قطاع المواصلات العامة بين المدن المغربية، مع اقتراب عيد الأضحى. فبعد تكاثر أعداد الإصابات بالفيروس وتواتر البيانات الحكومية، يستشعر العاملون في القطاع تضييقاً جديداً على حركية التنقلات، يكبح انتعاشة تسجلها المناسبات الدينية.
ويمني المهنيون النفس باستمرار منطق التخفيف مع التدبير الجيد للفترة الحرجة الحالية، خصوصاً أن القطاع توقف لفترات طويلة عن الاشتغال، ومن شأن العطلة الصيفية وعيد الأضحى رفع مداخيل السفر على امتداد الشهرين القادمين.
في المقابل، مع حلول عطلة الصيف التي تتزامن مع عيد الأضحى، تتخوف الكوادر الصحية من ظهور بؤر جديدة تعيد الوضع الوبائي والصحي في بعض المدن إلى نقطة الصفر، لا سيما بعد قرار التخفيف والعودة تدريجياً إلى الحياة الطبيعية.
ونقلت صحيفة “هسبريس” الإلكترونية عن الصديق بوجعرة، رئيس “الاتحاد النقابي الطرقي عن الاتحاد المغربي للشغل”، قوله إن القطاع ما زال يشكو من مشاكل متراكمة، خصوصاً في ما يرتبط بالحالة الوبائية العامة، والطفرة التي شهدها فيروس كورونا في الآونة الأخيرة.
وأضاف أن عديد المحطات الطرقية توقفت بسبب الفيروس، ولم تتمكن من العمل سوى قبل أشهر، معتبراً أن هذا التخوف هو الطاغي على المهنيين، خصوصاً مع تواتر الأخبار حول سلالة “دلتا” وارتفاع عدد حالات الإصابة بها. وأوضح المتحدث ذاته أن المهنيين سيصعب عليهم الاشتغال مجدداً في سياق إجراءات احترازية صارمة، مشيراً إلى أن التفكير كله منصب في هذا الهاجس، خصوصاً أن وسائل النقل ستكون متوفرة، والعمل الأساسي للمهنيين هو ضمان استمرار التسعيرة العادية. وسجل المسؤول النقابي أن السلطات مع الأسف غالباً ما تشتغل على وضع سيناريوهات لتدبير المرحلة دون إشراك المهنيين، مشيراً إلى أنه إلى حدود أيام قبل العيد لم يتم فتح حوارات على المستوى المركزي، في حين عقد لقاء واحد فقط انتهى بإعادة فتح محطة “أولاد زيان” في الدار البيضاء.
في سياق متصل، كتبت صحيفة “الأخبار”  افتتاحية حول مستجدات الحالة الوبائية في المغرب، مما جاء فيها: “لقد ظن الكثير من المواطنين أن إجراءات التخفيف من الحجر الصحي، بإعادة فتح المطاعم والمحلات التجارية وفتح الشواطئ والسفر بين المدن، تعني أن زمن الوباء انتهى وأننا تخطينا مرحلة الخطر، وأصابت الجميع حالة من الارتخاء والاستهتار في ممارسة الحياة اليومية وكأننا عدنا إلى الحياة الطبيعية، مما أدى مرة أخرى إلى ارتفاع عدد الإصابات واكتشاف حالات متحورة جديدة، وهو ما سيقود حتماً خلال القادم من الأيام للجوء إلى تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي الصارمة، وعودة عداد المواجهة إلى نقطة الصفر”.
وأضافت الصحيفة نفسها قائلة: “الحقيقة التي ينبغي أن تترسخ في الأذهان أننا لم نتجاوز أزمة جائحة کورونا بعد، ولا يبدو في ظل قدرة هذا الفيروس على التحول أن ذلك سيحدث قريباً، فلن نكون في مأمن من خطر کوفید 19، مهما كان مستوى التطعيم ناجحاً في المغرب، قبل السيطرة الكاملة عالمياً على الفيروس. وإلى ذلك الحين ليس لنا من طريق سوى التزام كافة الإجراءات الاحترازية وعدم الاستهانة بها، فهي صمام الأمان كي نضمن للمجتمع الوقاية المطلوبة ضد كوفید- 19، ولكي نتجنب تكرار المشاهد المأساوية التي عشناها السنة الماضية” في إشارة إلى تكاثر الإصابات بعد تنقلات المواطنين خلال إجازة عيد الأضحى.
وأوردت صحيفة “الصحراء المغربية” افتتاحية قالت فيها: “تعد كل أشكال الدعم المقدمة للمواطنين المتضررين من انتشار كوفيد 19 بتوجيهات ملكية، إنجازاً مغربياً لا مثيل له قارياً وإقليمياً، لكونها تتطلب مبالغ مالية كبيرة، وآليات لتسريع العملية. ورغم أن مدة التأثر طالت بنا، فإن الدعم ما زال متواصلاً، ما يفرض علينا التحلي بحس وطني، والالتزام بكل مسؤولية لتمكين البلاد من العبور إلى شط الأمان، وطي صفحة زمن كورونا. كل يوم يمر من هذا الزمن يخلف فينا أثراً مالياً كبيراً، فضلاً عن أثر فقدان أشخاص نشاركهم شرف الانتماء إلى هذا الوطن”.

وزارة الصحة تحذر

وأشارت إلى أن وزارة الصحة حذرت من انتكاسة بعد تسجيل منظومة اليقظة الجينومية مجموعة من الحالات الناتجة عن السلالات المتحورة لفيروس “السارس” في البلاد، من بينها 43 حالة ناتجة عن المتحور “دلتا” في أربع جهات في المغرب، وحثها المواطنات والمواطنين على عدم الاستهانة بهذا الخطر المحدق بالبلاد، خاصة بعد ظهور حالات إصابة بالسلالات المتحورة، لتجنب اللجوء إلى تشديد الإجراءات”.
كما تحدثت عن مبادرة “الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي” بالإعلان عن تمديد فترة الاستفادة من الدعم المالي الخاص بكوفيد 19 لفائدة العاملين بقطاع السياحة، ومقاولات الصناعات الثقافية والإبداعية، ودور الحضانة الخاصة، وقاعات الرياضة الخاصة. وقالت: “ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار أعداد المستفيدين والمبالغ التي صرفت وتصرف منذ انطلاق عملية الدعم”.
وشهدت حالات الإصابة الجديدة بكورونا المستجد ارتفاعاً متزايداً خلال 24 ساعة بتسجيل 1336 حالة، مقابل 706 حالات شفاء، وخمس وفيات.
أما عدد الأشخاص الذين تلقوا الجرعة الأولى من اللقاح المضاد للكوفيد فبلغ 10 ملايين و317 ألفاً و807 أشسشخاص، بينما وصل عدد المتلقين للجرعة الثانية إلى 9 ملايين و213 ألفاً و535 شخصاً.
وذكرت وزارة الصحة المغربية، مساء الخميس، في النشرة اليومية لنتائج الرصد الوبائي لـ(كوفيد-19)، أن الحصيلة الجديدة للإصابات بالفيروس رفعت العدد الإجمالي لحالات الإصابة المؤكدة بالمملكة إلى 538 ألفاً و589 حالة منذ الإعلان عن أول حالة في 2 آذار/ مارس 2020، فيما بلغ مجموع حالات الشفاء التام 522 ألفاً و377 حالة، بينما ارتفع عدد الوفيات إلى 9346 حالة. ووصل مجموع الحالات النشطة إلى 6866 حالة.
وبلغ عدد الحالات الخطيرة أو الحرجة الجديدة بأقسام الإنعاش والعناية المركزة المسجلة خلال 24 ساعة الأخيرة 33 حالة، ليصل العدد الإجمالي لهذه الحالات إلى 282. أما معدل ملء أسرة الإنعاش المخصصة لكوفيد 19 فتصل إلى 8,9 في المئة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: