وجّه رئيس البرلمان المغربي الحبيب المالكي انتقادات لاذعة إلى رئيس البرلمان الأفريقي على خلفية أحداث شهدها البرلمان الذي يعد أحد هياكل الاتحاد الأفريقي ما يعكس استمرارا للتوتر بين الرباط وبريتوريا.
ويرجع ذلك التوتر إلى ما تروجه جنوب أفريقيا عن أطروحات جبهة البوليساريو الانفصالية وهو ما يثير حفيظة المغرب الذي حقق نتائج ميدانية ودبلوماسية هامة ضد
الجبهة.
صبري الحو: بريتوريا تستغل البرلمان الأفريقي للترويج لأطروحات الانفصال
وقال المالكي في كلمة له على هامش انطلاق أشغال اللقاء التشاوري لرؤساء البرلمانات الأفريقية في مجلس النواب المغربي في الرباط إن “بعض الفضائح ميزت الدورة الأخيرة في برلمان مجلس عموم أفريقيا، في الدورة الأخيرة في جنوب أفريقيا، الجميع تابع وواكب تلك الممارسات التي تنافي البناء الديمقراطي لقارتنا ما جعل من هذه التجربة تجربة بائسة، لا علاقة لها بما عشناه سابقا في القارة”.
ويشير بذلك المالكي إلى جلسة انتخاب رئيس البرلمان الأفريقي التي انعقدت في يونيو الماضي، وشهدت سجالات وعنفا وعراكا بين ممثلي جنوب أفريقيا والمغرب، فيما واجه برلمانيو جنوب أفريقيا اتهامات بمحاولة سرقة صندوق التصويت بعدما فقد حليفهم من زيمبابوي حظوظ نيل منصب رئيس البرلمان أمام مرشحة دولة مالي البرلمانية عائشة سيسي.
وبادرت آنذاك البرلمانية عن المغرب مريم أوحساتي بالتصدي لعملية خطف الصندوق أثناء عملية التصويت، لمنع انتهاك العملية الديمقراطية من قلب البرلمان الأفريقي ليتم الإعلان عن تعليق الأشغال وبالتالي تأجيل انتخاب رئيس البرلمان.
ويرى مراقبون أن جنوب أفريقيا تحاول استغلال البرلمان الأفريقي للترويج لأطروحات البوليساريو وهو ما يجعل المغرب يتحرك للتصدي لها.
وقال الخبير المغربي في القانون الدولي ونزاع الصحراء صبري الحو إن “جنوب أفريقيا تريد استغلال منصة البرلمان الأفريقي للمرافعة على ملف انفصال البوليساريو لكن مكاسب المغرب وانتصاراته على أكثر من صعيد ستفيد الدبلوماسية المغربية في التخلص من أعباء مناقشة ملف الصحراء في كل مناسبة وداخل أجهزة الاتحاد
الأفريقي”.
الحبيب المالكي: الدورة الأخيرة للبرلمان الأفريقي تميزت بالعنف الجسدي واللفظي والتهديد بقتل برلمانيات وبرلما
وأوضح الحو في تصريح لـه أنّ “هناك توجها للقطع مع التشويش الذي تخلقه جنوب أفريقيا وحلفاؤها في البرلمان الأفريقي وذلك بهدف درء أي خروقات أو تعسف من بعض موظفي الاتحاد الأفريقي واستقوائهم بمواقعهم ضد المغرب”.
وأكد المالكي “أن الدورة الأخيرة للبرلمان الأفريقي تميزت بالعنف الجسدي واللفظي والتهديد بقتل برلمانيات وبرلمانيين” مشددا على أن هذا يتنافى مع القيم المشتركة للتاريخ الإنساني، الذي يرتكز على القيم والأخلاق والانفتاح والتسامح.
وأشار المالكي إلى أنه لا يمكن لرئيس البرلمان الأفريقي بالنيابة شارو مبيرا أن يتدخل في عملية انتخاب الرئيس الجديد، مؤكدا على أن هذا المنصب يفترض فيه “الاقتصار على تصريف الأعمال إلى حين انتخاب رئيس جديد وفق ما ينص عليه النظام الداخلي للبرلمان”.
والخلافات بين المغرب وجنوب أفريقيا ليست وليدة اللحظة حيث حاولت بريتوريا قبل عامين فرض عضوية مرشح جبهة البوليساريو بمكتب جمعية الأمناء العامين للبرلمانات الأفريقية التابعة للبرلمان الأفريقي لكن الغالبية الساحقة للجنة التنفيذية رفضت ذلك وصوتت ضده.
وتدعم كل من ناميبيا وزيمبابوي وجنوب أفريقيا، تواجد البوليساريو داخل مؤسسات الاتحاد الأفريقي، عكس الدول الأعضاء الأخرى التي تعارض ذلك.
وتم تأسيس البرلمان الأفريقي في 18 مارس 2004 بأديس أبابا بإثيوبيا، لكنه لم يجتمع منذ أكتوبر 2019 بسبب تفشي فايروس كورونا حيث يتعين عليه عقد دورتين عاديتين على الأقل على مدى 12 شهرا.
ويرى مراقبون أن جنوب أفريقيا تسعى للاستفراد بالبرلمان الأفريقي إثر فشلها في فرض مشاريعها المناهضة للمغرب في ما يتعلق بالصحراء في مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي.