سفير المغرب ببلجيكا : الحضور المغربي في إفريقيا يوفر فرصا جديدة لتطوير شراكة ثلاثية مع أوروبا
MAP - AJ
وأوضح السيد عامر خلال ندوة نظمت من طرف اللجنة الدبلوماسية بجامعة بروكسيل الحرة، حول موضوع “المغرب، فاعل عالمي في إفريقيا”، أن سياسة المغرب الإفريقية الجديدة هي مشروع مجدد، تشمله رؤية ملكية تضع في قلب أهدافها، النهوض بالمصالح الحيوية للقارة الإفريقية، تعزيز التعاون الإفريقي-إفريقي، وتكريس الهوية الإفريقية للمغرب من أجل قارة جديدة موحدة، مزدهرة ومتجهة نحو المستقبل.
وأبرز السفير أمام ثلة من طلاب الدكتوراه والباحثين بجامعة بروكسيل الحرة، أن الأمر يتعلق بنموذج للتعاون جنوب-جنوب يقوم على إستراتيجية طموحة، من حيث نطاقها الجغرافي، مضمونها، طبيعة مشاريعها وبعدها المؤسساتي.
وذكر بأن المغرب تربطه تقليديا علاقات خاصة مع غرب إفريقيا لأسباب تاريخية معروفة، مسجلا أنه خلف قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أضحى الحضور المغربي قاريا.
وأشار السفير، أيضا، إلى أن هذه السياسة الإفريقية للمملكة تزاوج في ذات الآن بين إنجاز مشاريع القرب والمشاريع الوازنة، مذكرا على سبيل المثال ببناء مدينة في جنوب السودان، وتهيئة قناة بانغالانيس بمدغشقر، وخليج كوكودي في أبيدجان، فضلا عن بناء مدينة للأعمال مكان مطار دكار الدولي الحالي.
وإلى جانب هذه المشاريع، التي تتطلب استثمارات مهمة وخبرة محددة، يساهم المغرب في تنفيذ مشاريع لها وقع اجتماعي قوي على الساكنة، من قبيل بناء المستشفيات، مراكز التكوين وقرى الصيادين وغيرها.
وأوضح في هذا السياق أن العرض المغربي في إفريقيا ليس متفردا فحسب، بل متعدد الأبعاد يشمل في ذات الآن الجوانب الأمنية، العسكرية، الدينية، الاقتصادية، الدبلوماسية، الإنسانية والاجتماعية، ما يضفي المصداقية على هذه السياسة، ومن ثم يثير ردود فعل إيجابية من قبل العديد من الدول الإفريقية إزاء العرض المغربي.
وبحسب السيد عامر، وإدراكا منه للدور المهم الذي يضطلع به الشباب الإفريقي في إقلاع القارة، فإن المغرب حريص أكثر فأكثر على أن يدمج في تعاونه مع البلدان الإفريقية، مشاريع خاصة للشباب (مراكز التكوين المهني، النهوض بريادة أعمال الشباب والرياضة)، مذكرا بأن أزيد من 23 ألف طالب من إفريقيا جنوب الصحراء تخرجوا من الجامعات المغربية على مدار العشرين عاما الماضية.
وتابع السفير، أن المغرب في إطار سياسة الهجرة التضامنية والمسؤولة التي ينهجها، أطلق في العام 2013 عملية كبرى لتسوية الوضعية القانونية شملت 50 ألف مهاجر ينحدرون من بلدان جنوب الصحراء.
وبعد تذكيره بأن الروابط الثقافية والدينية بين المغرب وإفريقيا عريقة وكثيفة، أكد أن التعاون في هذا المجال تعزز خلال العقدين الماضيين، في سياق يتسم بالتهديد الإرهابي وتنامي التطرف الديني.
وأكد في هذا الصدد، أن معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات استقبل مئات الأئمة الأفارقة قصد تعزيز قدراتهم وإشاعة الإسلام الوسطي، المتسامح والمنفتح على العالم، مشيرا إلى أن إحداث مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة ساهم في الحفاظ على القيم الأصيلة للإسلام في القارة.
من جهة أخرى، أشار السيد عامر إلى أن المغرب يضع إفريقيا في قلب اهتمامات الأجندة متعددة الأطراف، لاسيما فيما يتعلق بقضايا البيئة، الهجرة، تطور التهديد الإرهابي وتحديات التنمية. وأضاف في هذا الصدد، أن المغرب لا يدخر جهدا في الدفاع عن مصالح إفريقيا لدى الدول والتكتلات الإقليمية الأخرى.
وخلال تفاعله مع الحضور، تطرق السفير عامر لتاريخ المغرب، نشأة النزاع الإقليمي المصطنع حول الصحراء المغربية، الذي شهد مؤخرا -بحسبه – منعطفا تاريخيا مع الاعتراف الأمريكي بسيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية. كما أبرز لمحاوريه تفرد المغرب، الذي أضحى واحة للاستقرار والازدهار في منطقة تحيط بها العديد من التحديات، لاسيما الأمنية.
وأشار كذلك إلى الأوراش الإصلاحية العديدة المنفذة من طرف المغرب، خلف قيادة جلالة الملك، لاسيما الحماية الاجتماعية، الإستراتيجية المغربية لمكافحة وباء “كوفيد-19″، والنموذج التنموي الجديد الذي سيكون بمثابة خارطة الطريق التي ستوجه سياسات المملكة الاقتصادية والاجتماعية على مدى السنوات الخمس عشرة القادمة.
وتعد اللجنة الدبلوماسية، التي تترأسها المغربية كلثوم نبو، الباحثة في العلاقات الدولية بجامعة بروكسيل الحرة، تجمعا للشباب المهتمين بالدبلوماسية والعلاقات الدولية، بهدف تحفيز المشاركة السياسية للشباب وفهم أفضل للعملية الدبلوماسية.
وتندرج ندوة اليوم في إطار النسخة الأولى من “براسيلز دبلوماتيك ماستركلاس” (02-11 يوليوز)، التي سبق أن عرفت، على الخصوص، مشاركة نائبة رئيس الوزراء البلجيكي، وزيرة الشؤون الخارجية، صوفي ويلميس، ومسؤولين أوروبيين رفيعي المستوى وعدد من الدبلوماسيين المعتمدين ببروكسيل.