الرباط تنتظر مكاسب إصلاح نظام الضرائب والقطاع العام

ماموني

رأى خبراء اقتصاد أن الإصلاحات الجديدة التي يدشنها المغرب في ما يخص النظام الضريبي وهيكلة شركات القطاع العام تخدم النموذج التنموي الجديد، الذي يشرف عليه الملك محمد السادس، بهدف تحقيق إنعاش اقتصادي يلمسه المواطنون بشكل واقعي مستقبلا خاصة بعد تجاوز محنة الجائحة.

تتسلح الحكومة المغربية بشحنة معنوية كبيرة في طريق تنفيذ برنامجها الإصلاحي لإنعاش الاقتصاد بعد مصادقة الملك محمد السادس خلال ترؤسه لمجلس وزاري الأسبوع الماضي على قانوني إصلاح النظام الضريبي وشركات القطاع العام.

وتأتي خطوة إصلاح النظام الضريبي جراء ضعف مردوديته بالنظر إلى مداخيل المهن الحرة، وكذلك على القيمة المضافة، وخضوع بعض القطاعات للضريبة حسب الأسعار العادية، فضلا عن استفحال الغش والتهرب الضريبي، بالإضافة إلى العديد من الاختلالات الأخرى.

ومن المتوقع أن يصادق البرلمان على مشروعي القانونين سريعا. وقال رئيس لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب عبدالله بوانو إنه “تقرر الشروع في مناقشة القانونين من أجل تمريرهما قبل منتصف الشهر الجاري”.

واعتبر رئيس الحكومة سعدالدين العثماني خلال آخر اجتماع لمجلس الوزراء أن القانونين سيسهمان في توفير آليات وشروط الإنعاش الاقتصادي بعد الجائحة، وتنضاف إلى الإصلاحات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي الهامة الأخرى.

وقال إن “الإصلاحات التي وردت بشأنها تعليمات ملكية تهدف للخروج السليم من مرحلة الجائحة وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية، وقد بدأت بعض القطاعات تعرف بوادر استعادة عافيتها”.

ويؤكد المسؤولون أن النظام الضريبي يعاني على مستوى كثرة التحفيزات التي يقرها النظام لبعض القطاعات، مما يضر بخزينة الدولة في الوقت الذي لا يوجد أي تقييم لآثار هذه التحفيزات وبالتالي فإن سن مشروع قانون لإصلاحه يهدف أساسا لتجاوز عدد من الاختلالات التي يعاني منها.

وتظهر أحدث بيانات المديرية العامة للضرائب أن حصيلة الضرائب تراجعت بواقع 5.4 في المئة بنهاية العام الماضي، متأثرة بالأزمة الصحية لتبلغ في الإجمال حوالي 144.8 مليار درهم (16.2 مليار دولار).

إدريس الفينة: لا بد من سياسة ضريبية مستقرة تعطي ديناميكية تنموية مستمرة

وكان وزير الاقتصاد والمالية محمد بنشعبون قد أكد أن الحكومة تدرك أن الإصلاحات الجديدة تُمكن من إقامة نظام جبائي يكون في خدمة التنافسية والابتكار وتوفير فرص عمل وتعبئة كل الإمكانات الضريبية قصد ضمان تمويل أفضل للسياسات المالية العامة.

ويرى خبراء اقتصاد أن الحكومة تحتاج بالفعل إلى خطوة من هذا النوع حتى تتمكن من تعبئة الموارد لخزينة الدولة وتشجيع المستثمرين على النشاط وفق ضوابط ضريبية محفزة، بما يعود بالنفع على النموذج التنموي الجديد الذي يقود استراتيجيته الملك محمد السادس.

وقال الأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي بالرباط إدريس الفينة، لـ”العرب” “إننا نحتاج لرؤية ضريبية متكاملة تسمح بالإجابة عن أسئلة متعددة”.

وأضاف إن “من بين التساؤلات المطروحة: هل نريد أن تقوم الدولة بكل شيء عوض القطاع الخاص؟ وهل نريد تحفيز القطاع الخاص محليا ودوليا لكي يستثمر في مجالات اقتصادية متعددة، أم نريد رفع الضغط الضريبي وتوقيف كل دينامية تنموية في المغرب وتقزيم دور القطاع الخاص؟”.

وأوضح الفينة أن كل هذا يتطلب وبأسرع وقت توفير سياسة ضريبية مستقرة ودائمة ومنتجة تسمح بخلق دينامية تنموية مستمرة ومن جعل القطاع الخاص الفاعل الأساسي في هذه التنمية.

وتمت بلورة مشروع القانون بهدف إصلاح النظام الجبائي، من خلال تحديد مكوناته ومبادئه وأهدافه وآليات تطبيقه، وتحديد الإجراءات المواكبة لتنزيله، بصفة متدرجة، ووفق أولويات وطنية محددة وبرمجة زمنية متدرجة.

محمد بنشعبون: الإصلاحات سوف تخدم التنافسية والابتكار وتوفر فرص عمل

ولفت بنشعبون إلى أن الإتيان بهذا الإصلاح الضريبي سيقوي الحقوق الأساسية، من خلال اعتماد نظام ضريبي يقوم على احترام المساواة والعدالة الجبائية والحق في المعلومة وضمان حقوق الخاضعين للضرائب والإدارة.

وقال أمام لجنة المالية بمجلس النواب مؤخرا إن “هذا الإصلاح يهدف لحماية الخاضعين للضريبة من أي إجحاف في تأويل النصوص القانونية من طرف الإدارة الجبائية وتعزيز علاقة الثقة بين الجانبين وتمكينهما من حق الطعن، وضمان استقلال الهيئات الجبائية المخصصة لذلك، إضافة إلى إحداث مرصد وطني للجبايات”.

وحسب المسؤولين بوزارة المالية، يأتي المشروع الإطار لتصحيح العديد من الاختلالات والنواقص للنظام الضريبي، خاصة في ما يخص الفعالية والعدالة والتي تحول دون تحقيق أهدافه التحفيزية وإعادة توزيع الدخل وتنشيط نموذج التنمية الاقتصادية وتحسين قدرته على الإدماج الاجتماعي ومواكبة متطلبات الاستدامة البيئية.

وتتمثل الأهداف الأساسية التي يحددها هذا الإصلاح في ضمان العدالة والإنصاف لدافعي الضرائب أمام مصالح الدولة وتعزيز الحقوق والثقة المتبادلة بين الملزمين والإدارة وتعبئة كامل الإمكانات الضريبية لتمويل السياسات العامة، وإصلاح منظومة الرسوم الجماعية وشبه الضريبية، وتعزيز نظام الحوكمة الفعالة والناجعة.

ويقول الفينة إن القوانين وضعت من أجل توضيح وتسهيل تأطير المجالات الاقتصادية وباقي المجالات الحيوية وكيفية الحصول خصوصا على الخدمات العامة، لافتا إلى أن القوانين تحمي المصالح الاقتصادية العامة للبلاد وتنميتها.

ويهدف مشروع قانون إصلاح شركات القطاع العام إلى القيام بمراجعة جوهرية ومتوازنة لمكونات هذا القطاع المهم وفق مبادئ الحوكمة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، مع التركيز على الدور المحوري الذي ستقوم به الوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة.

وبحسب مسؤولين حكوميين، فإن هذا الإصلاح يطمح إلى المساهمة في تسريع الانتقال إلى نموذج تنموي جديد من خلال دعم الثقة والمسؤولية اللتين من شأنهما تيسير الانسجام والتكامل بين فاعلي القطاع العام وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص وباقي مكونات المجتمع.

وتم إعداد مشروع القانون بهدف إعادة هيكلتها وتموقعها في أفق تعزيز مساهمتها الفعالة في خطط الإصلاح، التي أعطى انطلاقتها الملك محمد السادس خصوصا الخطة الطموحة للإنعاش الاقتصادي وتعميم التغطية الاجتماعية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: