الجالية المغربية تدعو إلى تفعيل وثيقة النموذج التنموي الجديد في المستقبل القريب
نورالدين النايم
دعا مغاربة العالم، المشاركون في اللقاء الذي نظمته قناة “أواصر تيفي”، التابعة لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، مساء الجمعة، إلى تفعيل مضامين وثيقة النموذج التنموي الجديد في المستقبل القريب، من خلال تحويلها إلى سياسات عمومية بناءة تعود بالنفع على الوطن ككل.
وقال هلال تاركو الحليمي، وهو محام مقيم بإسبانيا، إن “الإنسان يعد محور أي سياسة كيفما كانت طبيعتها؛ ومن ثمّ لا يمكن إدارة النموذج التنموي بدون استحضار المغاربة أينما وجدوا، بمن في ذلك الجالية التي ينبغي أن تكون ممثلة في المؤسسات والهيئات العمومية”.
وأضاف الحليمي أن “الاهتمام بالكفاءات المغربية القاطنة بالمهجر مسألة أساسية، بل يجب الاستثمار في طاقاتها وقدراتها الإبداعية”، مشيرا إلى “أهمية مغاربة العالم في رسم السياسات العمومية والمسار الديمقراطي للوطن”.
وتابع المتحدث ذاته قائلا إن “مغاربة العالم يجب أن يصبحوا شريكا رسميا في صياغة البرامج والسياسات الموجهة لهذه الفئة، خاصة ما يتعلق بالاستثمار، من خلال تسهيل المساطر القانونية والمالية، عوض تنمية الإحساس باللاأمان لأنه يقتل المبادرة والإبداع”.
كما دعا إلى تنزيل مختلف التوصيات الواردة في تقرير “نموذج التنمية”، عوض الاقتصار على عقد اللقاءات والندوات الصحافية فقط، لأن الأساسي في العملية هو الحصيلة الميدانية في نهاية المطاف، مشيرا إلى أهمية تعزيز الروابط متعددة الأبعاد مع الجالية.
من جانبها، لفتت مريم المزوق، وهي باحثة اجتماعية مقيمة بالسويد، الانتباه إلى أن مغاربة هذه الدولة الإسكندنافية يفتخرون بالتوصيات الخاصة بمغاربة العالم في تقرير النموذج التنموي الجديد، مشيرة إلى أن بصمة الجالية حاضرة بشكل بارز في كل المجالات التي تم الحديث عنها.
واستطردت المزوق قائلة إن “التحديات الراهنة تفرض إعداد نسخة جديدة من السياسات العمومية التي ينبغي أن تتناسب مع مغرب 2035، حتى يواصل البلد مساره التنموي المتصاعد بالمقارنة مع بلدان الجوار”، مضيفة أن “الكل يفتخر بالمجهودات التي يبذلها المغرب لتحسين مستوى العيش”.
وأوردت الفاعلة الجمعوية أن “التقرير يجسد ثورة ثقافية وصناعية واجتماعية جديدة، من شأن مخرجاتها أن تساير التطورات العالمية في تلك الميادين”، داعية إلى تفعيل مبدأ المشاركة السياسية لمغاربة المهجر مثلما نص على ذلك دستور 2011.
أما قاسم أشهبون، وهو كاتب مغربي مقيم بهولندا، فأوضح أن “الحضور المشرف لمغاربة العالم ضمن أعضاء صياغة التقرير يحمل دلالات مهمة بخصوص الاعتناء الملكي بهذه الفئة، التي مثلها تسعة أشخاص في اللجنة، أي بنسبة 25 بالمائة، وهي مسألة تثلج الصدر”.
واسترسل أشهبون قائلا: “ينبغي الانتباه إلى أهمية الكفاءات التي يزخر بها نسيج مغاربة العالم، باعتبارهم رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب، لكن الدولة مطالبة بتسهيل المساطر الإدارية والقانونية فيما يتعلق بالاستثمار، إلى جانب إشراك هذه الشريحة المجتمعية في مجالس الحكامة التي نص عليها الدستور”.
وتابع المتدخل أن “الجالية المغربية المقيمة بالخارج قامت بعملية تضامنية لا مثيل لها إبان الجائحة، بخلاف بقية الجاليات العربية، ويتمثل ذلك في حجم الأموال القياسية التي تم تحويلها إلى المغرب، دون ذكر الخبرات والتجارب المجمدة التي ينتظرون تفعيلها للنهوض بالوطن”.
وخلص المتحدث إلى أن “تقرير لجنة النموذج التنموي الجديد يعتبر ثاني أهم وثيقة تؤسس لمغرب القرن الواحد والعشرين بعد الدستور، لكنه ليس بالعصا السحرية الكفيلة بنقل المغرب من بلد في طريقه للنمو إلى دولة متقدمة، بل ينبغي ترجمة مضامينه على أرض الواقع، من خلال التزام الحكومات والمجالس التشريعية المقبلة بتنزيل توصياته على الميدان”.
فيما قالت فتيحة إسداو، وهي فاعلة جمعوية تقيم بإيطاليا، إن “المغرب خطا خطوات مهمة على مستوى تطوير البنيات التحتية، لكن هناك فارقا شاسعا بين النمو الاقتصادي والوضعية الاجتماعية التي ما زالت ناقصة، مما يتطلب العمل على إدماج الشباب في البنية الاقتصادية الوطنية”.
وأضافت إسداو أن “الدولة لم تكن تتواصل بالشكل الكافي مع مغاربة الخارج خلال الفترة السابقة، وهو ما انعكس على الجيل الحالي من الشباب المزداد بالخارج، حيث لا يتابع أخبار بلده بشكل مستمر، بما في ذلك وثيقة النموذج التنموي التي لم يطلع عليها بنسبة مائة بالمائة”.