إيقاف معارض جزائري بتهمة “تهديد الوحدة الوطنية”

بليدي

أثار قرار إحالة المنسق الوطني للحركة الديمقراطية الاجتماعية فتحي غراس، على السجن المؤقت، في انتظار محاكمته بعدة تهم وصفها المحامي والناشط الحقوقي طارق مراح بـ”الجنحية”، مخاوف لدى الطبقة السياسية من تهديد مستمر للحريات السياسية في البلاد.

وكانت محكمة باب الوادي بالعاصمة، قد قررت إحالة فتحي غراس، على السجن المؤقت، بعدما وجهت له عدة تهم تتعلق بالإساءة لرئيس الجمهورية والمنشورات المهددة للسلامة والوحدة الوطنية، وذلك بعدما تم توقيفه وتفتيش بيته من طرف عناصر أمنية.

ويعتبر غراس، منسق الحزب المنتمي للتيار اليساري، واحدا من ناشطي المعارضة، ووجها من وجوه الحراك الشعبي المناهض للسلطة، الذي يحمل أفكارا راديكالية تقطع كل الصلات مع السلطة، ويرفض أي حل وسط للأزمة معها.

وأدانت جبهة القوى الاشتراكية المعارضة، سجن الناشط المذكور، ووصفت ذلك في بيان لها بـ”الممارسات التي من شأنها أن تسلب الحريات وتهضم الحقوق المدنية والسياسية للجزائريين”.

كما فاجأ رئيس حركة مجتمع السلم الإخوانية (حمس) عبدالرزاق مقري، المتابعين بتغريدة على حسابه الخاص في تويتر، ذكر فيها بأن “الحريات لا تتجزأ والخلاف الأيديولوجي أو السياسي لا يمكن أن يكون عاملا للكيل بمكيالين، ولذلك فإن حمس تندد بسجن فتحي غراس وتدعو لإطلاق سراحه”.

وجاء موقف حمس، في أعقاب تطورات مفاجئة في توجهاتها السياسية الأخيرة، بعدما قررت عدم المشاركة في الحكومة الجديدة المنتظر الإعلان عنها خلال الأيام القليلة القادمة، وتوجهها للتخندق في صفوف المعارضة، بعد تأكدها من أن السلطة لا تريد لها أن تكون شريكا في الحكم بل في الحكومة فقط.

محكمة باب الوادي قررت إحالة فتحي غراس على السجن بعدما وجهت له تهم تتعلق بالإساءة لرئيس الجمهورية وغيرها

واعتبر بيان جبهة القوى الاشتراكية، التي قاطعت الانتخابات التشريعية التي جرت في يونيو الماضي بأن “إيداع فتحي غراس الأمين العام للحركة الديمقراطية والاجتماعية الحبس المؤقت، هو إصرار على تجريم العمل السياسي، ومن شأنه أن يعيدنا إلى عهد الأحادية السياسية”.

وطالب الحزب بإطلاق سراح معتقلي الرأي، كما أدان ما أسماه بـ”الخطابات التي تغذي الكراهية في المجتمع وتمس بالوحدة الوطنية”، في إشارة إلى النزعة العرقية التي تبث بين إثنيات المجتمع، من قبل أطراف حولت شبكات التواصل الاجتماعي، إلى فضاء لنشر الأحقاد والكراهية.

وأعاد تجاهل السلطة للأزمة السياسية التي تتخبط فيها البلاد منذ أكثر من عامين، بعد بروز توجهاتها لتشكيل حكومة تكنوقراطية يشرف عليها رئيس وزراء خبير في قطاع المالية، مخاوف أحزاب سياسية تصر على ضرورة الذهاب إلى بلورة حل سياسي للأزمة قبل وضع استراتيجية أخرى لمعالجة الوضعين الاقتصادي والاجتماعي.

وذكر بيان جبهة القوى الاشتراكية في هذا الشأن، بأن “الإنكار الغريب للطابع السياسي للأزمة، يعد إصرارا على تكرار سيناريوهات الماضي التي فوتت على البلد أكثر من فرصة للتغيير”، في إشارة إلى مسار السلطة الذي تجاهل مطالب التغيير المرفوعة في الشارع الجزائري منذ العام 2019.

وجددت بالمناسبة دعوتها لفتح حوار شامل بين كل القوى الحية للمجتمع، في كنف الهدوء والتوافق وتحلي كافة الأطراف بروح المسؤولية، انطلاقا من الواقع الوطني والمعطيات السياسية الراهنة داخليا وخارجيا، وهو التوجه الذي تبنته حركة حمس الإخوانية، المشاركة في الانتخابات الأخيرة، وحلولها كثالث قوة سياسية في البلاد بمجموع 65 نائبا.

وجاءت بيانات المجلس الدستوري حول عدد الأصوات التي تحصلت عليها الأحزاب الفائزة في الانتخابات المذكورة، لتكرس أزمة شرعية شعبية حقيقية، على اعتبار أن عدد الأصوات الصحيحة المعبر عنها في الاستحقاق لا تتعدى سقف المليون صوت من مجموع أكثر من 24 مليون مسجل على اللوائح الانتخابية.

وسجلت الأرقام صدمة قوية لدى المتابعين، كون البيانات المذكورة تعبر عن أقلية أفرزت البرلمان الجديد، بينما تبقى غالبية الجزائريين خاصة في منطقة القبائل تعبر عن رفضها لمسار السلطة السياسي، ولو أن ما يعرف بـ”الأغلبية الصامتة”، لا يمكن إدراجها في خانة المقاطعين، لكنها ليست من الداعمين للمسار المذكور بكل تأكيد.

وحسب بيانات المجلس الدستوري، فإن صاحب الأغلبية البسيطة حزب جبهة التحرير الوطني، لم يحصل إلا على نحو على 278 ألف صوت حاز بها على 98 مقعدا، أما حركة مجتمع السلم فقد حصلت على حوالي 208 آلاف صوت، مكنها من 65 مقعدا، بينما حصل التجمع الوطني الديمقراطي على أقل من 200 ألف صوت حاز بها على 58 مقعدا، وتليه جبهة المستقبل بحوالي 154 صوتا مكنها من الحصول على 48 مقعدا، وأخيرا حركة البناء الوطني التي حصلت على نحو 106 آلاف صوت أهلّها للحصول على 39 مقعدا.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: