المغرب: ناقوس انذار حول احتمال انتكاسة وبائية جديدة وثلث المواطنين استفادوا من التطعيم

حنان الفاتحي

عادت حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في المغرب إلى الارتفاع بعد تسجيل 776 إصابة جديدة مساء أول أمس الأربعاء، مقابل 517 حالة شفاء، وأربع وفيات خلال 24 ساعة. ما حدا بوزارة الصحة المغربية إلى دق ناقوس الإنذار، ودعت المواطنين إلى الاستمرار في الالتزام بالإجراءات الوقائية المعتمدة، محذّرة من احتمال العودة إلى تشديد القيود الاحترازية.
وقال وزير الصحة خالد آيت طالب، الأربعاء، في تصريح للصحافة: “إننا نحث المواطنين على الامتثال للإجراءات الاحترازية التي تظل مهمة”، محذراً من “أننا سنكون مضطرين، إذا لزم الأمر، إلى تشديد القيود رغم ما لذلك من تأثير سلبي على العديد من القطاعات”.
وتابع أنه “خلال رصدنا لتطور الوضع الوبائي في اليومين الماضيين، تمكنا من ملاحظة زيادة متسارعة في حالات الإصابة مقارنة بالمنحى المسجل على مدى الأشهر الماضية”.
ونقلت عنه وكالة الأنباء المغربية قوله إنه بفضل التوجيهات الاستباقية للعاهل محمد السادس وبفضل حسن تدبير الجائحة، حققت المملكة “نتائج مهمة على صعيد مراقبة الوضع الوبائي والتحكم فيه”.
وأكد الوزير أنه جرى إحراز تقدم كبير في مجال التطعيم، ما مكن من تطعيم نحو ثلث الساكنة المستهدفة، معتبراً أن “هذه النتائج غاية في الأهمية، وجب تثمينها، في إطار احترام التدابير الوقائية التي بدونها قد نعود خطوات إلى الوراء”.

وزارة الصحة تحذر من انتكاسة وبائية

ودعا بيان لوزارة الصحة المغربية المواطنين إلى ضرورة الحيطة من أجل تجنب أي انتكاسة وبائية “قد تعيدنا إلى نقطة الصفر”، خاصة بعد الرفع التدريجي لتدابير الحجر الصحي المرتبط بوباء كوفيد-19.
وأكدت أنه لتفادي تدهور الوضعية الوبائية بالبلاد، لا سيما في ظل ظهور متحورات جديدة للفيروس تتميز بسرعة الانتشار وانتقال العدوى، فإنها تدعو عموم المواطنات والمواطنين إلى ضرورة الحيطة والالتزام الشديد بالتدابير الوقائية من ارتداء للكمامة بشكل سليم، واحترام التباعد الجسدي، وتجنب التجمعات غير الضرورية والحرص على النظافة العامة.
وأشار المصدر ذاته إلى أنه سُجّل خلال اليومين الأخيرين، ارتفاعٌ ملحوظٌ في عدد حالات الإصابة الجديدة بفيروس كورونا المستجد، وكذا عدد الحالات الحرجة وعدد الوفيات، “وذلك بسبب حالات التراخي الملحوظ وعدم الالتزام بالإجراءات والتدابير الحاجزية، خاصة بعد الرفع التدريجي لتدابير الحجر الصحي الليلي وبداية العطلة الصيفية وفتح الحدود”.
في هذا الصدد، يضيف البيان، نبهت وزارة الصحة إلى أن الرفع التدريجي لإجراءات الحجر الصحي لا يعني انتهاء جائحة كوفيد-19 وعودة الحياة إلى مجراها الطبيعي، “بل يستلزم ذلك انخراط الجميع في مواجهة هذه الجائحة بكل مسؤولية وروح وطنية للخروج ببلادنا إلى بر الأمان، في أفق تحقيق المناعة الجماعية، وتثمين المكتسبات المحققة إلى يومنا هذا، خاصة بعد تحقيق الحملة الوطنية للتطعيم نتائج مهمة، حيث منح اللقاح لحوالي ثلث الساكنة المغربية”.

تسجيل مؤشرات مقلقة

ضمن سياق متصل، أكد منسق “مركز طوارئ الصحة العامة” في وزارة الصحة، معاذ المرابط، تسجيل مؤشرات مقلقة تنبئ بانتكاسة وبائية “محتملة جداً”، في ظل انعدام احترام الإجراءات الوقائية والتدابير الحاجزية الضرورية لمكافحة انتشار الفيروس.
وأضاف قائلاً إن ما يبعث على القلق أكثر هو أن هذه المؤشرات تأتي في ظرفية دولية تتسم بانتشار واسع النطاق لمتحور “دلتا” على المستوى العالمي، وتزامناً مع انطلاق الموسم الصيفي واستئناف الرحلات الجوية التي ستسمح بدخول مواطنين أو سياح من مختلف البلدان، مع ما يترتب عن ذلك من ارتفاع في وتيرة التنقلات والأنشطة.
وأوضح أنه جرى رصد ثلاثة مؤشرات رئيسية، منبهة لاحتمال حدوث موجة جديدة للإصابة بالفيروس في المغرب، ويتعلق الأمر بنسبة إيجابية الفحوص الآخذة في الارتفاع (مدى انتشار الفيروس مجدداً) وسرعة الانتشار (معدل الإصابة خلال 24 ساعة) وتسارع مؤشر توالد الحالات.
وسجل أن الفيروس ينتشر أكثر فأكثر، وأن الحالات الخطرة والحرجة ترتفع تلقائياً بارتفاع عدد حالات الإصابة، مشيراً إلى أنه خلال الأسابيع الماضية كان عدد الأشخاص الذين يغادرون أقسام الإنعاش والعناية المركزة بعد تحسن وضعهم السريري أكثر من عدد من يلجأون إليها، في حين تغير هذا المنحى حالياً وأصبح عدد من يتم نقلهم إلى هذه الأقسام يفوق عدد المغادرين.
وشدد على أهمية التقيد بالتدابير الوقائية والحاجزية من ارتداء الكمامة بشكل سليم، واحترام التباعد الجسدي، وتجنب التجمعات غير الضرورية والحرص على النظافة العامة باعتبارها السبيل الأنجع لمحاصرة انتشار الفيروس وتلافي العودة إلى التدابير المشددة من قبيل الحجر الصحي وحظر التنقلات في حال تدهور الحالة الوبائية.

تراجع الوفيات

وبخصوص سير حملة التطعيم، أفاد المسؤول بأنها مكنت، حتى الآن، من تطعيم ثلث الساكنة المستهدفة التي يفوق سنها 17 سنة، مؤكداً أن المعطيات الميدانية المتوفرة تظهر فعالية اللقاح، مشيراً على سبيل المثال، إلى انخفاض مؤشر عدد الوفيات لكل مائة حالة جديدة والذي يقل عن معدل الفتك الذي يبلغ 1,8 في المئة.
وإلى حدود الأربعاء، تلقى 9 ملايين و993 ألفاً و673 شخصاً الجرعة الأولى من اللقاح المضاد لكوفيد 19، فيما بلغ عدد المستفيدين من الجرعة الثانية 9 ملايين و116 ألفاً و132 شخصاً.
في السياق نفسه، أشاد حزب “التقدم والاشتراكية” المغربي المعارض بالنجاح البَيِّن لحملة التطعيم ضد فيروس كوفيد 19 في المغرب، معرباً عن أمله في أن تتوفر الشروط لمواصلة هذه الحملة في أحسن الظروف.
وفي بيان صادر بعد اجتماع مكتبه السياسي الأربعاء، جدد الحزب مناشدته جميع المواطنات والمواطنين من أجل مزيد من الحذر، والتقيد بالقواعد الصحية الاحترازية المعمول بها، بهدف تحصين مكتسبات البلاد في معركتها ضد الجائحة، والحفاظ على المنحى الإيجابي والتصاعدي الذي تتخذه استعادة الحياة الطبيعية.
وأضاف البيان أنه بالنظر إلى الانتكاسة الوبائية التي تشهدها عدد من البلدان، وانتشار سلالات متحورة للفيروس، فإن المكتب السياسي لحزب “التقدم والاشتراكية” يدعو إلى التفكير المَلِيِّ في الإجراءات الكفيلة بعدم تكرار ما حدث خلال عيد الأضحى في السنة الماضية، تفادياً لأي تراجعاتٍ مُحتملة بالنسبة للمؤشرات المستقرة الحالية للوضع الصحي في المغرب.

شهادات صادمة

وكشف موقع “اليوم 24” عن جوانب من معاناة المهاجرين المغاربة المقيمين في الخليج الذين زاروا المغرب أخيراً. فتحت عنوان “شهادة صادمة”، قالت إن مواطنة مغربية آتية من الكويت، لخصت معاناة “مغاربة الخليج” مع إجراءات الحجر الصحي الفندقي التي فرضتها عليهم السلطات المعنية.
وأوضحت أنه لولا رغبتها في رؤية والديها وإخوتها ما جاءت إلى المغرب، قائلة إنها كانت تفضل أن تستقدمهم عندها في مقر إقامتها عوض تلك المعاناة والاحتقار والمرارة.
وفي تسجيل صوتي بثه الإعلامي مصطفى العسري، في قناته الخاصة على “اليوتيوب”، كشفت أن المهاجرين المغاربة القادمين من الخليج، تعرضوا لمعاملة قاسية، وتحملوا مشاق ومعاناة كبيرة.
وهي تحكي الطريقة التي جرى بها تدبير السلطات ولوج الجالية المغربية المقيمة في الخليج إلى فنادق الحجر الصحي، قالت المواطنة المغربية المتضررة إنهم ظلوا “محتجزين” في المطار لمدة ناهزت الساعتين، وهم ينتظرون الحافلات التي تنقلهم إلى فنادق الحجر الصحي، إلا أن الطامة الكبرى هو حين تفاجأوا بعدم حمل المكلفين بتنظيم رحلتهم للفندق من المسؤولين، جوازات سفرهم، مما أدى إلى وقوع فوضى عارمة اضطرتهم إلى الوقوف ساعات أخرى وسط المدينة، وهو الأمر الذي استدعى حضور أعوان السلطة، قبل أن يتم إجبارهم ـ تضيف المغربية المقيمة بالكويت ـ على عدم النزول من الحافلات، وإحضار جوازات السفر للمعنيين بالرحلة، مؤكدة أنه لا يمكن الولوج إلى فنادق الحجر الصحي من دون الأوراق الثبوتية للمهاجرين المغاربة.
واستمرت في الشكوى بقولها: “بلادنا ذلاتنا، والله محنو فينا” (بلادنا أذلتنا، وقسوا علينا فيها) قبل أن تتحسر عن المعاملة الطيبة التي تقابل بها دولة الكويت أبناء الجالية المغربية المقيمة على أراضيها، ابتداء من المطار وإلى حين وصولهم سالمين إلى مقرات إقامتهم.
الشهادة الصادمة لهذه المغربية المهاجرة، تتحدث عن تعرض جالية الخليج بالمطار لصنوف من المعاملة السيئة التي لم ينعموا معها بمساعدة من أحد في المطار، قبل أن تعرج المغربية أثناء صرختها، على معاناة بعض من الخليجيين أنفسهم من كبار السن، الذين تجشموا عناء السفر والانتظار أيضاً.
صرخة هذه المغربية المقيمة في الكويت، كشفت أيضاً معاناة من نوع آخر، حين أجبرها المسؤولون على تقديم وثيقة تثبت حجزها لأولادها أيضاً في الفندق نفسه لقضاء الحجر الصحي، قبل أن تُفاجأ وهي تصل المغرب، أن أبناءها ممنوعون من البقاء إلى جانبها.
وختمت صرختها بالتأكيد على ما وصفته بـ”استمرار عدم التقيد بالإجراءات الاحترازية” ومن ضمنها “غياب أدوات التعقيم بالمطار، وعدم ارتداء الكمامات من طرف المسؤولين”.

المستجدات الوبائية

على صعيد مستجدات الحالة الوبائية في المغرب، رفعت الحصيلة الجديدة للإصابات بالفيروس (أي 776) العدد الإجمالي لحالات الإصابة المؤكدة إلى 531 ألفاً و361 حالة منذ الإعلان عن أول حالة في 2 آذار/مارس 2020، فيما بلغ مجموع حالات الشفاء التام 517 ألفاً و576 حالة، بينما ارتفع عدد الوفيات إلى 9296 حالة. ووصل مجموع الحالات النشطة إلى 4489 حالة.
وبلغ عدد الحالات الخطيرة أو الحرجة الجديدة بأقسام الإنعاش والعناية المركزة المسجلة خلال 24 ساعة، 34 حالة، ليصل العدد الإجمالي لهذه الحالات إلى 241. أما معدل ملء أسرة الإنعاش المخصصة لـ(كوفيد-19)، فبلغ 7,6 في المئة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: