حزب العدالة والتنمية يواجه شبح العودة إلى المعارضة في المغرب

Belbazi

تتأهب الأحزاب السياسية في المغرب لخوض الانتخابات التشريعية المقرر تنظيمها في سبتمبر المقبل، وسط تصاعد التكهنات بشأن عودة حزب العدالة والتنمية إلى المعارضة في ظل صعود نجم حزب “التجمع الوطني للأحرار” المشارك في الائتلاف الحاكم.

ويرجع تأسيس حزب التجمع إلى قبل نحو 42 عاما، ويأتي صعود نجمه مؤخرا بعد فشل حزب “الأصالة والمعاصرة” في الإطاحة بالعدالة والتنمية خلال الانتخابات البرلمانية عام 2016، ويراهن حزب التجمع على قيادة الحكومة المقبلة، بدعم من رجال الأعمال.

وأُجريت آخر انتخابات تشريعية في المغرب عام 2016 حيث حل فيها “العدالة والتنمية” بالمركز الأول (125 مقعدا في البرلمان من أصل 395)، فيما حل “الأصالة والمعاصرة” ثانيا (102 مقعد)، و”الاستقلال” (معارض) ثالثا (46 مقعدا)، ليحل “التجمع الوطني للأحرار” رابعا (37 مقعدا).

و”التجمع الوطني للأحرار” أسسه في أكتوبر 1978 أحمد عصمان رئيس الوزراء السابق (1972 – 1979)، وصهر الملك الراحل الحسن الثاني (1961 – 1999).

ويوصف الحزب بأنه يميني وسطي، وممثل “للنخبة”، لأن جل كوادره أعيان أو رجال أعمال أو كوادر إدارية.

بلال التليدي: هناك مؤشرات عديدة تؤكد وجود رغبة في التغيير

ولئن كان الحزب قد عوض “الأصالة والمعاصرة” أكبر حزب معارض في المملكة، غداة الانتخابات التشريعية في حلبة الصراع للوصول إلى رئاسة الحكومة، فإن الآراء تتباين حول مدى إمكانية الرهان عليه للإطاحة بالإسلاميين بعد قيادتهم الحكومة لولايتين متتاليتين.

ويرى بلال التليدي المحلل السياسي المغربي أن “هناك مؤشرات عديدة تؤكد وجود رغبة في التغيير، أي أن هناك رغبة في بروز حزب سياسي آخر غير حزب العدالة والتنمية”.

وأضاف “تفسير هذه الرغبة قد يجد مستنده في الرهانات الكبرى التي سيدخل عليها المغرب، وربما بعض الجهات تقدر أن حزب العدالة والتنمية لا يتناسب مع تلك الرهانات”.

وأردف “أول تلك المؤشرات هو تغيير القاسم الانتخابي (صيغة جديدة في احتساب الأصوات)، وثانيها الحركية التي سبقت بكثير موعد الحملة الانتخابية”، مستدركا “وبشكل خاص عملية الترحال السياسي (تغيير الانتماء السياسي) التي تجاوزت كل الحدود، وكما لو أن هناك موسم هجرة منظمة إلى حزب التجمع الوطني للأحرار”.

في المقابل، يؤكد الأكاديمي المغربي مصطفى اليحياوي أنه “حينما نتحدث عن انتخابات 2021، نتحدث عما تم حتى هذه اللحظة من استعداد وتحضير من طرف الأحزاب”.

وأضاف أستاذ الجغرافيا السياسية وتقييم السياسات العمومية بجامعة “الحسن الثاني” (حكومية)، “بمعنى أننا نعيش دينامية تظهر فيها أحزاب مستعدة أكثر للانتخابات، وهناك أخرى غير مستعدة بعد”.

وتابع “قراءتنا للانتخابات سيعاد فيها النظر، لأنه لأول مرة في تاريخ المغرب ستجرى الانتخابات البرلمانية والمحلية في نفس اليوم”.

وتساءل “من أكثر استعدادا للاستفادة من ظروف تنظيم انتخابات 2021؟ هناك منحى تصاعدي لأصوات الناخبين غير المسيسين (لا يهتمون بالسياسية) بداية منذ 2002”.

مصطفى السحيمي: اليوم بات الحزب معزولا وفقد عمليا أغلبيته السياسية

ولفت إلى أن “هناك اهتماما كبيرا بالمرشحين الأعيان في انتخابات 2021، كما أن التجمع الوطني للأحرار باستطاعته الاستفادة من أصوات الناخبين غير المسيسين، والمرتبطين بالأعيان”.

وأوضح أن “الأعيان أصبحوا يتحالفون في ما بينهم، ويوزعون الأدوار داخل الدوائر الانتخابية، والحزب الوحيد الذي يستحضر هذه المتغيرات هو التجمع الوطني للأحرار”.

وذكر اليحياوي أن “القدرة التنظيمية، وإمكانية التعبئة الانتخابية التي يتوفر عليها الحزب القائد للائتلاف الحكومي، لن يستفيد منهما بسبب القاسم الانتخابي (صيغة جديدة في احتساب الأصوات)”.

ولفت إلى أن عددا من المواطنين تضرروا جراء تداعيات كورونا، وهو ما يمكن أن يؤثر على الحزب، متوقعا أن “نسبة خسارة العدالة والتنمية في انتخابات 2021 ستكون ما بين 26 و33 مقعدا برلمانيا، بالمقارنة مع ما حصل في انتخابات 2016 (125 مقعدا من أصل 395)”.

وتابع “نظريا من خلال تحليل السلوك الانتخابي، لا يمكن أن يتجاوز عدد مقاعد العدالة والتنمية 90 أو 91 مقعدا، بينما الحزب الأول لن يتجاوز عدد مقاعده 108 بالنظر للموانع التنظيمية”.

وفي 6 مارس الماضي أقر مجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان) مشروع القانون التنظيمي للمجلس، الذي نص على تعديل طريقة حساب “القاسم الانتخابي” الذي يتم على أساسه توزيع المقاعد البرلمانية وبالمجالس البلدية، بعد الاقتراع.

ووفق خبراء، سيكون للقاسم الانتخابي تأثير مقيد على مقاعد الأحزاب الكبرى، وفي مقدمتها “العدالة والتنمية”، خصوصا بالمدن ذات الكثافة السكانية الكبيرة على غرار الدار البيضاء والرباط وطنجة وفاس ومكناس ومراكش، التي توفر لها عدد وفير من المقاعد.

مصطفى اليحياوي: نعيش دينامية تظهر فيها أحزاب مستعدة أكثر للانتخابات، وهناك أخرى غير مستعدة بعد

ووفق التعديل الجديد، ستتم قسمة مجموع الناخبين المسجلين على عدد المقاعد بدلا من قسمة عدد الأصوات الصحيحة، وما يدعم أيضا خسارة الأحزاب الكبرى للمزيد من المقاعد هو إلغاء العتبة (الحد الأدنى من الأصوات المحصلة في الانتخابات).

ويرى خبراء أن “الحزب لا يمكن أن يتصدر الانتخابات، إلا إذا استطاع تعويض تراجعه المرتقب في المدن الكبرى، من خلال الفوز بمقاعد أخرى في الأرياف”.

ويعتقد التليدي أن “المناطق التي ستحدد مصير الاستحقاقات الانتخابية، هي أقاليم الصحراء ومناطق العالم القروي (الأرياف) وبعض مناطق الريف المعروفة بزراعة القنب الهندي (مخدر الحشيش)”.

واستطرد “أقول إن مقاعد العدالة والتنمية ستتراجع بشكل كبير، لا باعتبار القاسم الانتخابي فقط، ولكن أيضا باعتبار بعض الضعف الذي أصابه داخليا، وأصاب أيضا خطه السياسي”.

ومؤخرا برزت خلافات داخلية اتضحت في إعلان عبد الإله بن كيران، وهو أحد مؤسسي الحزب، قبل أسبوعين تجميد عضويته احتجاجا على تبني الحكومة مشروع قانون لتقنين زراعة القنب الهندي لاستعمالات طبية وصناعية، لكنه رأى فيه “مجرد شرعنة للمخدرات”.

ويقول المحلل السياسي مصطفى السحيمي “اليوم بات الحزب معزولا وفقد عمليا أغلبيته السياسية”. وفي 28 مارس 2018 نفى عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري المغربي وأمين عام حزب “التجمع الوطني للأحرار”، أن “يكون حزبه قد جاء لمواجهة العدالة والتنمية”.

وقال أخنوش في تصريح للقناة الثانية المغربية (حكومية) “نحن لم نأت لكسر أحد (في إشارة إلى العدالة والتنمية)، ولدى حزبنا تراكم وتاريخ سياسي وكفاءات، ولن نلعب إلا الدور الذي يناسب كفاءتنا”. ولفت إلى أن حزبه “لم يأت لكي يقوم بدور حزب الأصالة والمعاصرة”، في إشارة إلى تصريحات لبعض قادة الحزب المعارض، أعلنوا فيها أنهم جاؤوا لمواجهة “العدالة والتنمية”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: