الأحزاب المغربية تستنكر تصريحات لمحافظ البنك المركزي انتقدت أداءها

ماموني

لم تستسغ الأحزاب المغربية تصريحات محافظ بنك المغرب (البنك المركزي) عبداللطيف الجواهري الأخيرة، بعدما حمل التنظيمات السياسية مسؤولية فقدان المواطنين الثقة في السياسيين ومسؤولي المؤسسات العمومية.

وأكدت مصادر مطلعة أن “هناك مشاورات داخل الأحزاب السياسية للاتفاق على طريقة الردّ على تصريحات محافظ بنك المغرب، والتي وصفت بالمسيئة واعتبرتها تدخلا في شأن حزبي سياسي لا يجب أن يأتي من مسؤول دولة الذي يجب عليه الالتزام بواجب التحفظ وعدم التعميم”.

وأكدت تلك المصادر أن “القيادات الحزبية اعتبرت تصريحات الجواهري تشويشا سياسيا قبيل الاستحقاقات الانتخابية”.

وأبدى حزب التجمع الوطني للأحرار الجمعة، استغرابه من سياق ما أسماه بالتصريحات الغريبة التي أدلى بها محافظ بنك المغرب، معبرا عن استنكاره لما وصفه بـ”التصريحات المسيئة للأحزاب وللعمل السياسي”، ومنددا بما قال إنه “انحراف غير مبرر في سلوك رئيس هذه المؤسسة العريقة”.

وكان محافظ بنك المغرب قد هاجم الأحزاب الثلاثاء في ندوة صحافية، مشددا على أنها سبب في عزوف المغاربة عن الانتخابات.

واعتبر الجواهري أن المغاربة لم يعودوا يثقون في الأحزاب السياسية، وفي كل من ينتمي إلى القطاع العام.

وواصل المسؤول انتقاده للأحزاب، حيث قال إنه يصاب بالذهول عندما يقول حزب ما إنه سيقوم بإصلاحات في ظرف 5 سنوات على جميع القطاعات، مضيفا أن هذه الوعود ستصدم بالإمكانيات الموجودة.

وفي تقديره فإن مشكلة العزوف تبين أن الناس “لم تعد تثق في هذه الأحزاب، وأن كل من يحتاج إلى أمر معين يتجه إلى عاهل البلاد الملك محمد السادس”، وهو ما رآه غير مقبول.

حمزة الأندلسي بن إبراهيم: هناك إجماع على ضعف مستوى الأحزاب في الساحة السياسية

وبين الجواهري أن الثقة عنصر مركزي في بناء الاقتصاد، مبرزا أن هذه الثقة تبنى على “الأمن والاستقرار وهما متوفران في بلادنا، وأنتم تتابعون ما يدور بنا”.

وذهب حزب التجمع الوطني للأحرار في الحكومة بعيدا بمطالبته بـ”صيانة هذه المؤسسات من مثل هذه الانزلاقات التي لا تخدم أي طرف بل تزرع التشكيك في عمل الهيئات السياسية وقدرتها على أداء مهامها كاملة”.

واعتبر الحزب أن تصريحات محافظ بنك المغرب “ستقوي العزوف الانتخابي وتداعياته السلبية على الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، لاسيما أن الأمر يتعلق بمنصب محافظ بنك المغرب وبمؤسسته، التي تتمتع بالكثير من المصداقية بفضل ابتعادها عن الخوض في ما لا يدخل في صميم اختصاصاتها، لاسيما القضايا ذات الطبيعة السياسية”.

من جهته وصف نجيب بوليف الوزير السابق والقيادي في حزب العدالة والتنمية، ما قاله محافظ بنك المغرب بـ”كلام سيء جدا من طرف تكنوقراط من المفروض فيهم احترام أنفسهم أولا، ومهامهم المسندة إليهم ثانيا، والاقتصار على تنفيذ ذلك”.

وتعليقا على ردود أفعال بعض الأحزاب السياسية واعتبار تلك الانتقادات إخلالا بواجب التحفظ، أكد الباحث في القانون العام والعلوم السياسية حمزة الأندلسي بن إبراهيم أن “الرد الحقيقي هو إثبات العكس، أي بتقديم برامج واقعية تتماشى مع متطلبات المرحلة وترفع أفق المغرب التنموي الجديد في 2035 وترشيح الكفاءات الصادقة والنزيهة ذات نهج سير عالية الخبرة”.

وأوضح الباحث المغربي ، أن “التحفظ يكون واجبا في الملفات وليس في تقديم رأي حول المشهد السياسي لأن الأحزاب في حاجة إلى صوت المواطنين يوم الاقتراع”.

وعلق “محافظ البنك المركزي هو مواطن مغربي من حقه المشاركة في التصويت واختيار المرشح المؤهل لتمثيله في البرلمان والجهة والجماعة”.

وتابع “قبل أن يكون مسؤولا ساميا فهو مواطن مغربي له الحق في التعبير عن أفكاره على غرار كافة المواطنين المغاربة وهو حق مكفول للجميع بموجب الدستور والاتفاقيات الدولية والنصوص القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل”.

وفي رأيه ما قاله الجواهري، يقوله كل المغاربة بأساليب مختلفة، حيث هناك إجماع على ضعف مستوى الأحزاب في الساحة السياسية من حيث تأطير المواطنين وكذا على مستوى تدبير الشأن العام الوطني والمحلي.

ويستعدّ المغرب لإجراء انتخابات تشريعية في سبتمبر المقبل، بينما تشتد المنافسة على تصدر نتائج الانتخابات المقبلة بين العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار بقيادة وزير الفلاحة عزيز أخنوش. كما يبرز في المشهد السياسي، كقوة انتخابية، كلّ من حزب الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال (معارضان).

وتتوجس الأحزاب من نتائج لا تتسق وطموحاتها الانتخابية في ظل توسع الانتقادات لأدائها.

ومن وجهة نظر حميد جماهري عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، فإن “الرد على محافظ بنك المغرب، لن يخفي حقيقة ساطعة عنوانها الأبرز هو الأزمة والثقة، والتي جعل منها تقرير النموذج التنموي الجديد العنوان والشعار”.

وأضاف المسؤول الحزبي، أن “مناقشة محافظ البنك المركزي كرجل مؤسسة حكامة مالية ليس في صالحنا دوما، نحن الذين نحاول أن نبني الثقة، بما راكمه اليسار الوطني من خلال مساره الصعب، ونحاول أن نبني مشتركا قيميا، يمكن أن يثق فيه المواطن في الحزبي، ويثق الحزبي في الحزبي”.

وخلص جماهري إلى أن “الأزمة الحزبية، والتي لا ينكرها الفاعل الحزبي نفسه ويسعى إلى علاجها، ليست أزمة معلقة، معزولة أو مختبرية، بحيث إنها توجد في الخلية الحزبية المريضة وحدها، بل صارت أزمة نسقية تمس مناطق عديدة من بناء الدولة وغرفها وأسسها”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: