التزكيات الانتخابية تفرز تمرّدا داخل حزب الاستقلال المعارض في المغرب

ماموني

وجّه أعضاء من حزب الاستقلال المعارض في المغرب إنذارا إلى الأمين العام للحزب نزار بركة وإلى رئيس المجلس الوطني للحزب، احتجاجا على ما وصفوه بمخالفات ضد قانون الأحزاب وروح النظامين الداخلي والأساسي لحزبهم.

وانتقد أعضاء الحزب ما وصفوه بـ”التعسف والشطط في استعمال القانون والأنظمة المتجلية في تعطيل مهام ومؤسسات الحزب وأجهزته الوطنية والجهوية والمحلية، وتبرير ذلك بتعليلات غير موضوعية”.

وجاء في النداء الذي اتخذ شكل عريضة لكن دون توقيعات، أن “هذا النداء الجماعي موجه أيضا إلى كل من أعضاء اللجنة التنفيذية الذين يتحملون المسؤولية بصفة جماعية عن كل القرارات المخالفة لقانون الأحزاب السياسية ونظامي الحزب الأساسي والداخلي، وإلى كل الاستقلاليات والاستقلاليين الغيورين، مطالبين الجميع باستحضار المصلحة العليا للحزب في هذه الظرفية الدقيقة”.

ويشير النداء إلى أن قيادة الحزب “لم تحسن إلى حد الآن تدبير العديد من المحطات” منذ اختتام أشغال المؤتمر العام للحزب، خاصة على المستوى التنظيمي الذي عرف “إخلالات كثيرة وسيادة مبدأ الولاءات الضيقة على المصلحة العليا”.

وأكد أستاذ العلوم السياسية رشيد لزرق، أن “حزب الاستقلال شأنه شأن المشهد السياسي ككل يعاني من أزمة بنيوية، لكونه لا يزال يعيش صعوبة تكريس الخيار الديمقراطي بعدما عجز عن أن يجعل الترشيحات تنطلق من القاعدة إلى القمة وبقي رهينا للمقاربة الفوقية بمحاولة استبعاد حميد شباط، لكون حزب الاستقلال يسير بمنطق تحكم العائلات النافذة فيه”.

وأوضح لزرق، أن عودة حميد شباط واسع النفوذ انتخابيا بمدينة فاس تقلق العائلات المتنفذة والمتمكنة من الحزب والتي لا تقبل من شخص منحدر لا ينتمي إليها بقيادة فاس، مما يجعلها تحل الفروع بهدف إزاحة شباط وترشيح شخص ليس بقوة الرجل سياسيا وانتخابيا ليكون في خدمتها.

رشيد لزرق: عودة حميد شباط واسع النفوذ انتخابيا تقلق العائلات النافذة في الحزب

ويأتي هذا الخروج متزامنا مع قرار نزار بركة الأمين العام للحزب حل جميع الفروع بفاس ووضع ترشيحات “الاستقلال” بالمنطقة بيد اللجنة التنفيذية، واعتماد إجراءات تنظيمية مؤقتة تشرف عليها اللجنة التنفيذية لتدبير شؤون الحزب محليا بعد أن أعلن شباط نيته الترشح باسم “الميزان” في الاستحقاقات المقبلة، إضافة إلى الصراعات التي تفجرت بين “الاستقلاليين” بعد عودته من الخارج.

وبرّرت اللجنة التنفيذية قرار فسخ فروع الحزب بفاس، بتقهقر الحزب على مستوى التنظيمات المحلية وتوتر وصراع دائمين بين الأجهزة والقواعد، وبعد استنفاد العديد من المحاولات التي قامت بها قيادة الحزب منذ المؤتمر السابع عشر من أجل المصالحة والتي لم تنجح بفعل تعنت الأطراف المعنية.

وأعلن شباط رفضه لقرار اللجنة التنفيذية بحل جميع فروع الحزب بمدينة فاس، داعيا إلى وقف ما أسماه بـ”العبث” الذي لا يخدم سوى حزب العدالة والتنمية، بعدما كانت الفرصة مواتية لحزب الاستقلال للعودة بقوة إلى المشهد الانتخابي بالعاصمة العلمية.

وأشار بيان الأعضاء المتمردين على قيادة الحزب إلى أن غاية قيادة الحزب باتت تتلخص في البحث عن موقع انتخابي متقدم وبأي وسيلة كانت، مما خلف احتقانا داخليا في أغلب الجهات والأقاليم والمدن بات يتطلب تصحيح كل التجاوزات والأخطاء القانونية المرتكبة، مطالبين بفتح حوار مباشر موسع مع كل قواعد وأطر الحزب في إطار المؤسسات التنظيمية القانونية، وهي المجالس الجهوية والإقليمية ومجالس الفروع، وفق جدولة زمنية استعجالية قبل فوات الأوان.

ومع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية يرى مراقبون أن هذا الصراع المفتوح بين قيادة وقاعدة الحزب مع الإمعان في تهميش الوجوه الانتخابية التي قد تعطي قيمة مضافة للحزب خصوصا بفاس، من شأنه أن يؤثر سلبا على أداء التنظيم السياسي بهذه المدينة ومنحها إلى المنافسين ومنهم العدالة والتنمية.

ولهذا طلب شباط من اللجنة التنفيذية تغليب الحكمة والتبصر في معالجة مختلف القضايا المطروحة في عدة أقاليم وخصوصا في مدينة فاس، ودعا إلى وقف ما أسماه بالعبث الذي لا يخدم سوى خصوم الحزب، حيث خاطب قيادة الميزان بـ”أوقفوا العبث، وإذا كانت عندكم مشكلة مع حميد شباط اجلسوا معه، وقولوا له عندنا مشكلة معك وانتهى الأمر”.

وبعدما انتشرت أخبار عن مغادرة الحزب بعد التضييق عليه وعلى أنصاره، أكد شباط أنه ليس لديه رغبة في مغادرة الحزب أو الانشقاق، وقال إنه لا يزال في حزب الاستقلال، داعيا اللجنة التنفيذية إلى التراجع عن قرار حل فروع الحزب والذي اعتبره قرارا مرفوضا ويتناقض مع القوانين الداخلية، ومع مصلحة الحزب في الحصول على نتائج مهمة في الانتخابات القادمة.

ولفت لزرق إلى أن هذا المنطق تجسّد بشكل جلي منذ فترة ليست باليسيرة، وتمثل في عجز قيادته عن كسب ثقة المناضلين والمواطنين، والتي لم تستسغ وصول شباط للأمانة العامة، إذ تريد مرشحين ضعفاء سياسيا ليكونوا في خدمة تحالفاته، مضيفا أن الأمر يطرح مصداقية الحزب وجديته في تدبير اختلافاته بشكل مؤسساتي وبمنطق الديمقراطية والمواطنة في زمن الخيار الديمقراطي والتطلع للتنمية.

ونبّه شباط إلى وجود “قوى خارقة تتصرف في حزب الاستقلال، ولكنّ مناضلي الحزب مستعدون لتحرير حزبهم من هؤلاء الطغاة، ولا يمكن تمرير قرارات غير قانونية وتعيين أسماء دون أخرى، فنحن لسنا إدارة، احترموا القواعد ومناضلي الحزب”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: