ألمانيا تفشل في تبديد التوتر مع المغرب بدعوته إلى مؤتمر برلين حول ليبيا

ماموني

غاب المغرب الأربعاء عن مؤتمر برلين 2 بشأن ليبيا، مدفوعا إلى ذلك باستمرار الأزمة مع ألمانيا التي تقول الرباط إنها تراكم المواقف العدائية لها وهو ما جعلها ترفض المشاركة في مؤتمر برلين رغم الجهود المكثفة التي بذلتها المملكة لإحداث التقارب بين فرقاء ليبيا.

حال استمرار الأزمة مع ألمانيا دون حضور المغرب لمؤتمر برلين 2 الذي احتضنته العاصمة الألمانية الأربعاء من أجل بحث سبل تثبيت الاستقرار في ليبيا، وذلك بمشاركة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا والصين وتركيا وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي.

وبالرغم من توجيه ألمانيا للمغرب دعوة رسمية من أجل حضور مؤتمر برلين 2 وسط مراهنة من السلطة الانتقالية في ليبيا على مرافقتها من قبل الرباط للإيفاء بالتزاماتها، إلا أن المغرب لم يحضر المؤتمر وهو ما لم يثن حكومة الوحدة الوطنية الليبية برئاسة عبدالحميد الدبيبة عن تطلعها إلى دعم المملكة للمبادرات الرامية لتعميم الأمن والاستقرار في ليبيا.

ويُرجع مراقبون ومحللون مغربيون سبب غياب بلادهم عن المؤتمر الذي يستهدف دعم العملية السياسية في ليبيا إلى عدم فض الخلافات العالقة بين الرباط وبرلين.

واعتبر هشام معتضد الأكاديمي والمحلل السياسي أن “رفض المغرب كان بسبب دعوة ألمانيا للرباط للمشاركة في المؤتمر مع ترك الأزمة الثنائية القائمة بينهما جانبا إلى حين”.

وتابع معتضد أن “الرباط فطنت إلى حيلة برلين تسجيل هدف دبلوماسي على حساب المغرب”، موضحا أن هناك “محاربة لا هوادة فيها لدور المغرب الإقليمي خاصة في الشأن الليبي الذي توليه المملكة أهمية خاصة”، وذلك في إشارة إلى الجهود التي قادتها الرباط لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء حيث احتضنت العديد من جولات الحوار بينهم من أجل إنهاء حالة الانقسام التي تعصف ببلادهم منذ سنوات.

هشام معتضد: الرباط رفضت المشاركة بسبب ترك برلين الأزمة معها جانبا

ومؤخرا شدد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في اجتماع مشترك مع نظيرته الليبية نجلاء المنقوش على أن بلاده تقف إلى جانب ليبيا وليست لديها أي أجندة خاصة، مؤكدا على تفاؤله الكبير بأن الليبيين قادرون على تحقيق الاستقرار لبلدهم وأن الجارة الأفريقية تسير نحو الاتجاه الصحيح.

وتسلمت الرباط دعوة من الحكومة الألمانية، لكنها لم تستجب في ظل علاقات دبلوماسية وسياسية متوترة بين البلدين، بسبب ما “راكمته برلين من المواقف العدائية التي تنتهك المصالح العليا للمملكة”، حسب ما تقوله وزارة الخارجية المغربية.

واستدعت الرباط سفيرتها لدى برلين زهور العلوي في 6 مايو الماضي، على خلفية موقف ألمانيا “السلبي” من قضية إقليم الصحراء المغربية، ومحاولتها استبعاد المغرب من الاجتماعات المتعلقة بالملف الليبي.

وقد استغرب المغرب في العام الماضي إقصاءه من مؤتمر برلين الدولي حول ليبيا في 19 يناير 2020.

وسبق للمغرب أن رفض المشاركة في لقاء نظمته ألمانيا عبر تقنية التناظر عن بعد في أكتوبر 2020، على هامش أشغال الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، خصص لمناقشة مخرجات لقاء برلين الأول.

وأشار معتضد إلى أن “الرغبة في تقزيم مجهودات الرباط الدبلوماسية في الملف الليبي وغياب المسؤولية السياسية لدى الإدارة الألمانية في تجاوز أزمتها مع الرباط يعتبران المحورين الأساسيين في اقتناع الرباط بعدم قبولها لحضور صوري وبروتوكولي لإنجاح مؤتمر على حساب مبادئها الدبلوماسية وقيم سياساتها الخارجية”.

وتهدف محادثات برلين 2 إلى بحث سبل استقرار ليبيا ومناقشة التحضير للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في 24 ديسمبر المقبل، وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد بما يفسح المجال أمام إتمام العملية السياسية.

محادثات برلين 2 تهدف إلى بحث سبل استقرار ليبيا ومناقشة التحضير للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في 24 ديسمبر المقبل

وقال رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا خلال مؤتمر برلين الأربعاء إن “هناك مخاوف أمنية على العملية السياسية ترتكز على السيطرة المسلحة المباشرة للمرتزقة في بعض المناطق، وتواجد قوى عسكرية لها أبعاد سياسية في عدد من المناطق الليبية، ووجود لبعض العناصر الإرهابية”.

ويرى مراقبون أن المغرب كان له دور هام في حلحلة الأزمة الليبية، وهو ما يمنع تهميش دوره أو محاولة تحجيمه.

ويرى معتضد أن “السياسة الخارجية المغربية تجاه ليبيا والليبيين كانت واضحة ولا يمكن لأحد أن يؤطرها أو يقوم بتهميشها، خاصة بعد الأشواط الكبيرة التي قادها المغرب عبر قنواته الدبلوماسية وتوجت باحتضان الحوار السياسي الليبي، من اجتماعات الصخيرات إلى لقاءات بوزنيقة حول توزيع المناصب السيادية، لتوحيد المؤسسات الليبية ودعم حكومة الوحدة الوطنية وبناء ليبيا جديدة”.

وبالنسبة إلى المغرب فإنه من الضروري الالتزام بخارطة الطريق التي وضعتها تفاهمات جنيف السويسرية من خلال إجراء انتخابات عامة في ليبيا في الـ24 من ديسمبر المقبل.

وشددت الأطراف المشاركة في مؤتمر برلين 2 الأربعاء على نفس النقطة حيث حذر الدبيبة من أن “الخلاف الداخلي والمصالح يعيقان المسيرة إلى الاستحقاق المقبل”، موضحا “حكومتنا باشرت تحضير خطة أمنية شاملة لتأمين الانتخابات وتنتظر صدور قانون الانتخابات لتنفيذها”.

ولا يزال الملف الأمني يمثل الهاجس الذي يؤرق السلطة الليبية الانتقالية والمجتمع الدولي على حد السواء، حيث تعجز حكومة الوحدة برئاسة الدبيبة منذ تسلمها الحكم عن إخراج المرتزقة الذين استنجد بهما طرفا النزاع، علاوة على عدم إحراز أي تقدم يُذكر في تفكيك الميليشيات وأيضا توحيد المؤسسة العسكرية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: