إسبانيا تعجز عن استمالة الولايات المتحدة للتوسط في أزمتها مع المغرب

الماموني

أبدت وزيرة الخارجية الإسبانية أرانشا غونزاليس لايا تذمر حكومتها من الموقف الأميركي تجاه الأزمة بين بلادها والمغرب حيث شددت على دعم الاتحاد الأوروبي لموقف مدريد بينما غضت واشنطن الطرف عن الأزمة.

وقالت غونزاليس “لقد دعم الاتحاد الأوروبي إسبانيا بالكامل، لكن الولايات المتحدة كانت أبعد من ذلك بكثير، وركزت واشنطن نظرها على أمر آخر، حيث تزامنت أزمة سبتة مع أحداث غزة”.

وكانت إسبانيا تُراهن على الولايات المتحدة من أجل المساهمة في حل الأزمة الدبلوماسية الراهنة بين مدريد والرباط، لكن يبدو أنها فشلت في الضغط لاستمالة الجانب الأميركي بسبب تمشي وزيرة خارجيتها خاصة عندما أبلغت نظيرها، أنتوني بلينكن، أن قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الذي اعترف بسيادة المغرب على الصحراء، كانت له عواقب على إسبانيا.

خالد الشرقاوي: واشنطن لم تدعم مدريد بسبب تخبط سياستها الخارجية

وأكد مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية، خالد الشرقاوي أن “الولايات المتحدة لم تقف إلى جانب إسبانيا ولم تدعمها في أزمتها مع المغرب، نتيجة مظاهر الضعف الكبير والتخبط التي أبانت عنها السياسة الخارجية، والتناقض في المواقف والتصريحات لوزيرة الخارجية غونزاليس لايا”.

ويرى مراقبون أن فشل مراهنة إسبانيا على موقف أميركي داعم لها في أزمتها مع المغرب سيعقد مهمتها أكثر خاصة في ظل المواقف المتناقضة التي بعثت بها مدريد.

واعتبر محمد الطيار الباحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية أن “اعتراف وزيرة الخارجية الإسبانية  بخصوص الموقف الأميركي واصطفافه إلى جانب المغرب، في الأزمة الحاصلة، وفشل رئيس الوزراء الإسباني في تنظيم لقاء مع الرئيس الأميركي جو بايدن، يجعل إسبانيا في موقف أكثر ضعفا”.

وأوضح الطيار أن “تصريحات غونزاليس، بعد إعلان الولايات المتحدة عن اعترافها بسيادة المغرب على صحرائه كانت جد مستفزة للمغرب وواشنطن أيضا، ويبقى السبيل الوحيد أمامها أن تصحح علانية سياستها الداعمة للانفصال في الأقاليم الجنوبية المغربية”.

وظهر عدم اهتمام واشنطن بموقف مدريد بوضوح عند لقاء بايدن برئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، العرضي على هامش قمة حلف شمال الأطلسي التي عُقدت قبل أيام في بروكسل، والذي دام لعشرين دقيقة، حيث لم يبد الرئيس بايدن، أي اهتمام لبحث الموضوع مع الطرف الإسباني.

وتعتبر هذه المرة الثانية التي تلجأ فيها إسبانيا إلى الولايات المتحدة لحل نزاع مع جارتها الجنوبية، بعد المرة الأولى في 2002 خلال أزمة جزيرة ليلى.

وفي حوار مع عدد من وسائل الإعلام الأحد قالت غونزاليس لايا “نفهم تماما أن المغرب لديه حساسية كبيرة بشأن هذه القضية، نريد حلا تفاوضيا في إطار الأمم المتحدة، وفي هذا الإطار، نحن على استعداد للنظر في أي حل يقترحه المغرب، مع الأخذ في الاعتبار أنه ليس من مسؤولية إسبانيا لعب دور الوساطة، لأن هذا الدور يجب أن تقوم به الأمم المتحدة”.

ومع تفاقم الأزمة مع المغرب، عبرت غونزاليس لايا عن رغبتها في التفاعل مع أي مقترح يقدمه المغرب بخصوص قضية الصحراء، معربة عن أملها في طي صفحة الخلافات بين مدريد والرباط.

ويرى مراقبون، أن سياسة الحكومة الإسبانية تجاه المغرب متناقضة وغير ثابتة، لهذا سيكون المغرب حذرا في التعاطي مع أي مبادرة للوساطة سواء من داخل إسبانيا أو خارجها لإنهاء الأزمة الثنائية، خاصة مع الثقة المفقودة في وزارة الخارجية الإسبانية.

Thumbnail

وبعد تصعيد المغرب موقفه تجاه إسبانيا خاصة بعد إدخال زعيم جبهة البوليساريو، إلى الأراضي الإسبانية بشكل سري وبهوية مزورة، لجأت مدريد مؤخرا إلى تليين موقفها تجاه قضية الصحراء، حيث قالت وزيرة الخارجية الإسبانية بأن بلادها تريد حلا تفاوضيا في إطار منظمة الأمم المتحدة، وأنها على استعداد للنظر في أي حل يقترحه المغرب.

ولفت الطيار إلى أن “كلام وزيرة خارجية إسبانيا يدخل في دائرة محاولات مدريد لتجاوز الأزمة الدبلوماسية مع المغرب، الذي أصبح يطالب الدول الأوروبية بالخروج من نطاق ازدواجية الممارسة والخطاب في قضية الصحراء، وأن مجرد الترحيب بمقترح المغرب المتعلق بإقامة حكم ذاتي، لم يعد يكفي”.

وأوضح الطيار أنه “بعد الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على صحرائه، وبعد التغييرات التي عرفتها التوازنات في المنطقة أصبح المطلوب من الدول الأوروبية خاصة إسبانيا وفرنسا تحمل مسؤوليتهما التاريخية في جذور المشكل، والخروج من المنطقة الرمادية  للحفاظ على المصالح المشتركة”.

واعتبرت غونزاليس لايا، في تصريح يعكس تناقض الموقف الإسباني أنه ليس من مسؤولية إسبانيا التوسط في النزاع حول الصحراء المغربية، لأن هذا الدور يجب أن تقوم به الأمم المتحدة، وأن هناك إرادة إسبانية للخروج من الأزمة في أسرع وقت ممكن والعمل من أجل خلق مساحة ثقة يمكن من خلالها إعادة توجيه العلاقات الثنائية بين البلدين.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: